نصر المجالي :من يتعمد توريط الملك عبد الله الثاني؟!
الخميس-2011-09-14

جفرا نيوز - جفر نيوز- نصر المجالي
لفشل ما مترسخ في عقولهم واذهانهم.. ولضبابية تحجب عنهم رؤية المستقبل بشفافية ومكاشفة مع أنفسهم أولاً ومع المحيط ثانياً،، ولجهل عميق مستبد في استقراء الواقع والمستقبل،، فإن من هم في محيط العاهل الهاشمي الملك عبدالله الثاني يتورطون ويورطونه ويورطون معه شعبه وكذلك وسائل الإعلام الرسمية والمقرؤة والمسموعة والمرئية ثم ينفضون ايديهم من "جريمة" دابوا على اقترافها في حق الملك أولاً وشعبه ثانياً والراي العام العالمي ثالثاً ورابعاً .. حتى صار كلام الملك عبدالله الثاني غير ذي رد فعل فاعل على الساحات الدولية وفي وسائل الإعلام الخارجية.
نسوق هذه المقدمة بعد التصريحات التي صدرت عن الملك خلال لقائه مع مثقفين يوم الأحد الموافق 11 سبتمبر/ ايلول 2001 ، حيث طرح في شكل مفاجئ أمام الملأ عددا من القضايا والملفات، وهو في ذلك أدهش الكثيرين ليس لما صدر عنه بل لكلامه عن ملفات جرى حديث عنها في سنوات سبقت وتم طيها، فضلاً عن اقحام الملك للرد على مواقف صدرت من "بعض مواطنيه" كانوا يوماً ما في موقع القرار وخاصة لجهة "الهوية والوطن البديل".
وأولاً، لا بد من سوق ملاحظة خاطفة،، وهي انه كان من المفترض ان لا يتم بث لقاء الملك مع "نخبة" المثقفين كاملا على شاشة التلفزيون المحلي،، اذ في حال كهذه ومن منظور محض اعلامي فانه يترك الامر لمثل هذه "النخبة" هذا إذا كانت قادرة (!) أن تقدم ما سمعته من الملك الى متابعيها من ابناء الشعب عبر تحليلات وقراءات مقنعة بوسائل الإعلام المختلفة. فظهور الملك التلفزيوني بدا وكانه ينتقد علانية جزءا من أبناء شعبه في آرائهم وطروحاتهم،، وهم أيضا "نخبة حقيقة" لها اعتبارها ووزنها شاء من شاء وأبى من أبى،، فغلطة اعلام الديوان الملكي في هذا التقدير كما هي غلطة الشاطر تقدر بـ"مليار وليس بألف" !؟.
** ليست المرة الأولى التي يحشد مستشارو الملك وجماعة ديوانه الملك للرد على تصريح هنا وكلام هناك وبيان اصدرته هذه الجماعة أو تلك على الساحة الأردنية،، لقد سبق ذلك ردود من الملك اضطره لها اولئك الذين حوله من حيث يحتسبون ولا يحتسبون في حال من قُصر النظر الاستراتيجي والإعلامي وعدم القدرة على حشد جبهات اعلامية او سياسية او شعبية للرد بدلا من الملك الذي صاروا " جرجرونه" بمناسبة وبدون مناسبة في ظهور اعلامي مفاجىء من مقامه العالي للرد وأحياناً اما على رداحين أو مواطنين شرفاء تهمهم مصلحة الوطن او على كلام اغلق كلفه وعفا عليه الزمن صدر من البعض.
واضح ان كلام الملك الأخير، في لقائه مع من أطلق عليهم توصيف "نخبة من المثقفين" وهم ممن لم يكن يُسمع لهم راي حين كانوا في السلطة أو لم تقرأ كتاباتهم في حين كانوا يملكون زمام الكلمة قبل أن يشيخوا وينساهم الناس وصاروا في أرشيف التاريخ ومتاحفه، واضح أنه جاء للرد على وثائق ويكيليكس الأردنية.. وهو كلام كان صادرا قبل تسعة أعوام بالتمام والكمال.
أو أنه رد على مواقف لمسؤولين كبار كانوا في دائرة صنع القرار في سنين خلت وتم غلق ملفاتهم بإبعادهم عن صورة الإعلام الرسمي والمناصب كـ"عقاب" كانت نتائجة مؤذية وسقيمة على مجمل التوافق الوطني "أردنياً وفلسطينياً" على ساحة المملكة الهاشمية.
بالتأكيدن لم يكن كلام الملك عبدالله الثاني المفاجىء يوم الأحد، موجهاً لإسرائيل او الولايات المتحدة،، أو أية جبهة خارجية،، لقد كان منصباً وموجها بنبرة لا تخلو من "لغضب والنرفزة وهي ليست من عادات الهاشميين" الى جبهات داخلية اردنية واردنية من أصل فلسطيني بعينها.
الكلام الوحيد الذي كان موجهاً لإسرائيل كان هو التهديد غير المسبوق من جانب الملك لها بالجيش الأردني لو "فعلاً تم تنفيذ مؤامرة ما يسمى الوطن البديل". والوطن البديل هذا "فزاعة" دأب كثيرون على اشاعتها بين حين وآخر وكلما فرغت جعبتهم من تسجيل مواقف سياسية كرد فعل على حدث ما على الساحة الأردنية..
تهديد الملك غير المبرر بالجيش الأردني للرد على "المؤامرة" يثير تساؤلات عن قوة هذا الجيش الذي صار في العقد الأخير حاله حال الدولة الأردنية "جزءا من شركات الاستثمار الخاصة" حتى فقد هيبتها امام مواطنيها وافقدت الجيش رونقه وهيبته وعزته وصار جنرالاته وضباطه وجنوده من مختلف الرتب والمراتب بانتظار منحة مع كل مناسبة دينية او وطنية .. أو على اقل تقدير ترشيح لمهمة خارجية او الانخراط في قوات حفظ السلام للعودة بمبلغ مالي ما يكفي صاحبه غوائل العيش القاسي للتردي الدائم للحال الاقتصادي المنزلق للهاوية في الاردن منذ سنوات رغم الكلام عن استثمارات ضخمة لم تكن الا في احلام صانعي الكلام في دوائر القرار الاردني.
مع معاهدة وادي عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل، نعتقد أن حكاية "الوطن البديل" قد سقطت مرة واحدة وإلى الأبد، وسقطت معها سواء بسواء "جهوزية الجيش الأردني" لخوض معركة حاسمة مع ما كان يسمى "العدو الإسرائيلي" !؟.
نتفق مع الملك حين يقول: يظهر بين فترة وأخرى في الأردن موضوع الوطن البديل "وهذا غير مقبول على الإطلاق، ولا يجوز أن نتحدث بنفس الموضوع كل سنة. هناك من يكبر الموضوع، والخائفون هم الذين يثيرونه"..
ونتفق مع جلالته حين يقول أن الوطن البديل ليس له وجود إلا في عقول ضعاف النفوس، وما يسمى بالخيار الأردني ليس له مكان في قاموس الأردنيين، مؤكدا أن الحديث حول هذا الموضوع هو وهم سياسي، وأحلام مستحيلة.
ولكننا لا نتفق مع مبدا أن يتم الدفع بجلالته للرد على من يثيرون المسالة بين حين وآخر بمناسبة وبلا مناسبة، حيث قال: للأسف هناك أناس كل ما نحاول طمأنتهم يعودون لطرح نفس الموضوع.
** هناك حقيقة واحدة،، في واقع علاقة اسرائيل والاردن عبر التاريخ الممتد منذ مؤتمر الصلح في باريس العام 1919 منذ اول لقاء عربي هاشمي مع قادة الحركة الصهيوينة "لقاء فيصل - وايزمان"،، ثم تاليا مئات اللقاءات التي جرت عبر العالم، وهي قادت الى تصميم الكيانين:
الأردن وإسرائيل،،، الأردن قائم كيانا عربيا متماسكا بكل ما حط على ارضه من المهاجرين والانصار حكاما او محكومين،، وهناك اسرائيل غربا قائمة الى حين بكل ما حط من ناسها واشتاتها وكلا الطرفين موز للآخر في القاء والوجود والاستمرار والديمومة،، الأردن بوابة اسرائيل الى الجوار والعالم العربي والإسلامي "ليس حاميها بالتأكيد" .. ومع هذه الحقيقة الدامغة هناك من يرضى وهناك من يعاند وهناك من يغضب .. وهناك من ظل يتهم الاردن بحماية كيان اسرائيل !! او انه قام لحمايتها !! وتكاثرت احاديث الإفك ،، دون اقراءة للتاريخ ودون استبصار في الامر الواقع والوقائع ماضيا وحاضرا ومستقبلا.
الغاضبون من "هذا التصميم الجيوبوليتيكي القائم بعقود وعهود وتعهدات" عليهم وحدهم مسؤولية الرد والكرة في ملعبهم ،، اذ ليس بوجه حق ومن الغلط أيضاً ان تلقى على عاتق الملوك الهاشميين مهمة التصدي للرد عبر السنين على كل الترهات والتساؤلات ومن ثم "العنعنات" .. على من يردح ويشتم أن يتصدى للرد بوسائله،، فالمنابر كثيرة !. على من هم حول الملوك الهاشميين ايضا التصدي لمهمة "في الرد على الرد" !.
