عن سمير الرفاعي و مدونة سلوك الوزراء و النهج غير التقليدي في الحكم .. وثيقة
الثلاثاء-2017-01-24 02:01 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز-خاص- محرر الشؤون المحلية
من بين القرارات و المواقف الخلاقة التي تسجل لحكومة سمير الرفاعي إقدام الرئيس في ذلك الوقت على طرح ميثاق شرف يتضمن قواعد السلوك الخاصة برئيس الوزراء والوزراء التي يتعين عليهم الالتزام بها والتقيد بما ورد فيها.
حيث وضعت تلك المدونة كل المعايير القانونية والأخلاقية التي يجب على رئيس الوزراء والوزراء الالتزام بها بحيث تكون هذه الوثيقة المعلنة مرجعية إضافية يعتمدها الأردنيون في الحكم على أداء الفريق الوزاري لإعادة ترسيمِ الحدود بين العام والخاص وتكريس مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص والعدالة وتفسير القرارات للأردنيين، بصدق وأمانة، وأيضا إشعار المواطن بسيادة القانون.
العديد من البنود والنقاط التي تحتويها المدونة غير منصوص عليها في الدستور الأردني أو أي قانون آخر، وبالتالي لا يترتب على مخالفتها أي عقوبة مادية وإنما تشكل التزاما أخلاقيا لمجلس الوزراء وهو ما تم ترجمته بشكل فوري منذ الأيام الأولى لإقراره بعد أن قررت شركة الأردن "دبي كابيتال" الانسحاب من العطاءات المتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالحكومة وذلك تلبية للرغبة التي أبداها رئيس الوزراء سمير الرفاعي الذي كان يرأس تلك الشركة قبل تسلمه مهام الموقع الأول في السلطة التنفيذية.
هذه المدونة كانت وسيلة ناجعة في ضبط عمل الوزراء، و تفعيل آليات الرقابة على الوزراء ومحاسبتهم في حال تم مخالفة بنود الميثاق، حيث أن وجود ميثاق شرف ضمن قواعد مكتوبة ومعلنة سيشكل قيدا وإحراجا للمسؤولين عندما يفكرون بتجاوز هذه القواعد.
ولعل من عناصر أهمية وقوة تلك المدونة تزامنها مع مدونة أخرى تنظم العمل بين الحكومة و الإعلام وتمنع شراء ذمم الصحفيين أو احتوائهم مما يعني توفير أدوات الرقابة القادرة على ضمان تنفيذ الوزراء لما ورد في مدونتهم.
هذه المدونة كانت الأولى من نوعها في الحكومات المتعاقبة، وجاءت كي تكون مرجعا يعتمده الأردنيون في الحكم على أداء الفريق الوزاري، إلى جانب عدد من المؤسسات الرسمية القائمة كديوان المحاسبة وديوان المظالم وهيئة مكافحة الفساد التي تعمل على مراقبة سلوك الموظفين العامين والوزراء.
وقد مثلت هذه المدونة ميثاق شرف لقواعد السلوك استنادا إلى أحكام الدستور والتشريعات النافذة التي يتعين على رئيس الوزراء و الوزراء الالتزام بها، وانطلاقا من مبادئ الولاء والانتماء للوطن ، والتزاماً بالقسم الذي يؤديه الوزراء أمام جلالة الملك.
وقد تضمن المدونة مبادئ عامة تتعلق بآلية و أسلوب عمل الوزراء وقواعد للنزاهة و الإنصاف و المساءلة و المسؤولية.
تلك المدونة انتهت للأسف مع رحيل حكومة الرفاعي -قصيرة العُمر- والتي تدفع المراجعة والتقييم لأحوال البلد و الحكومات في السنوات الأخيرة إلى اعتبارها الحكومة التي خسر الأردنيون فرصة تجربتها، خصوصا في جانب النهج غير التقليدي التي كانت سائرة عليه، وفي طريقة تفكيرها التي كسرت "التابوهات" الجاهزة للعمل الحكومي، وامتلاكها الجرأة على تقديم خيارات جديدة وأفكار خلاقة غير نمطية ربما كان ستؤتي أوكُلُها لو منحت الوقت الكافي.

