النسخة الكاملة

صندوق دعم الطالب، المسافة بين النظام والتعليمات

الثلاثاء-2019-01-08
جفرا نيوز - جفرا نيوز ـ علي طه النوباني
من المفترض بالتعليمات التي تضعها الحكومة أن تفسر وتفصل الأنظمة التي تنبثق عن القوانين، لكنَّ الواقع لدينا مختلف تماما، فالتعليمات لا تأتي بالضرورة لتحقق الهدف الذي وضعت من أجله الأنظمة؛ وإنما لتصنع هامشاً واسعاً للحركة لصاحب القرار معتمدا بذلك على عدم قدرة الناس على متابعة التفاصيل وتدقيقها، وعدم قدرتهم على الحصول على المعلومة.
تشترط المادة 9 من نظام صندوق دعم الطالب في المستفيد أن يكون غير قادر على تسديد الرسوم الجامعية ( نظام صندوق دعم الطالب في الجامعات الأردنية الرسمية رقم 45 لسنة 2010).
وتأتي التعليمات لتحديد معايير الاستفادة من الصندوق وهي على النحو التالي:
أولاً: الدخل: حيث تعتمد فقط على الوصول إلى الرواتب الحكومية ورواتب المتقاعدين لحساب دخل الطالب دون الذهاب إلى أبعد من ذلك كالتأكد من عدم وجود سجل تجاري لمصلحة معتبرة مثلاً أو امتلاك عقارات وأبنية مؤجرة وغير ذلك من وسائل التحقق، وهكذا يكون من الوارد جدا تقديم منح أو قروض لطالب يمتلك والده مصنعاً كبيراً أو مطعما سياحيا مصنفاً أو عمارة تحتوي على عدد كبير من الشقق المؤجرة، ويأخذ بذلك فرصة طالب يعيش مع أسرته على تقاعد زهيد لا يزيد في أحسن الأحوال على 350 دينار.
إنَّ وجود راتب تقاعدي زهيد ليس مؤشراً كافياً لعدم القدرة على دفع الرسوم، فهنالك من لديه راتب تقاعدي ويعمل عملا آخر ويدفع اشتراكاً عالياً للضمان الاجتماعي ليحصل على تقاعد مرتفع، ومن السهل على الحكومة معرفة ذلك بورقة صغيرة من مؤسسة الضمان الاجتماعي.
وحيث أن المقدرة على دفع الرسوم هي الأساس فلا بدّ من تحديد الوضع المالي للمستفيد بطريقة أكثر دقة، ورفع العلامات الخاصة بمعيار الدخل، ووضع حد أعلى للدخل الذي يمكن أن يستفيد من المنحة أو القرض لأن الهدف هو مساعدة الطالب غير المقتدر.
ثانيا: التفوق الأكاديمي: لقد اعتمد التفوق الأكاديمي أرقاماً مجردة هي المعدل بغض النظر عن العلامة المعيارية لكل تخصص ولكل جامعة فذهبت أغلب المنح والقروض للتخصصات الأدبية والاجتماعية لأن معدلاتها أعلى عموما، كما تم منح التفوق 400 علامة تحتسب حسب المعدل الأكاديمي وهو معيار معقول لو أنه تمَّ وضع معايير دقيقة لحساب الدخل ووضع علامات أعلى للدخول الأدنى. فمن الواضح أن واضع التعليمات أراد استبعاد الدخل من المعايير لكي يتمكن من دعم نفسه ودعم محاسيبه.
ثالثا: مكان الإقامة: حيث يمنح المقيم في اللواء الذي يدرس فيه 25 نقطة ويمنح 50 نقطة إذا كان في لواء آخر و75 نقطة إذا كان في محافظة أخرى و 100 نقطة إذا كان خارج الإقليم. والحقيقة أن الحديث عن الأقاليم يجلب المغص والصداع، فبالنسبة لنا في جرش ماذا تختلف عمان وهي في إقليم الوسط عن إربد وهي من إقليم الشمال، هل هنالك قطار مثلا يربط جرش بإربد، أم أن تسعيرة الوقود في إقليم الشمال أرخص منها في الوسط، وما هي الميزة التي يحصدها ابن جرش عندما يدرس في اربد عن عمان؟
رابعا: صندوق المعونة وقد تم منح الطالب الذي يتقاضى أهله من صندوق المعونة الوطنية 100 نقطة، وهو أمر مقبول.
خامساً: جيوب الفقر: وقد تم منح الطالب الذي يقيم في جيوب الفقر أيضا 100 نقطة، والسؤال هنا، إذا كان هذا المقيم في جيب الفقر فقيرا فلماذا لم يأخذ من صندوق المعونة، والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه بقوة: أليس هنالك أغنياء يسكنون في جيوب الفقر؟ 
فحتى النيجر الذين يلهمون التراب من الفقر فيها أغنياء، هل يقاس الوضع المالي للناس بهذه الطريقة العبيطة في زمن المعلومات والحوسبة.
سادسا: عدد الإخوة في الجامعات: وهو معيار مقبول إذا ما تم تحديد الدخل بدقة، ووضع حدّ أعلى للدخل الذي يستفيد من المنح والقروض.
وهكذا نلاحظ أن التعليمات قد هربت من الهدف الأساسي لنظام صندوق دعم الطالب وهو دفع الرسوم للطلاب غير القادرين على دفعها، فلم تضع حداً أعلى للدخل ولم تتقصَّ معرفة الدخل الحقيقي للعائلة ، وأضافت نقاطا وهمية لجيوب الفقر.
الأنكى من ذلك أن المادة 18 من تعليمات صندوق دعم الطالب تنص على أن الوزير يشكل بناء على تنسيب الرئيس لجنة من بين موظفي الوزارة لدراسة الحالات الإنسانية والتي بدورها ترفع تقريرا للوزير الذي يتخذ بشأنها قرارا نهائياً حسب المادة 19من التعليمات نفسها، والحقيقة أنني جربت مرة اللجوء إلى هذا البند لكنَّ المسؤولين هناك تجاهلوه تماما وكأنهم لا يريدون فتح باب على تعليماتهم الفضفاضة التي لا تحقق هدف نظام صندوق دعم الطالب في الجامعات الأردنية الرسمية رقم 45 لسنة 2010 حسب رأيي.
وإنني أتوجه لمن يضع التعليمات لتفسير قانون ما أن يتقوا الله فيما يفعلون، فالقاضي عندما يصدر حكماً ظالما يظلم شخصاً واحدا أو عشرة أشخاص على الأكثر، أما واضع التعليمات التي تلتف على النظام الذي صدرت بموجبه فهي تظلم آلاف الناس وتغتصب حقوق الآلاف، والظلم مرتعه وخيم يا واضعي التعليمات ويا من تأكلون حقوق المسحوقين والفقراء.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير