فضاء الاردن الالكتروني
الخميس-2018-09-26 11:42 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د.إيڤا رياض حداد
يعج فضاء الاردن الالكتروني باشارات وترددات وشعارات باتت تتجاوز مرحلة حرية التعبير الفردي عن الراي وحرية الصحافة والقلم وحرية الانضواء تحت خط سياسي او فكري معين او حتى حرية مشاركة الافراد لاعمالهم وانجازاتهم والتي يشاركونها بهدف لا بد وانه يتجاوز هدف المشاركة ضمن هذا الفضاء.
يتداول معظم فضاء الاردن الالكتروني اليوم من خلال افراده على مختلف اطيافهم تفاعلات تستعيض عن مواجهة ازمات الواقع واستنباط الحلول بالاكتفاء كحسابات رقمية بالتعليق الازدرائي والاصطياد الالكتروني من جهة او التبذير الاستعراضي والاستفزاز الالكتروني من جهة اخرى.
في مجتمع ضيق نسبيا كالمجتمع الاردني، من السهولة ان يتاثر في اقل اللحظات توقعا بحالة من ردات الفعل غير المسبوقة كما سبق وشهد الدوار الرابع من حال، فان هذه الحالة اذ تعبر عن انذار لانفصال مجتمعي وركوب موجة الاستهتار بالصالح العام. فالشارع واقعيا وصل الى حالة غير مسبوقة من الاستياء متكئا على سلسلة الاحباطات المتتالية التي كلما وجد المواطن نفسه يستقبل زيحا من نور ازدادت عتمته ظلمة وبات اكثر جهلا بالمستقبل.
بالنظر ومتابعة تحركات الفضاء واستقراء الواقع بناء على ذلك يتبين لاي متابع عاقل ان ما نحن عليه الان ليس بحالة طبيعية لمجتمع متوازن مما لا ينذر الا بامرين: اولا الاستهتار الشعبي والرسمي بالرأي والصالح العام وكأن في ذلك نوع من عدم الكفاءة في ادارة الازمة وذلك بلا شك يعود الى عظم حجم الازمة والتاثيرات الخارجية عليها وتعقدها الى جانب خيوط معقدة وسحرية اخرى لا يبدو ان يتم الافصاح عنها قريبا الى جانب تحركات تتناقض مع الواقع كما لو كانت تعاكسه عن سبق اصرار. والثاني تهديد البؤرة الاساسية في متانة وتماسك النسيج الوطني والذي ما لم يتم تدارك اهمية الالتفات الى مقومات هذا التماسك والتوقعات التي ينتظرها المجتمع حتى يستمر باستكمال وظيفته كعنصر حيوي في استدامة الاستقرار فسيكون هو الوقت الملائم لان تعلو اصوات لم نعتد على سماعها في ايصال صوتها الكترونيا وكسب اّذان صاغية تكون في المستقبل القريب داعما اساسيا لبداية حل النسيج وتفكيك الخيوط والدخول في نفق مرعب تكون فيه الاصوات اكثر استقواء واشد تاثيرا في توقيت غير صحيح وذلك ردا على تفعيل غير صحيح بالمقابل لحالة وطنية بحاجة ان تكون اكثر انصاتا للاكثر ضعفا والاقل حيلة على الارض حيث انها الاكثر تذمرا والاسهل اصطيادا على شبكات العالم الافتراضي وليس العكس.
يبدو وان الفضاء الالكتروني اكثر سوادا من واقع الحال الا انه اكثر واقعية واشد دقة في تفسير حقيقة مجرى الامور وتوجهها من الواقع ذاته. لا نريد ان نكتفي بتحليل تشاؤمي عن واقع افتراضي ولكن نريد كمواطنيين -نتحلى بدرجة لا باس بها من الوعي- ان نتابع الكترونيا شيئا اكثر احساسا بالمسؤولية واكثر استيعابا لنواقص الواقع وللحاجات والتوقعات التي تجعل من المواطن قادرا على ان يرى من نفسه ومواطنته هدفا وليس وسيلة في ضوء سلسلة من القرارات والاجراءات والقوانين على ارض الواقع تكاد تكون ابعد ما يكون عن ذلك.

