مجلس نواب وحكومة يستعجلان الرحيل !!.
الخميس-2017-04-06 10:34 am

جفرا نيوز -
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
اعلن على الملأ بأنني لن أتوجه لانتخاب نائب قبل مرور 4 سنوات على آخر عملية انتخاب قمت بها، علما أنني نادم على سفري إلى الكرك للادلاء بصوتي، ويبدو بأنني لن أكررها ثانية، فالصوت ذهب "هدرا" ولم نسمع عن فعلنا ولو "شكرا"..فشكرا على تذكيرنا درس كنا لولاكم قد نسيناه.
تعود ثانية وتطفو على السطح؛ تلك اللغة المستهجنة في مجلس النواب، وقد لمسناها نوعية على عهد هذا المجلس، فتبادل الاتهامات بين النواب أصبح مشهودا مرصودا باللفظ والفيديو، ولعل هذا فقط هو جديد الأداء تحت القبة الذي نلمسه ونحن نستعد لطي الدورة البرلمانية العادية الأولى من عمر المجلس، حيث يستطيع الراصد لأداء نوابنا على امتداد أعمار مجالسهم أن يسجل تطورا ملموسا في عهد المجلس الثامن عشر، لكنه تطور محصور في ازدهار المناكفات حد تبادل الاتهامات بين اعضاء المجلس بالفساد، كما يتم أيضا اتهام الحكومة برعاية هذه المناكفات، وبأنها تتمتع بسلوك "عصاباتي" هذه المرة على حد قول بعض النواب !.
غير محمودة البتة؛ عملية تهريب نصاب الجلسات، وهي أكبر وشاية على تدهور الأداء النيابي، ولا يمكن لشخص نال ثقة الناس وتحمل مسؤولية تمثيلهم في مجلس النواب أن يتنصل على هذا الشكل، ولا أدري كيف يقوم شخص من مكانه حين تضع بين يديه موضوع يقع في صلب مسؤوليته وأمانتها؟ هل هو لا يملك الحجة للدفاع عن موقفه؟ بل هل له موقف أصلا حول القضايا التي يهرب من مواجهتها تحت القبة؟ .. أداء سقيم يبعث على الغضب من قبل القلة القليلة التي ما زالت تتابع، وتؤمن بالعمل البرلماني في ظل هذه الظروف الاستثنائية الباعثة على تغييب الثقة بالبرلمان والحكومات، ولا يمكن لأحد أن يلوم شخصا يسحب ثقته ممن يرى أنه ليس أهلا لها، ومن الطبيعي أن يبادر الناس بطلب حل مجلس النواب كما فعلوا سابقا، فالذي يجري تحت القبة يبعث على الغضب وعدم الإيمان بأن هذه المجالس تعبر فعلا عن مطالب الناس وتتابع شؤونهم.
في جلسة الثلاثاء الخاصة لمناقشة قضايا الاسعار وغيرها، قدم المجلس عن نفسه صورة مسيئة، نتحدث عنها الآن على أمل أن يتم التقاطها من قبل السادة النواب الذين يؤمنون بالأردن والديمقراطية ويحترمون ارادة الناس وثقتهم، ليتجاوزوا عنها سريعا، فموقف كموقف الثلاثاء لو تكرر سيكون كفيلا بانطلاق حراكات شعبية تطالب برحيل المجلس وهذا آخر ما نريده في الأردن، حيث كان وما زال الأمل معقود على هذا المجلس بأن يقدم جديدا مشرفا وليس جديدا باعثا على هدر الثقة بالدولة وبسلطاتها.
تهريب النصاب من الجلسة لإبطالها قانونيا؛ استراتيجية قديمة يلجأ إليها النواب بل المتضررون من موضوع الجلسة المراد إبطالها بإفقادها النصاب القانوني، وكنا نعتقد أن مثل هذه المناورات النيابية قد انتهت إلى غير رجعة، بعد الانتخابات الأخيرة، فالمتوقع أن لدينا نواب في هذا المجلس، يستطيعون التحدث بشجاعة واقناع وديمقراطية عن آرائهم وقناعاتهم ومطالب جمهورهم، وليس الهروب منها تعبيرا عن عجز في القدرة على الرد أو امتعاضا "مزاجيا" من بعض المواقف النيابية.. الهروب من وجه قضايا تحظى باهتمام الناس يمكن تصنيفه بأنه عمل جبان حين يقوم به ممثل للناس، حاز على ثقتهم واستأمنوه على حقوقهم الديمقراطية السياسية، وحين نغضب او يغضب الناس على من يقوم بهذا الفعل، فيجب على الذين تسببوا بهذا الغضب ان يراجعوا مواقفهم، وان لا يكرروها فوعي الناس واحتمالهم تغيرا فعلا، ويجب على مجلس النواب أن يقدم أداء يرتقي إلى مستوى هذا الوعي.
اذ نتحدث ونستهجن تهريب النصاب تحت القبة من قبل بعض النواب، فلا يعني هذا بأننا نقف مع الطرف الذي بقي تحت القبة، بل يعني بأننا مع مجلس النواب الذي انتخبناه، وافترضنا بأن أغلب أعضائه قادرون على الثبات تحت القبة ليدافعوا عن قضايانا وعن وجهات نظرهم هم أنفسهم، أما أن يهربوا من هذا الاستحقاق فهذا يدفعنا للتشكيك بأن لا وجهة نظر لدى من هرب النصاب، ولا موقف لديه ويمكنه الدفاع عنه.
المهم هنا متعلق بالحكومة؛ فأنا لا أعتبرها هي المسؤولة عن تهريب النصاب، فهي لا تتدخل حتى وإن كان رئيسها غير متواجد في تلك الجلسة، انما هناك متطوعون "قد يكون من بينهم حكوميين" يستعرضون أمام الحكومة بقدرتهم على التأثي، او لمجرد مناكفة زملائهم، وهؤلاء هم الخطر الأكبر على الحياة السياسية والبرلمانية، وهم من سيسارعون في "قصف عمر" مجلسهم وحكومتهم، رغم قصر عمرهما وعدم بلوغه عامه الأول..
تهريب النصاب يعتبر لغة برلمانية بائدة فلا تعيدوها إلى مجلسكم فأنتم بذلك تعيدونا إلى تفكير سياسي بائد.
ibqaisi@gmail.com