* كان مفترض ان يتجرد للرد على من عناهم الملك في كلامه الاعلام والصحافة في الأردن وأهل الكلمة من منابرهم التي تنام وتنام ليلها الطويل في أشهر من العسل وتصحو "فجأة" لتدبج المقالات والتقارير دفاعا عن الملك وما قاله الملك و... و... ، ثم حين ينتهي السامر تنفض لقضايا اخرى بعيدة عن الأهداف الكبيرة والقضايا الوطنية المثيرة للجدل والنقاش.
* لقد نصّب رجال الديوان الملكي في السنوات الأخيرة ومعهم حشودهم الإعلامية إياها التي لا تتغير وجوهها نصبوا من الملك ناطقاً رسمياً وصحافياً ومعلقاً ومحللاً سياسياً بقي أن يخلو له شاشة التلفزيون المحلي ليقرأ عنهم نشرة الأخبار !؟ أو أنهم في لحظة ما سيجعلون منه مدافعاً عن أخطائهم وخطاياهم في بيت الأردنيين الذي كان شامخاُ وأوغلوا في هدم بنائه ومداميكه التاريخية في السنوات العجاف العشر الأخيرة .. حجراً حجراً وطوبةً طوبةً ولبنةً لبنةً حتى صار موقع الديوان مصدر انتقاد العامة قبل الخاصة بافعال من "يتهاوشون" على "الكعكة" من المكتسبات والميزات والاعطيات والترف غير المسبوق المرفوض.
واضح، ان ممن هم حول الملك سواء في ديوانه من جمهرة "الموظفين" أو من دوائر أخرى تعتّد بدورها في القرار راغبون على الدوام في القفز على الحقائق الماثلة للعيان وتستحق الحسم للعبث بملفات وقضايا لا تستحق التوقف عندها لانها عفا عليها الزمن وصارت جزءا من الماضي.
القضايا الأساس التي هي جوهر مطالب الناس في الأردن واضحة في الاصلاح والحرب على الفساد،، وما دامت هذه المطالب قائمة، فانه يتراءى للبعض بالذهاب بعيدا عن تأكيد استحقاقات هذه المطالب وتثبيتها قبل كل شيء.. لا ان يظل ممن هم حول الملك وفي أجهزة الاستخبارات والمخابرات ومطبلي الاعلام والصحافة من الكتبة والكتاب التابعين لها الخاضعين لتعليماتهم يقفزون على الحقائق او يتعامون عنها ويدفعون بالملك الى تجاوزها رغم انه هو نفسه "داعية إصلاح".
لا يعجب بعض الأجهزة أن يلامس الملك بعض مطالب شعبه في تدشين إصلاح حقيقي، وبالتأكيد لم تعجبهم مبادراته نحو قراره في شأن التعديلات الدستورية، ولهذا رفعوها اليه عبر لجنتها من دون تمحيص او تدقيق او قراءات عميقة متعمقة حتى لا تخرج كما خرجت بها قبل اسابيع في الاختفال الرمضاني "شوهاء عرجاء عوراء".
منذ سنتين كتبنا هنا، ما اصعب ايام الأردن، وكان الله في عونك ايها الملك الهاشمي المقدام. ولانامت أعين كبار مسؤولي الدولة ... وديكة "برلمان العبدلي" المتصارعين على الجاه والوجاهة المفرغة من المضمون والمعنى !؟ ، ومرة قلنا "ان علّة الملوك الهاشميين في مستشاريهم"،، فقامت علينا الدنيا ولم تقعد،، واتهمونا بأننا نشتم الملك ونتطاول على مقامه السامي !.
صارت الاتهامات تلبس كل يوم لبوساً مختلفاً في عمّان .. وصارت الرصاصات الاتهامية الطائشة تصوب بدقة او من دون دقة من جانب رجالات الديوان ومن انصارهم في جهاز المخابرات والكتبة لكل صاحب راي جريء صادق صدوقاً مخلصاً للشعب والملك والوطن سواءً بسواء. صار الدفاع عن أهل الفساد سيد الموقف في عمّان حتى بات الناس يتساءلون .. وعمّ يتساءلون عن من يحمي الفاسدين في الأردن !؟.
*** كان الله في عونك ايها الملك الهاشمي وكان الله في عون الأردنيين معك ! فلقد اكثروا عليك النخب من حواليك،، مرة نخب اعلامية واخرى ثقافية وثالثة اجتماعية وعداها عشائرية،، فأوغلوا تقطيعاً في الجسد الأردني وانت يا صاحب الجلالة تقول: الوحدة الوطنية خط أحمر !!
* وهنا نستدرك مخاطبة المتنبي لسيف الدولة الحمداني: ما خلا الروم إن خلفك روم .. فعلي أي جنبيك سوف تميل !؟ .. يحكى ان في الديوان الملكي راهنا من هو "متنبى العصر" فلماذا لا يجروء على القول الحسم والنصيحة النصوحة !؟

