النسخة الكاملة

حراك " السلط " , تعالوا نقرأ !

الثلاثاء-2018-02-27
جفرا نيوز - جفرا نيوز ـ شحاده أبو بقر

إبتداء لا يوجد أحد في الأردن إلا ويتمنى له كل خير بما في ذلك العرب المقيمون على أرضه , فإن لم يكن حبا بالأردن , فحرصا على أمنهم بعد أن لجأوا إليه فرارا من جحيم الموت في أوطانهم !
وثانيا , فما من أردني أيا كان أصله وفصله وعمله إلا ويريد السلامة لهذا البلد الذي لا ملجأ ولا ملاذ منه إلا إليه وحده بعد الله جل جلاله , ولست أخال أردنيا واحدا قد يتلكأ في الدفاع عنه إن تعرض للخطر لا قدر الله .
ولو أخذنا حراك السلط أنموذجا لحراك الكرك وذيبان وغيرهما , لوجدنا أن مدينة الرجال الرجال هذه , كما هي سائر أخواتها الأردنيات من عقربا إلى العقبة , ظلت على إمتداد تاريخ الأردن إمارة فمملكة , الناهضة دوما بدور رجولي أصيل ليس دفاعا عن الأردن بكل ما فيه , الشعب والعرش والأرض والمؤسسات وحسب , وإنما عن كل أرض عربية داهمها الخطر , وبتشاركية رجولية مع كل عشائر وعائلات ألويتها وأقضيتها ونواحيها في جغرافيا البلقاء الأبية , وبالذات , دفاعا عن فلسطين السليبة جنبا إلى جنب مع إخوانهم الأردنيين والفلسطينيين .

وكم من شاب هجر أهله وحصاد ألقى بمنجله ومزارع ترك زرعه وتاجر أغلق متجره , وهب من فوره نجدة للأهل في فلسطين , ولا يتسع المجال لذكر أسماء المجاهدين من السلط والبلقاء والكرك وكل حواضر الاردن وبواديه من مدنيين وعسكريين , ممن جاهدوا وإستشهدوا وأصيبوا في رحابها الطهور , وعند أسوار قدسها الشريف وصخرتها المشرفة !

ولمن قد لا يعرف , فقد كانت السلط في الزمن الصعب , تودع صباحا وتستقبل مساء " أربعة عشر علما من أعلام الوطن " , يمتطي عرباتها رجال أعلام خدموا الأردن وفلسطين ودافعوا من مواقع المسؤلية المتقدمة عن كل شبر من ثراهما الطاهر الطهور , وما زال الأبناء والأحفاد حافظين للوعد وللعهد معا , فلا تنكر أبدا للهاشميين الأحرار لا قدر الله , ولا تفريط بذرة من ثرى الأردن الغالي وفلسطين الحبيبة التي إرتبطت عائلات كثيرة منها بالسلط , ومن نابلس جبل النار على وجه الخصوص ! .

سقت تلك المقدمة الطويلة لهدف واحد هو التعريف بطبع وطبائع ونخوة أولئك الرجال وخلفهم الطيب الذي عن نهجهم ما حاد أبدا ولن يحيد , وتحت أي ظرف كان , فحتى لو ضاقت بهم سبل الوطن , فلا مجال للتخلي عما كان سلف ويبقى أبد الدهر بعون الله ! .

مضى على حراك السلط السلمي قرابة شهر حتى الآن , وتتناقل الفضائيات ووسائل التواصل الإعلامية والإجتماعية كل ليلة أنباء وصور وهتافات هذا الحراك , وياتي التفاعل معه عبر تلك الوسائل من داخل الاردن وخارجه على نحو لافت ! , خاصة وأنه حراك سلمي حضاري يمارس حق التعبير الذي كفله القانون .

ومن هنا تبدو الأمور للأردنيين وغيرهم من عرب وأجانب خارج المملكة , كما لو أن الأردن يقترب لا سمح الله من أتون الجحيم العربي الذي سمي ربيعا زورا وبهتانا وظلما , ومع ذلك فلم نر مسؤولا صاحب قرار يأتي لمحاورة الحراك أو ممثلين عنه بحثا عن حل , لا في السلط ولا في الكرك أو في ذيبان التي طال حراكها لسنوات دون حل ! .

أعرف ككل الناس أن المؤسسة الأمنية الأمينة على أمن الوطن , تقوم بواجبها المحدد لها , ولا بد أنها ترفع تقاريرها عما يجري , لكنني أعرف في المقابل أن عمان ملآى بالسفارات التي لا بد تراقب وتتابع , وبالذات سفارات الدول الكبرى التي تتحكم بمصائر دول العالم وشعوبه , فهذه لها مخبروها على إمتداد الكوكب , وجلها إن لم تكن كلها , لها طموحاتها ومخططاتها ومشروعاتها التي تناقض مصالحنا في المنطقة كلها, ونحن جزء رئيسي ومهم منها وفيها ! , فما هو الإنطباع الذي توجده لدى حكومات دولها عما يجري في الأردن من حراك ! . لا أشك للحظة أنها لا تتردد عن تضخيم عبارة هتاف يطلقها فتى قاصر ووصفها كما لو كانت موقفا عاما ضد الدولة وصناع القرارفيها , مع أن الحقيقة ليست كذلك على الإطلاق , وأن المشاركين في الحراك هم جميعا من اكثر الناس حرصا على الدولة وسلامتها وإحتراما لقيادتها ونظامها السياسي برمته ! .

ولمزيد من التوضيح , فالإدارة الاميركية على وشك الشروع بتصفية القضية الفلسطينية , ومن الغريب أنها قد عجلت موعد نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس , وحددت أيار القادم موعدا لذلك " خلال شهرين فقط " , بعد أن قال وزير خارجيتها سابقا إن الأمر يحتاج لعام واكثر ! , مثلما سمت إسرائيل سفيرها الجديد لدينا .

وفي الوقت ذاته تبدو السياسة الأميركية من حولنا في سورية ولبنان والعراق , غاية في الغموض الذي يحير حتى الروس أنفسهم , مثلما بدأت بتقليص دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى النصف , تمهيدا لوقفه كليا ! وذلك شطبا نهائيا لقضية اللاجئين , وإلحاقها بالمفوضية السامية للاجئين في العالم , أي ليس هناك قضية لاجئين فلسطينيين تحديدا ! .

تلك أمور تبعث على الريبة والخوف معا , وهي أمور وإلى جانبها أمور أخرى عديدة , يفترض أن تثير مخاوفنا قبل شكوكنا معا أردنيين وفلسطينيين على حد سواء , قبل أن يداهمنا الطوفان على حين غرة .

ومن هنا أدعو صادقا بعون الله , إلى تدارس أمر الحراك في السلط وغيرها , قبل أن تتطور الأمور إلى ما أسوأ لا قدر الله , فلا بد من أخذ الأمر على محمل الجد ألذي يستحقة , درءا للفتن , وتجنبا لأي طاريء مفاجيء , فالمنطقة تعج بالأجندات وبأصحابها وبالأشرار المندسين الذين لا يتورعون عن ممارسة كل فعل خبيث لإشعال الفتن !.

لا بد من تدارس الحراك ومحاورته جديا والتعامل معه سياسيا وليس أمنيا , ووضعه وبكل صراحة ووضوح في صورة ما يجري وما يخطط للمنطقة ونحن أهم ركن فيها , خاصة وأن لا أحد فلسطينيا يتخلى عن حقه في وطنه , ولا أحد أردنيا يقبل بأن تحل القضية على حسابه وفق ما يتمنى نتنياهو وترمب ! .

خلاصة الأمر , دماء ورفات آبائنا وأجدادنا وإخواننا أردنيين وفلسطينيين في فلسطين لن تذهب سدى بإستخفاف من ترمب وجشع نتنياهو , اللذين يسعدهما كثيرا تمزق العرب ودمار بلادهم ويرونها فرصة سهلة لن تتكرر لحل يشطب الأردن وفلسطين معا . هذا لن يكون إلا بفنائنا معا أردنيين وفلسطينيين , ويجب أن يعلم الإثنان ترمب ونتنياهو هذه الحقيقة كما هي ! .

مرة أخرى مخطيء من يستهين بأمر الحراك , ومصيب من يستوعبه ويحاوره ويصادقه ويلبي مطالبه, لقطع الطريق على كل خصم وطامح وطامع قد يرى فيه فرصة لتنفيذ مآربه وأطماعه ومخططاته .
كل المؤشرات السياسية في المنطقة , تشي بأننا قد نحتاج لهذا الحراك في وقت غير بعيد هنا في الأردن وهناك في فلسطين في مواجهة المخطط المكشوف , فالشعوب لا تتخلى عن حقها في أوطانها حتى لو فنيت عن بكرة أبيها , وهم ,الإسرائيليون والاميركيون لا يهابون ولا يخشون سوى ثورات الشعوب وحراكها وإنتفاضتها ضد مشروعاتهم المعادية , وسيعيدون حساباتهم كثيرا عندما تواجههم الشعوب بغضب عارم , وهذا ما يجب أن نفعله جميعا ومعنا عرب ومسلمون كثر لن يخذلوننا .

وعندها ستجدون السلط والبلقاء وما حولها والكرك وذيبان وكل حواضر الأردن وبواديه ومخيماته , في طليعة من يرعبون ترمب ونتنياهو وكل غاصبي فلسطين وقدسها .
على كل سياسي راشد صاحب قرار أن يحسب الأمور على هذا الأساس وحده دون سواه , كي يعلم العالم وكباره بالذات , أن الحراك في السلط وغيرها حراك سلمي يطالب بالإصلاح , وأن الحراكيين جميعا هم الأشد حرصا على النظام وتشبثا بالعرش الهاشمي وإستعدادا فطريا لإفتدائه والدفاع عنه ضد كل شر وشرير . وأن هذا الحراك هو من سيواجههم وبقوة إن هم توهموا إمكانية الإسراع في تنفيذ ما يخططون ويريدون .

مرة أخرى أدعو إلى التعامل مع حراك السلط والكرك وذيبان سياسيا وإجتماعيا فقط , بإعتباره خلافا أسريا يجب أن لا نتركه يتعقد ويتشعب أكثر فأكثر , فنمنح أعداء الأردن فرصا بائسة لإستغلاله بما يجلب لبلدنا المزيد من المتاعب والتحديات ووجع الرأس , وليس سرا أن الأعداء كثر وهم يتربصون بنا .

لا بد من محاورة الحراك قادته ووممثليه , وعلى مستوى رسمي عال , وحتى لو طال هذا الحوار فلا بد من أن نتوصل إلى نتائج طيبة .
وقبل أن أختم لا بد من تذكير الجميع بأن النار لا سمح الله تبدأ بشرارة قد تجد ظلمة وأعداء ومغرضين يزيدونها إشتعالا , ومن هنا فالحكيم من إتعظ بغيره , وأخمد شرارته بحكمة وإبداع سياسي , ومنعها وبحكمة أيضا من أن تتطور أكثر , فالشر من شرارة , حمى الله الأردن من كل شر . والله من وراء القصد .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير