النسخة الكاملة

الشرفات يكتب : طاهر المصري .. قراءة منصفة !

الإثنين-2018-04-02 04:54 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - الدكتور طلال طلب الشرفات
قد لا يكون محبذاً للقارئ الكتابة عن الأشخاص مهما علا قدرهم او ارتفع شأنهم في أذهان النخبة والعامة على حدٍ سواء لأعتبارات كثيرة ليس أقلها حالات الأنقلاب اللحظي والأنفلات الموسمي للساسة ، مما يجعل أمر الأشادة وكيل المديح ضرباً من ضروب المغامرة والمقامرة في آنٍ معاً ، وربما لأن قدر المخلصين في الشرق أن يخلدوا بعد رحليهم ، ولكن الذي دفعني لقول كلمة تنبع من الضمير قبل العقل هو مقال الصديق الاعلامي المخضرم معالي الأستاذ محمد داودية في حق رجل الدولة الأنيق الخلوق طاهر المصري .
قبل عام 2011 كنت اسير افكار بعيدة عن جوهر الرجل ومضمون فكره ورؤيته الوطنية ، بل كنت من الذين يأملون اسدال الستار على حياته السياسية لأسباب أدركت فيما بعد انها كانت محض افتراء ، الى أن عملنا معاً في لجنة الحوار الوطني التي كانت وليدة ظرف دقيق في منطقة يتقاذفها اللهب واللعب من كل جانب وتتهاوى اليها المخاطر من كل حدب وصوب ، فقاد اللجنة بروح وطنية صادقة ورؤية واثقة وحكمة ومهارة غابتا عن الكثير من الساسة ورجال الدولة وقتذاك .
طاهر المصري من الساسة القلائل الذين يمتلكون خطاباً واحداً في الظل والضوء ومنهجاً واحداً في التفسير والتبرير ، ونهجاً منسجماً في السلطة وخارجهاً وأداءً رفيعاً في الأداء العام وتمسك فريد بأخلاق رجل الدولة المخلص للعرش والوطن والناس ، والأهم انه لم يورث موقعه لأبنه مختاراً لا مضطراً وزاهداً لا راغباً ، وبقي يقول رأيه بوضوح في كل مظاهر الأزمة والخلل بشجاعة وأمانة وأخلاص .
طاهر المصري قارئ محترف للتجاذبات الأقليمية ومدرك للخيط الرفيع المتاح للسياسة الوطنية للتعاطي مع تلك التجاذبات ، ومهارة التحليل والتوصيف تلك يرافقها مقترحات اريد لها غير ذي مرة أن لا تسمع وحلول قيل عنها ظلماً انها لا تنفع ، وهو قاسم مشترك للفرقاء والحلفاء من القوى السياسية ووسيط نزيه بين كل هؤلاء والحكومات في مناسبات عديدة ، والأهم انه رجل دمث وصاحب خلق رفيع .
طاهر المصري رجل ديمقراطي بأمتباز ونصيراً للحوار ومؤمن بدور خلاق للمرأة والبرلمان ويتوسط المسافة بين الليبراليين والمحافظين ، وله تاريخ مشرق في أحترام دور البرلمان في الرقابة والحياة العام ، فقد آثر ذات يوم ان تستقبل حكومته على ان بكون وبالاً على الديمقراطية واستحقافانها الملتصقة وقتذاك مع مصالح الوطن العليا ، سيما وان الرجل يمتلك شخصية ثابتة رزينة تحظى بأحترام الخصوم قبل غيرهم ، شخصية لا تجيد القفز على المواقف والأحداث ولا تقبل به .
متطلبات الأنصاف تقتضي منا ان نعطي الرجل حقه فهو رجل ملم بتفاصيل القضية الفلسطينية وتداعياتها الداخلية وانعكاسها على الأمن الوطني الأردني والمصلحة الوطنية العليا ، ويدرك اهمية الدور الهاشمي والوصاية التاريخية في القدس والتي تشكل الضمانة الأهم وربما الوحيدة للحفاظ على عروبة وهوية القدس ، ويعلم اكثر من غيره ان العلاقة التاريخية بين الشعبين الأردني والفلسطيني ستبقى المعين الذي يستمد منه اهل فلسطين نضالهم لتحرير ارضهم واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس العربية .
للرجل رؤية ثاقبة وبعيدة النظر في الشأن الداخلي ، فهو رجل ديمقراطي بطبعه وثقافته وتربيته الأسرية في عائلة سياسية بأمتياز ، يؤمن بأن الحرية والديمقراطية ومكافحة الفساد والعدالة والمساواة وسيادة القانون هي الضمانة الأهم للأمن الوطني ، وأن عدم قدرة الحكومات على ألتقاط مضامين التوجيهات السامية هي احدى عوامل الخلل في الأداء العام وحيثما وجد ، وأن مؤسسة العرش نزيهة منزهة عن عوامل الخلاف والأختلاف بين الاردنيين والحلَكم الأمين بين السلطات ، فهو لا يقول الا بما هو مؤمن به حقاً ويرى فيه مصلحة الوطن والحكم .
طاهر المصري مزيج من الحكمة والخلق والوضوح ورجل دولة من طراز فريد وصديق مخلص وفي صادق ووطني اصيل يرتقي دوماً فوق الجراح والأذى ، وما بين عمان والقدس مساحات خبرة وطنية من رجل دولة نثق به ونرى فيه الخير الكثير ، فقدر هذا الرجل ان يكون له من اسمه نصيب ....!!

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير