النسخة الكاملة

عقد مؤتمر وطني النقابات .. الى الواجهة مجددا

الثلاثاء-2019-01-22
جفرا نيوز - جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
بشكل مفاجئ وغير متوقع جاء اعلان النقابات المهنية عن عزمها عقد مؤتمر وطني لوضع بدائل وحلول للمشاكل والقضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعاني منها الوطن، خبر مفرح للكثيرين الذين يرون في النقابات المهنية بديلا للأحزاب السياسية التي ما زالت تائهة مرتبكة تعاني من انعدام الوزن والتأثير، هاجسها الوحيد الوصول إلى البرلمان والمشاركة في السلطة وذلك كما عبرت عنه في اجتماعها الأخير.
مبادرة النقابات لعقد المؤتمر تأتي تأكيدا للدور السياسي الذي درجت على القيام به والذي تجلى بشكل واضح في إطلاق حركة الاحتجاجات والاعتصامات التي أعقبت إقرار قانون ضريبة الدخل المعدل، وفي المواقف المناهضة للتطبيع مع إسرائيل وخاصة ما يتعلق باتفاقية استيراد الغاز.
المثير في مبادرة النقابات الاخيرة أنها تمثل نقلة نوعية من المعارضة التي تكتفي برفض السياسات والطروحات الحكومية، إلى محاولة تقديم البدائل والحلول للقضايا التي يعاني منها الوطن في مشهد يذكر بحكومات الظل التي تشكلها أحزاب المعارضة في الديموقراطيات الراسخة والتي تقدم رؤية مختلفة لادارة شؤون البلاد، تكون برنامجا متكاملا وجاهزا تخوض الانتخابات بناء عليه وتباشر الحكم بموجبه في حالة الفوز.
من المبكر جدا الحكم على هذه المبادرة قبل إستكمال التحضيرات المتعلقة بها، إلا أن العديد من الأسئلة تطرح نفسها بقوة والحاح في هذا المجال، فهل نحن أمام مجرد تظاهرة يغلب عليها الجانب الاستعراضي سوف تضاف إلى العديد من المؤتمرات والندوات وورشات العمل التي تتحول إلى منابر لانتقاد السياسات والإجراءات الحكومية فحسب، أم نحن أمام جهد مختلف سيتم التحضير له بعناية لن يكون هدفه الأول مهاجمة الحكومة والانتقاص من جهودها وإنما المساهمة بطرح الأفكار والبدائل التي تساعد الحكومة والوطن للخروج من المأزق الحالي، وهل ستقتصر تحضيرات مجلس النقباء على التجهيزات اللوجستية والتنظيمية لجلسات "عصف ذهني" brain storming يشارك بها مختصون وغير مختصين، تخرج بتوصيات ذات صياغات عامة فضفاضة لا قيمة فعلية لها، تضاف إلى المخزون الهائل منها التي تقبع على الأرفف وفي الادراج، أم أن المؤتمر سيكون خاتمة جهد كبير يتم فيه عرض ومناقشة مشروع متكامل سيتم اعداده من قبل خبراء ومتخصصين سيمثل في حال إقراره خارطة طريق بديلة لحل مشاكل البلد المزمنة.
قضية مهمة ينبغي الاشارة اليها وتتمثل في اختلاف التوجهات السياسية والمرجعيات الاقتصادية والاجتماعية لهذه النقابات، ومدى تأثير ذلك على توجهات المؤتمر ومخرجاته، خاصة وأن أية مقترحات أو سياسات جديدة ستكون ذات محتوى اقتصادي اجتماعي فنحن لسنا أمام مؤتمر علمي أو رياضي أو ثقافي ...!
لا يخفي مناصرون للحكومة ارتياحهم لمبادرة النقابات، من منطلق أنها ستصب في مصلحة الحكومة أيا كانت النتائج والمخرجات لهذا المؤتمر، فهو سيضع الكثيرين ممن أدمنوا معارضة السياسات الحكومية مباشرة ووجها لوجه أمام التحديات الهائلة التي تعاني منها الدولة وخاصة ما يتعلق بالملف الاقتصادي، وسيجد المؤتمرون أنفسهم أمام نفس البدائل المحدودة المتاحة إمام الحكومة، فإذا استطاع المؤتمر الخروج بأفكار وحلول خلاقة فذلك سيمثل عونا وخدمة للحكومة في جهودها الحالية للخروج من عنق الزجاجة، وإن انتهت المداولات بمقاربات شبيهة ببرامج الحكومة ومبادراتها فذلك نصر للحكومة إيضا يؤكد سلامة نهجها واجراءاتها، وإن اختتم المؤتمر جلساته وحواراته دون التوصل إلى بدائل وحلول مقنعة، فذلك سيقوي ويدعم موقف الحكومة أمام معارضيها.
ننتظر بفارغ الصبر نتائج الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر والتي سوف تحدد ملامح هذا الحدث المهم وتجيب عن الأسئلة آنفة الذكر وأسئلة أخرى غيرها، وإن غدا لناظره قريب.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير