للحكومة :" الحس سياسي " روح للقرار, وإلا فهو ميت!
الأربعاء-2019-02-06

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - شحاده أبو بقر العبادي
عندما نتحدث عن دولة ووطن وشعب , فإن " الحس السياسي " المرافق لإتخاذ أي قرار عام , أمر غاية في الأهمية , لا بل هو روح القرار إن جاز الوصف , وغيابه بالتالي , يعني أن القرار الفاقد لحس سياسي معمق وذكي , هو قرار " ميت " قبل أن يولد , والسبب أن أثره سلبي جدا , حتى لو كان مضمونه إيجابيا ! .
مناسبة هذا الكلام , هي ردة الفعل السلبية الواسعة التي رافقت قرار التعيينات الجديدة , والتي إستوجبت حتى تدخل جلالة الملك شخصيا لجلاء الصورة .
لست من خصوم الحكومة وأحترم شخوص رئيسها وأعضائها, لكننني وكمتابع , لاحظت غياب الحس السياسي في قرارين حكوميين على الأقل حتى الآن , وهما بالتراتبية :
أولا : جاء قرار التعيينات الجديدة المستفزة للرأي العام , متزامنا مع حالة سرور تعيشها أسر أردنية كثيرة فرحا بالشروع في تطبيق بنود قانون العفو العام , وخروج أبنائها ومعيليها من السجون , وبدا الأمر كما لو أن هناك من تعمد إفساد فرح الناس بالعفو العام أو التشويش وصرف الأنظار صوب ما هو سلبي مثلا ! .
ثانيا : زمنيا كان يمكن تأجيل قرار التعيينات لبعض الوقت لإتاحة الفرصة للناس كي تفرح ولو مرة , ولعدة أيام , وكان يمكن تمريرها إن كانت مفروضة , تباعا وليس دفعة واحدة في يوم العفو ! , والأكثر أهمية من كل هذا , هي حتمية وضرورة تقصي ما إذا كان للمعينين أقارب مقربون يشغلون مواقع قيادية مثلهم , إنسجاما حتى مع مبدأ تقاسم الغنائم إذا ما كانت المناصب الرسمية غنائم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثالثا : القرار الثاني وقد أحدث وقعا سلبيا مماثلا , كان قرار تخفيض ضريبة المبيعات على عشرات السلع , وهو قرار إيجابي كان يمكن أن يحظى بإرتياح ولو بقدر ما بين أوساط الناس , لكنه غدا محط سخرية وتندر , عندما أعلن كما هو كاملا متضمنا السلاحف والأفاعي وما شابه ! .
لو توفر حس سياسي مرافق للقرار , لحذفت السلاحف والزواحف والأفاعي من متن النسخة المرسلة للإعلام , وأكتفي بنشرها في الجريدة الرسمية مثلا وفي وقت متأخر نسبيا .
للقرار الحكومي خارج نطاق مضمونه , شروط يحددها الحس السياسي لمصدريه ومرسليه إلى الإعلام , وهي , توقيت نشره , كيفية نشره , ظروف نشره وإرتباطها بكل ما يدور في البلد , وإستشراف رد الفعل الذي سيواجهه , ثم مدى الجاهزية للدفاع عنه , أو حتى العودة عنه إن أحدث آثارا مجتمعية سلبية .
هكذا هي صيرورة القرارات الحكومية , وهكذا هو " الحس السياسي الذكي " الذي يجب أن يرافق كل قرار يتخذ ومهما كان نوعه , وأيا كانت الجهات المستهدفة بأثره , وإلا فهو قرار عشوائي غير محسوب النتائج من جهة , ومن السهل أن تكون عواقبه سلبية حنى لو كان صائبا ومفيدا , تماما كما هو حال القرارين المشار إليهما أعلاه . الله من وراء القصد .

