النسخة الكاملة

عن المخابرات

الخميس-2011-08-16
جفرا نيوز - جفرا نيوز- عبد الهادي راجي المجالي- لم نعتد في الصحافة قديما على نقد مدير المخابرات العامة أو الكتابة اليه ..وأتذكر اني ذات مرة حظيت بأعتقال طويل الأمد لأني كتبت عن البطيخ وفسر الأمر على غير محله .

ولكني سأكتب هذا الصباح لمدير المخابرات العامة الفريق محمد رثعان الرقاد , في باب الود والعتب وربما النقد, وأجزم أننا في الرأي نمر بمرحلة لم يعد فيها للخجل مكان, ولا للكوابح محل في السطور ولم يعد لأساتذة اللغة العربية ..دور في اجازة المقال .

التعديلات الدستورية الأخيرة ومناخ الانفتاح الصحفي ومناخات الرفض التي تعم الشارع لا تعني أبدا رفع يد الجهاز الأمني عن استحقاق مهم وهو ضبط ايقاع الحياة ...ومساندة القرار السياسي ...وأنت تدرك عطوفة الباشا أن التيار الكهربائي حين يسري في (سلك) يحتاج لحماية وديمومة ودفع وجهاز المخابرات العامة كان يحمي القرار عبر الأستشارة وسريان التنفيذ وبالتالي حماية هيبة الدولة ..والسلطة التنفيذية ....

الأمر الاخر الاهم هو أن بعض الجهات صارت تفسر التعديلات الدستورية الأخيرة وما يسمى بربيع الثورات العربية ...على أنها صحوة شعوب ضد أجهزتها الأمنية ..ولم تدرك أن للثورة مسارات خطيرة ليست كلها ايجابية والشارع العربي للاسف ما زال يغفل عن أول مشروع اصلاحي نادى بمثل ما نادى به الشارع العربي في العصر الحديث عبر الحرية وأطلاق الأحزاب ورفع يد الوصاية وأقتصاد السوق وهيمنة الحزب الواحد وهو (البروسترويكا) ..والذي دعا له (غورباتشوف) فكانت نتيجته انهيار الاتحاد السوفيتي ...وبروز دول الكتلة الشرقية كعالة على أوروبا ودول تمارس دور المتسول ....وتستطيع سيدي الباشا أن تقرأ مشهد أعدام (نيكولاي تشاوشيسكو) الرئيس الروماني ومشهد أعدام حسني مبارك ولا يوجد فارق بين الرمي بالرصاص واحضار رجل مريض الى المحكمة .....ولا أظن أن هناك فارقاً بين (تيمشورا) المدينة التي أشعلت شرارة الثورة في رومانيا وبين ميدان التحرير في مصر ...القصة ليست في خلع الرئيس ولكنها في بنية الدولة فرومانيا لم تعد للحاضنة الدولية كما كانت ..بل اصبحت دولة عادية في مناخ أوروبي لا يقبل سوى الأقوياء .

وأنا خائف على مصر ودور مصر .

سيدي الباشا ..أنت تدرك ان ثمة قوى مكشوفة وقوى خفية على الساحة الأردنية تريد اقصاء دور المخابرات العامة من المشهد ..وبحكم تاريخك المشرف في مكافحة الأرهاب ..وفي التعامل مع الحركات الاسلامية تعي جيدا أن الأخوان المسلمين في الأردن هم في طليعة هذه القوى ...ويؤرقني سؤال سيدي ..هل القضية لدى الجماعة الاسلامية حقا هي قضية اصلاح ورغبة فيه أم أنها ...- كما قلت في مقال سابق- مجرد (بروفات) هدفها التحشيد لثورة قد تنطلق في الأراضي الفلسطينة قريبا ..وتشكل زخما شعبيا هائلا لهم على الساحة وبالتالي قد يمارسون ضغوطا على السلطة السياسية لا تبدأ بألغاء معاهدة السلام ولا تنتهي..بضم الضفة الغربية .

أن الاسلاميين في الاردن لم يوحدهم ولم يصنع زخمهم سوى عنوان واحد وهو فلسطين ..وربما أنقضاضهم في هذه المرحلة على أجهزتنا الأمنية ومجاهرتهم بنقدها أو توجيه الهتافات السلبية لشخصكم الكريم على دوار الداخلية ..لا يتعدى كونه جزءاً من برنامج لم تكن الساحة الأردنية هدفه وأنما الضفة الغربية تماشيا مع نهج حماس التي أقصت فتح من غزة وبالتالي يكتمل المشروع عبر تحالف أسلامي أردني- حمساوي لاقصاء فتح من الضفة ايضا والحلول مكانها.

دعوات مشبوهة تلك التي تدعو الى كف يد الأجهزة الأمنية عن ضبط الايقاع ...ومن يرخي أذنه لها سيكون مستقبلا شريكا في تفتيت الساحة الأردنية وتنفيذ مخطط تصفية القضية المركزية على حسابنا ..لهذا أنا أدعوك سيدي الباشا ....لأن تدرك أن نزوات الشارع الأردني وغضبه لا تعني أبدا كف يد المؤسسة الامنية عن ضبط الأيقاع والرتم ..

كان مقررا سيدي الباشا حين انهيت الجامعة الأردنية أن التحق بسلك المخابرات ...وذات صباح حين أفقت على حقيقة أني كاتب ويملك قلما وله حضور بسيط في الشارع ..أتهمت من بعض رفاق الدرب بأني (مصدر) وقاتلت في حياتي كي أنفي عن نفسي وقلمي تلك التهمة ..ولكني الان خائف وقلق وتعب من المشهد ...ولن أتوانى أن أكون جنديا بدون رتبة في هذا الجهاز ..لاننا في لحظة ارخاء للقبضة الأمنية الناعمة في الاردن تبين لنا حجم الحقد على هذه الأجهزة فمن يريد تدويل قضية ضرب الصحفيين ... الى مراهقين ...يطلقون هتافات مسيئة ضد العسكرية الاردنية النجيبة الى ...كتابات عابرة في صحف عابرة بدأت تعلم الجنود كيف يحمون الوطن ...وتبين لي في ضباب المشهد أن الجهاز الأمني الاردني وبالتحديد جهاز المخابرات العامة مستهدف في الدور والمسلك ... لهذا وبعبارة بسيطة وناعمة ...لا أنظر الى تخفيف القبضة الأمنية على أنه يقع في باب اطلاق الحريات ...كون الحريات تمنح لمن يملك مشروعا وطنيا داخليا.. ويجالس الغرب ويصارحهم فذاك يقع في باب التخاطر مع جهة أجنبية وثمة نصوص في قانون الأحزاب تفسر الأمر .

في تاريخنا أستطاع جهاز المخابرات أن يحمي الدولة عبرفلترة القرار السياسي واستطاع ..أيضا – وتلك أهم انجازاته – أن ينظف الساحة الأردنية من السلاح في يد من كان يريد استخدامه ضد الدولة ..وأستطاع أيضا أن يمنع من أستعمال حدودنا كمنطلق لعمليات هدفها أشعال تلك الحدود ..واستطاع في سنوات عجاف وقاسية ...أن يقدم لصانع القرار معلومات غاية في الاهمية تجعله يتخذ مسارات للدولة تحفظ وجودها والان ثمة شهية مفتوحة لدى البعض تريد تحطيم وتحجيم هذا الجهاز ...وهل يقوى الأنسان على الرؤية بدون عيون ...وأجزم أن المخابرات هي عيون الدولة والحواس الخمس التي تستشعر الخطر والحياة .

ذاك المنصب وديعة والله وهبك أياها وأبناء البدو والفلاحين يصونون الوديعة ....واظنك سيدي الباشا مثلنا فيك من القلق ما فينا ..فحمى الله ذلك الجهاز وأعانه على المرحله.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير