النسخة الكاملة

سر ازمة الاصلاح السياسي

الخميس-2011-06-20
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - يتقدم سياسي محنك من وزن طاهر المصري برسالة مؤثرة من داخل النظام هذه المرة وليس من خارجه عندما يقدم التقرير النهائي للجنة الحوار الوطني للقصر الملكي مباشرة مقترنا بعبارة عميقة سياسيا يربط فيها نجاح تنفيذ التوصيات الاصلاحية التي تتضمنها وثيقة الحوار بالأدوات التي ستتولى التنفيذ.
والدلالة هنا اكثر من مباشرة فرئيس مجلس الاعيان ومهندس وثيقة الحوار الوطني يلفت النظرفي حضرة الملك عبد الله الثاني الى تشخيص لا يمثل رأيه فقط بل رأي كثير من الحريصين على النظام ومستقبل البلاد وهو تشخيص يتمثل في ان الازمة الحقيقية في ادوات الحكم وليس في وجود او عدم وجود مشاريع وتوجهات اصلاحية.
وليس سرا في عمان المتفاعلة سياسيا واصلاحيا هذه الايام ان مستوى نفوذ المعارضة الحزبية في الشارع يتزايد من حيث المساحة بسبب رواج ثقافة التشكيك بالنوايا الاصلاحية حيث يردد غالبية المراقبين المحايدين عند الاستفسار منهم عبارة تقول 'الارادة السياسية لم تنضج بعد لتحقيق الاصلاح'.
وعليه فعبارة المصري تحاول تقديم فهم معياري مطبق للواقع السياسي الذي تعيشه البلاد على اساس ان السؤال التشكيكي بنوايا وخطط الاصلاح ينتج حصريا عن ضعف الادوات التي يتم اختيارها لانجاز الاصلاح.
والغالبية الساحقة من الاخطاء الرسمية التي ثورت الشارع مؤخرا كان ابطالها ادوات في مستوى المسؤولية لا يؤمنون بالاصلاح اصلا اولا يعرفون كيف يكون المرء اصلاحيا كما قال المخضرم عبد الهادي المجالي لـ'القدس العربي' في تشخيص سابق.
ورغم ان عبارة من هذا النوع لا تضمن لصاحبها ـ المصري - الشعبية المتوقعة وسط الجالسين على مراكز المسؤولية اليوم الا ان الرجل تعامل من البداية مع دوره الحيوي في الحياة السياسية بالعامين الاخيرين بوحي من ضميره الديمقراطي، لكن الاجواء المعادية لوثيقة الحوار الوطني داخل مؤسسات النظام وخارجها دفعت على الارجح المصري لكي يتحدث عن الادوات.
ومسألة الادوات اصبحت مثارا للنقاش في كل الازمات التي تتعاقب محليا، فمراقبون كثر يعيدون تأخر المنجز الاصلاحي لاستمرار سياسة 'تكريم' الاشخاص عند اختيارهم في مستوى المسؤولية او لسياسة الاختيار على اساس الخبرات الشخصية والعاطفية وليس الخبرات الموضوعية لبعض الشخصيات التي تتألف فيما بينها لتشكيل فريق الحكم الاول بين الحين والاخر .
وعليه يؤكد سياسي عتيق من طراز الدكتور ممدوح العبادي على ان الاصلاح يصنعه الاصلاحيون والديمقراطية ينتجها الديمقراطيون متفقا على ان الكثير من النخب التي اتيحت لها فرص الحكم والادارة والقرار في السنوات الاخيرة خذلت الخط الاصلاحي الجذري لكنها خذلت في الاثناء القيادة والناس.
ومن هنا حصريا تكتسب ملاحظة المصري اهميتها، فالرجل عانى كثيرا وهو يحاول انتاج صيغة وطنية لقانون الانتخاب مناسبة لاستحقاقات المرحلة.
ومحور المعاناة كان تلك الادوات التي تمارس لعبة 'ملكيون اكثر من الملك' او التي تزاود على الجميع في قمع الحريات باسم الحفاظ على النظام في الوقت الذي تتقدم فيه مؤسسة القصر الجميع بخطاب الاصلاح الذي يتعثر حصريا عندما تتسلم تنفيذ تفاصيله نخب غير اصلاحية بدون التباس في سلسلة متتالية من اخطاء الخيارات تنتج عن الاهتمام بصناعة طبقة شابة ونشطة من رجال الدولة والحكم او التوسع في منح الفرص لوجوه جديدة.
ومن هنا يصبح ما قاله المصري عن الحاجة الاساسية لادوات تنفذ الاصلاحات اساسيا جدا ليس في تشخيص ملامح الازمة الوطنية ولكن ايضا في تقديم حلول بسيطة لتعثر مزمن في مشاريع واتجاهات الاصلاح السياسي. فسر الازمة الوطنية الان هو'ادوات ورموز الحكم'.
وهذا الاستنتاج لا يقوله اليوم ليث الشبيلات او زكي بني ارشيد او غيرهما من طبقة المعارضين الشرسين بل لاعب مهم من رموز الدولة والعهد كان له الفضل الاساسي في 'تخميد' ثم احتواء حراك الاعتصامات في الشارع ولاحقا في تقديم وصفة للخروج من عنق الزجاجة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير