النسخة الكاملة

العبث المستمر بالصحافة ومؤسساتها ..

الأحد-2018-03-11 10:31 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز - ابراهيم عبدالمجيد القيسي
ينطلق موسم جديد من الحرب على الصحافة والصحفيين، وفي كل وقت يخرج من زوايا ما بعض الذي لا علاقة لهم بمهنة الصحافة ليعيثوا فيها "تنظيما وإدارة" ! ..فمن هم هؤلاء؟ وهل هي قلة الحصافة والدراية وعدم الاخنصاص فقط أسباب عبثهم بالصحافة وبأرزاق الصحفيين؟ أم تراهم ينفذون ما يتعلق بهم من أجندات شاملة لتدمير مهنة؟ ..تُرى؛ كم مضى علينا "كصحفيين" من أعوام ولم تفارقنا هواجس فقدان عملنا، بسبب التدخلات التي يقودها طارئون لا تربطهم بها أية علاقة بالصحافة؟ ما هي حدود قدرات هؤلاء الذين يقدمون اقتراحات باغتيال الصحفيين في أرزاقهم، ثم تفشل اقتراحاتهم، فيعودون هم أنفسهم الى مجالس الإدارات ليقدموا الاقتراحات ذاتها بعد ثبوت فشلهم وفشلها؟ ..
نقابة الصحفيين أصدرت بيانا قبل أيام، حذرت فيه بعض إدارات الصحف من المساس بالصحفيين والعاملين في الصحف من فنيين وغيرهم، ويتضح أن جريدتنا "الدستور الصامدة" هي واحدة من هذه الصحف، بعد أن تردد الحديث عن توجه يطرحه للمرة الثانية او ربما الخامسة عضو في مجلس إدارتها، يبحث في فصل بعض الصحفيين والعاملين في الجريدة، بالحجة ذاتها وهي "لديهم عمل آخر"! .. ما الذي يبحث عنه ويريده هذا المحترم للصحافة وللصحفيين؟ وهل هو يعتبرنا حقا من نقف وراء تراجع الصحافة ومؤسساتها؟
استبشرنا خيرا حين جاء صحفي رئيسا لمجلس إدارة الدستور، وزاد فرحنا وأملنا في أن تتخلص الدستور من أزماتها حين جاء زميل صحفي آخر مديرا عاما للصحيفة، لكننا نسجل استغرابنا من هذا الخبر وتلك المساعي، التي يقودها أشخاص آخرون لا علاقة لهم بالصحافة، يحاولون القضاء على أي أمل لاستعادة هذه المؤسسة قوّتها وتأثيرها ! .
صحفيو الدستور والعاملون فيها قدموا أروع صور الوفاء للصحيفة والوطن على امتداد السنوات الأخيرة، وتحمل بعضهم أزمات مالية كبيرة، طالت حتى تأمينهم الصحي وتعليم أبنائهم وبيوتهم التي يسكنونها بالأجرة، أو تلك التي اقترضوا من البنوك لشرائها، ولم ينقطعوا عن العمل يوما واحدا، ولم يتغير أداؤهم، ولم تنحرف الصحيفة الوطنية الى "حواف المواقف الحادة" بل ثبتت على نهجها المهني الوطني وتحمل الزملاء كل الصعوبات، وهذه قصة لا تقع في حسبان من يحاول دوما للنيل من هذه المؤسسة، فهو ربما يعتقد بأنه يتعامل مع مبنى أو آلات طباعة، ولا يعلم أن الذين صبروا على تلك الحالة من توقف رواتبهم انما صبروا لأنهم يشعرون بمسؤولية مهنية ووطنية وانسانية، ولن تكون ردة فعلهم ذاتها حين يحاول أحدهم العبث بأمنهم المهني والوظيفي والعائلي..
الزملاء في مجلس نقابة الصحفيين لم يدخروا جهدا لتحسين أوضاع الزملاء الزميلات العاملين في كل الصحف، وقد نجحت النقابة دوما في هذه المهمة، ولا أعتقد بأن أعضاء مجلسها بدورهم "سيتآمرون" لا قدر الله على المهنة والعاملين فيها، وكذلك فعلت الحكومة، فهي لم تدخر بدورها جهد لدعم هذه الصحف بأكثر من طريقة، لكنها "الحكومات" هي نفسها من تعين أكثر من نصف أعضاء مجالس الإدارة في الصحف، أعني تلك التي تملك مؤسسة الضمان الاجتماعي حصة من أسهمها، وقد "مرّ علينا" بعض الأسماء التي لا علاقة تربطها بالمهنة من أية جهة، جاءوا كأعضاء مجالس إدارة وأحيانا رؤساء لمجالس إدارة، وكانوا سببا مهما في تراجع هذه الصحف، فالموافقة على تعيين مثل هؤلاء خطوة تقع خارج السياق، ولا تخدم المهنة ولا المؤسسة الصحفية، وهي تأتي ضد جهود الحكومات المعلنة بدعم هذه الصحف والعاملين فيها..فلماذا لا تتوقف هذه الاجراءات التي غالبا ما تأتي ضد كل المساعي الرسمية بإنقاذ هذه المؤسسات؟!
الزملاء والعاملون في الصحف لا سيما التي تعاني أزمات مالية، قلة قليلة منهم لم يبحثوا عن مصدر رزق آخر، ولا يمكن أن نعتبر هذا عملا مستقلا يمكنهم من المضي بحياتهم لو اقتصروا عليه وحده، فالذي يتعاقد مع جهة ما بتقديم خدمات اعلامية، أو الذي يعمل معلما في وزارة التربية او احدى المدارس الخاصة، ويعمل في المساء في مطبعة جريدة أو في قسم فني ما، هو ليس "حوتا"، ولا أعتقد أن الدخول المالية لواحد من هؤلاء تلبي "ربع" حاجته..فكيف يتقدم أحدهم باقتراحات من هذا النوع، ويحاول خنق الناس واغتيال أمنهم الوظيفي المتواضع؟.
هؤلاء لا يتقاضون آلاف الدنانير، ولا هم أعضاء في مجالس ادارية، ولا يتقاضون رواتب تقاعدية، وليس لهم مصادر دخل "ثابتة"، حتى وإن كانت لدى بعضهم مصادر دخل أخرى ومرتفعة أيضا، فهي قانونية ومن حقهم فمن بينهم كفاءات مهمة، ومع هذا فهم لا يتقاضون ربع ما يتقاضى بعض رؤساء وأعضاء مجالس ادارت من رواتب وحوافز، علما أن عملهم الصحفي يخدم وطن وإنسان بينما بعض الأعمال لا مردود لها سوى صناعة أزمات للناس وللوطن.
ibqaisi@gmail.com  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير