النسخة الكاملة

محمد داودية ... الرجُل

Friday-2018-12-20 03:25 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب : عمر المحارمة منذ أزيد من عشرين عاماً كنت مأخوذا بصورة وزير الشباب آنذاك الذي كان يقف وسط جماهير منتخب النشامى في البطولة العربية رافعا يديه إلى أقصى مداهما مشجعا وهاتفا "أردن أأأأردن ..هوهو"، فلم يكن مألوفا أن نرى الوزراء بمثل هذه الوضعية، وكان الانطباع التقليدي عن الوزراء مغلف بجمودهم و صلابتهم أمام الانفعال. ظلت الصورة تلك لـ محمد داودية بـ "التي شيرت" الأبيض ملازمة لانطباع شخصي لدي بأن هذا الرجل شخصية غير اعتيادية، ولم يكتب لي أن ألتقية أو أعرفه عن قرب طيلة تلك السنوات، لكنني كنت باستمرار أقرأ ما يكتب عنه في محطات خدمته اللاحقة، وزيرا للسياسة و سفيرا في عدة دول عربية و أجنبية، فأزداد إعجاباً بالرجُل. بعد ولوجي للعمل الصحفي تكرس ذلك الانطباع و أنا أستمع من زملاء الرعيل الأول لقصص وحكايات وخبايا عملهم في ثمانينات القرن الماضي، فالوصف الذي كان ذلك الرعيل يجمع على إطلاقه عند الحديث عن "أبو عمر" أنه "رجل". قبل أقل من خمس سنوات، كان اللقاء الأول الذي جمعني بالصدفة بداودية في منزل الراحل العزيز و الكبير سعد السيلاوي، وكنا ليلتها نحتفل بعودة سعد من رحلة علاجه في كندا، توالت بعد ذلك لقاءاتي بداودية وكنت مع كل جلسة أشاركه إياها تتعزز قناعتي بوطنية الرجل و إخلاصه و تفرده بالعديد من الخصال و المزايا. ففي كل جلسة كنت أسمع منه حكايا عاشها في شوارع المفرق و حواري معان و أزقة عمان وجبال الطفيلة، وكان حديثه عن أيٍ من تلك الأمكنة يحمل وجدا وحبا يعكس بوضوح كيف تتكون الشخصية الوطنية التي تعتز بأصلها و جذرها لكنها لا تتقوقع فيه بل تمد أغصانها لكل المحيط الذي يحتويه. في سحاب حيث ولدت و نشأت تشكلت لداودية صداقات طويلة و عريضة، حتى أصبح وجها مألوفا في أفراح أهلها و أتراحهم وتبادل مع الناس هناك محبة خالصة غايتها هذا الحب و لا شيء غيره، وقد لا أبالغ بالقول أن داودية أسهم إسهاما طيبا في تشكل بعض الصالونات السياسية في سحاب كجزء من امتداد أواصر المحبة و الصداقة بينه وبين مجموعه من أبنائها، و حمل هم سحاب و أهلها كواحد من أبنائها. كتب محمد داودية أكثر من مرة عن هم سحاب و احتياجات أهلها و حمل ملف التهميش الذي تعيشه الى كل لقاء كان يرى أنه مناسب لوضع هذا الهم على جدول أعماله، وفي كل مرة كتب فيها داودية كنت أشعر بأني مدين له، لكني كنت أرى أننا إذ نرد له هذا الموقف حبا و إحتراما يكفيه لأني أثق ان هذا الحب كانت غايته الوحيدة... فكل الحب أبا عمر.  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير