النسخة الكاملة

الثقة الشعبية بالحكومة تتزايد..

الأربعاء-2017-04-12 09:55 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز - ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
بات أكيدا؛ خبر التحول في الموقف الأردني تجاه قضايا خارجية كبيرة، وهذه علامة إيجابية على صحة وسلامة التفكير الأردني، واستباقه لآثار التغييرات في المواقف الدولية بشأن الصراع في المنطقة، ولأن المشهد الخارجي لا يديره الأردن وهو بالكاد يسعى للحفاظ على نفسه في عالم شديد التقلب، فالمطلوب متعلق بالمشهد الداخلي، ويقع العبء الأكبر فيه على كاهل الحكومة ورئيسها الذي يبلي حسنا، ولا ندعي بأن نجاحها مضمون خلال هذه الحالة من الترقب والتقلب في المواقف الدولية، فالمزاج الأردني الشعبي يتأثر بشدة بما يدور خلف الحدود، لأننا نعيش في بلد ديمقراطي يتمتع ببيئة خصبة للتعددية السياسية وتنوع الآراء ووجهات النظر، ومن الطبيعي أن يسوء المزاج العام بناء على الأحداث المرتقبة على أكثر من صعيد دولي.
الذي يتحدث عن لا شعبية الحكومة تعوزه الدقة، ويكفيني مثالا واحدا أذكره وهو طازج، حيث قام رئيس الوزراء أمس الأول بزيارة إلى محافظة الطفيلة ووضع حجر الأساس لمستشفى الطفيلة، الذي يتسع لأكثر من 150 سريرا، ولم يتعرض الرئيس لانتقاد من الطفيلة وحراكاهتا المختلفة، وأذكر هذه النقطة على وجه التحديد كدليل واضح على هدوء المزاج الشعبي، وانحيازه للرضى في عهد الملقي، حيث كانت زيارة الطفيلة من قبل سابقيه في الحكومات تحتاج إلى دراسة دقيقة، بعدم المجازفة، فكل من سبقه من الرؤساء تعرضوا لانتقادات حادة، وقوبلوا بالمظاهرات كلما زاروا الطفيلة، بل وألغى بعضهم هذه الزيارة وغير وجهته بعد أن أصبح على مشارف الطفيلة، لكنه أمر لم يحدث مع الملقي، وهذا أوضح دليل على عافية الحكومة شعبيا، فالقياس على المزاج العام من خلال محافظة امتازت بالصدق والصراحة في تعبيرات أهلها، هو الطريقة التي يمكن لصحفي أن يستنتج منها معلومة، ولو كنت أمنيا او استراتيجيا لتحدثت بأمثلة أخرى تتناسب والزاوية التي أرى فيها التأييد من عدمه.
المطلوب من الرئيس الملقي أن يزيل الانطباع الذي لازم حكومته الثانية على وجه التحديد، وهي التي تتردد على ألسنة نخبة ما يسمى بالتيار المحافظ، الذي يشعر بأنه تم استبعاده من تفكير الدكتور الملقي، وقد يكون الاتهام مبالغ به ولا يعبر عن الحقيقة، لكنه اتهام له ما يبرره حين تصمت عنه جهات في هذه الحكومة، ويستمر أداء بعض أعضائها غير آبه بهذه الملاحظات النخبوية والشعبية المهمة، وأعتقد بأن المسألة تكمن في الاعلام الرسمي، فالصمت يأتي مريبا حين يقترفه هذا الاعلام، وينبىء بأن ثمة عدم استيعاب لخطورة ما يطلق من إشاعة أو انطباع خاطىء ضد الحكومة ومؤسساتها ورموزها الرسميين، وقد يسهل الاستنتاج بأن بعض أعضاء الفريق الوزاري يطمئنون لمثل هذا السكوت الذي يعزز وجودهم في الحكومة، ولا يفسح المجال لمعاتبتهم او مساءلتهم من قبل رئيسها.
الأردن مقبل على اختبارات دولية قد تكون عسيرة، وتحتاج إلى جبهة داخلية متينة أكثر من أي وقت مضى، وهذا لا يتأتي في ظل مثل هذا الأداء "الصامت" للحكومة، حيث يجب أن يتم إيقاظ الخطاب الوطني الداعم لتوجهات الدولة الأردنية، التي يقودها جلالة الملك في سعيه لحماية البلاد من خطر الارهاب واحتمالات امتداده وتفاقمه، وفي ظل هذا الصمت الذي ينتهجه اعلام الحكومة تتعاظم فرص انهيار الثقة النسبية التي حازها الملقي وحكومته، وهنا يمكن اجراء دراسة حول الثقة الشعبية بالحكومة، لنلحظ تحسنا على نتائج آخر دراسة، لكننا سنتفاجأ بانهيارها لو تم إجراؤها بعد شهر ولم تقم خلاله الحكومة بالالتفات إلى مرونة أدائها تجاه الجبهة الداخلية.
مثال واحد أذكره لرئيس الحكومة؛ يتعلق باقتراح تم تقديمه له ونال إعجابه وتأييده، بل ودافع عنه أمام أحد وزرائه، وقال بأنه مقتنع به وقد طالب به قبل أن يصبح رئيسا للحكومة، وهو متعلق بالإعلام وبالهدر الحكومي وبالفوضى التي يعززها صمت الجهات الاعلامية الحكومية، وبعد أن قام الرئيس بتوجيه الوزير لينفذ هذه الاقتراح على وجه السرعة، ها هو الموضوع "يموت" بطريقة تؤكد أن "التسكين" سياسة تخدم جناحا في هذه الحكومة، له أفكار تحمل سمة الأجندة، علما أن أكبر سبب لنجاح الملقي هو عدم تورطه بأية أجندة من أي نوع، سوى أمانة المسؤولية ونزاهة الأداء، لكن الذي يخسر عادة هو الوطن بالدرجة الأولى والحكومة ثانيا، فالانجازات النوعية التي تحدث في عهد حكومة ما، يتم تسجيلها في الذاكرة الأردنية، ولا يتجاوز عنها صاحب الضمير، عندما يتحدث عن الأردن وحكوماته وأدائها وتاريخها، والأهم من هذا كله هو المتعلق ببناء الثقة وتعزيزها بين السلطات كلها والمواطن، الذي نعلم كم يعاني من الصدمات ومن الأخبار السيئة التي تنتشر بسرعة حتى وإن كانت إشاعات..
مطلوب من الملقي الالتفات بسرعة إلى الجبهة الداخلية، وتوضيح موقف حكومته ووقوفها على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية والشعبية، فهي الجيش الداخلي الفعلي، وتقع على عاتقه حماية الجبهة الداخلية وتنظيفها من الشوائب الموجودة او المتوقعة، فنحن مقبلون على موجة دولية جديدة من احتدام الصراع في المنطقة، ولا يمكننا أن نبلي حسنا إن لم نعزز الالتفاف الشعبي الكامل حول الدولة وسياساتها التي يقودها صاحب الجلالة وتنفذها الحكومة.
*((كنت قد كتبت هذه المقالة أمس؛ وأرسلتها إلى صحيفتي "الدستور" ليتم نشرها في زاويتي اليومية كما جرت العادة،فنشرتها اليوم مجزوءة وأزالت كل إشارة إلى وزير الدولة لشؤون الاعلام، الذي أصبح من ثوابت السياسة الأردنية في هذا الزمن الرديء !! لكنني قرأت خبرا مع المساء ولا أعلم مدى دقته يفيد بأن مجلس الوزراء وافق على تعيين بعض الأشخاص في مجلس الضمان الاجتماعي، وهو خبر إن كان دقيقا فهو "سقطة" تقضم ما تيسر من شعبية للحكومة.. هل حقا أن بعض الأشخاص لا يمكن أن يكونوا مثلنا في هذه البلاد، فهم مسؤولون منذ ولدوا ووزراء ومدراء ويرفلون بخير هذه البلاد، بينما ندفع أعمارنا بحثا عن فرصة طبيعية تؤمن لنا دورا عاديا نقوم به في حياتنا ونحصل على قوت يومنا؟!.. لا خير في تقريب هؤلاء أو بعض الوزراء ليحكموا ويرسموا في بلاد فيها ملايين من الناس وجميعهم إما هم أفضل منهم أو لم يسبق لهم أن حصلوا على فرصهم العادية في الحياة بكرامة في وطنهم، بسبب تزاحم وصراع الذوات وأبنائهم على مفاصل الادارة والحكم في هذه الدولة، أو تقريب الدخلاء والعملاء إلى مواقع قيادية وزارية تصبح الحكومات معها أشبه بحكومات الإحتلال التي يسهر الناس دعاء لربهم وتمنيات لها بالزوال..)).
ibqaisi@gmail.com
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير