لا اجندات للاردن في العراق.. وتذمر من رسائل كتلة المالكي
الأحد-2017-01-22 12:49 am

جفرا نيوز - جفرا نيوز- كتب فرح مرقه
لا يسعف الشرح الاقتصادي وحده، في شرح ما أراد رئيس وزراء الاردن الدكتور هاني الملقي إيصاله في لقائه الرئيس العراقي قبل نحو اسبوعين، حول العلاقة العراقية الأردنية، التي تعدّ بكل تفاصيلها شائكة جدا ولا يمكن فهمها بمعزل عن التاريخ والجغرافيا والطبوغرافيا والاشتبكات الذهنية لدى الجانبين.
الأردن عمليّا ومنذ فترة يغازل بغداد وتحديدا منذ القرار الحريص على كون الاردن المستضيف اليوم للقمة العربية، ما جعل الاردن اليوم يحاول جاهدا اجتذاب "المختلف” معهم من العرب اكثر من اولئك المتفق معهم، خصوصا مع شغر مقعد على الاقل من المقاعد العربية بتجنب عمان الحديث للنظام السوري.
الغزل الناعم الذي يمارسه سياسيو الاردن بدأ عمليا قبيل الزيارة الحكومية لبغداد، والمؤتمر الصحفي الكبير في السياق الذي عقده الدكتور الملقي مع نظيره الدكتور حيدر العبادي، على امل ان تكون الاطلالة المشتركة واحدة من الدعائم للقادم.
الغمزة كانت سياسية وكبرى من الجانب الاردني حين مُنعت احتفاليات احياء ذكرى الرئيس العراقي السابق صدام حسين رغم انها كانت تتم بصورة سنوية وجماهيرية منذ رحيل الرجل، من هنا وجهت عمان رسالة "فتح صفحة جديدة” مع الجانب العراقي”، دون الخوض بمطالبات هنا وهناك حول رفع الحماية عن ابنة الرئيس الراحل رغد ووالمقيمة في عمان.
عمان ارسلت عمليا رسائل حسن النية الامر الذي لا يزال يراه السياسيون في الاردن يُقابل بالكثير من "العنجهية” من بعض السياسيين في بغداد.
فالأردن يعي تماما ان الهجمة العراقية عليه اليوم تنصب بمختلف حيثياتها على "تاريخ” لا يستطيع نواب العراق الحديث تجاوزه، بينما هو بالنسبة للأردنيين يؤشر على عصر "نموذجي” في العلاقات، اشتمل أيضا على وحدة مصير في الاقتصاد وأخوة واسعة المعاني.
بكل الاحوال، ما ان اعلن عن الزيارة ومخرجاتها المتواضعة بالنسبة للأردنيين، كون تفاصيلها لم ترَ النور بعد، حتى بدأت هجمة شرسة شنّها تيار نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، هي الهجمة التي قد تعد ضمن الرسائل المتضاربة التي يتذمر منها المسؤولين الاردنيين كونها تصلهم من الجانب العراقي بالتزامن اليوم، فالرئيس معصوم، ورئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي يرحبا بهم "على استحياء” ويعدونهم خيراً فيما يطلبون لمصلحة الجانبين، في حين تتعالى اصوات تيارات نواب رئيس الجمهورية.
في هذا السياق تحديدا يمكن فهم الجملة الحاسمة التي قالها عاهل الاردن الملك عبد الله الثاني في حديثه في الموضوع العراقي، وهو يلتقي مجموعة من المختلفين في الاراء وذوي الافكار التي تخالف السياسة الاردنية الخارجية بشكل او بآخر. عاهل البلاد قال ان الاردن ليس له اي اجندات في العراق الا استقراره واهله، موضحا ان الاردن سيحاول جاهدا دعم العراق ومساندته.
ملك الاردن وفي الجملة ذاتها اجاب ايضا على مداخلة لوزير الداخلية الاسبق نايف القاضي المتعلقة بالجانب العراقي والعلاقات بين عمان وبغداد وبعض "القسوة” في التصريحات العراقية حول الاردن، بصورة مباشرة، كما اجاب بطبيعة الحال على مداخلة مكررة اعمق من رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم الكباريتي حول ضرورة فتح المجال للحوار مع الايرانيين في وقت فيه دول الخليج منكفئة على نفسها، كون الايرانيين باتوا على الحدود الاردنية الشرقية (في العراق) والشمالية (في سوريا).
طبعا كلام الملك يجيب ايضا على كل الانطباعات الحالمة المتشكلة لدى بعض النخب الاردنية والعراقية عن كون عمان تطمح بالتوسع ولو قليلا في الانبار، وهنا يعيد التذكير بطبيعة الحال بأن مشكلة عمان مع الايرانيين هي رغبة الاخيرين التوسع في العراق كدولة عربية وان الاشكال ليس وجود "منافسة” مع طهران على اي شيء، والتي هي أقرب اليوم لبغداد الجديدة.
إعلام الدولة وقبل كلام الملك، تعمد على ما يبدو تجاهل التصريحات العراقية الغاضبة والعصبية من تيار نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، رغم قسوتها وصدورها عن تيار قريب من الرئيس فؤاد معصوم، وهذه طريقة مألوفة لدى ادارة الاعلام الحالية التي يرأسها الدكتور محمد المومني ذو الخلفية الدبلوماسية التي تجعله يدرك تماما ان رد الحكومة قد يعرضها للكثير من الاشكالات والتجاذبات التي من الواضح ان الدولة اليوم تنأى بنفسها عنها مع الدول الاخرى، ما يؤكد انه تعمد عدم الرد بصورة رسمية، إلا ان خذلانا حقيقيا كان ايضا من جانب بقية رجالات الدولة له اليوم، إذ لم يرد اخرون على التصريحات حتى على صعيد مجلس النواب الذي بدا حينها منشغلا بالكثير من الخطب الاستعراضية حول الموازنة التي اقرت قبل يومين.
كتلة "القانون” التي يتزعمها المالكي، شنت هجوما عنيفا ببيان رسمي على حكومة حيدر العبادي لإصدارها قرار بإعفاء البضائع الاردنية الآتية إلى العراق من الرسوم الجمركية واستمرار بيعها النفط العراقي للأردن بأسعار مخفضة، معتبرة ان "القرار بإعفاء بلد مثل الاردن من الرسوم الجمركية لصادراتها إلى السوق العراقية، هو قرار خاطئ، لأن الاردن ما زال مقرا لعائلة الرئيس الاسبق صدام حسين”. الاتهامات للاردن كانت ايضا بأنه "مقر لازلام نظام الرئيس صدام والتكفيرين في تنظيمي القاعدة وتنظيم الدولة”.
كذلك، انتقدت النائبة عن ائتلاف دولة «القانون»، فردوس العوادي، إعفاء الصادرات الأردنية للعراق من الجمارك، وعدته «خطأ كبير»، واصفة الاردن بأنها «أكبر مرتع لعائلة وأزلام صدام، وأكبر مصدّر «للتكفيريين». واعتبرت أن «الحكومة والشعب الأردني لم يكونوا في يوم من الأيام أصدقاء للشعب العراقي»، حسب قولها، منتقدة ما قامت به حكومتها باعتباره ” يعطي انطباعا بان الحكومة العراقية ومؤسساتها المختصة في هذه المجاملات تتعامل بخجل شخصي كبير لإرضاء ضيوفها بشكل يتقاطع تماما مع أدبيات السياسية والمصالح المشتركة للبلدان”.
النقد الكبير جاء بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء هاني الملقي لبغداد، وهو رغم التقليل الاردني منه باعتباره اصلا "شأن داخلي” متعلق بالصراعات بين كتلة القانون ورئيس الوزراء العبادي، الا انه بقي موجودا وحاضرا بقوة على المائدة الملكية مع تسعة اشخاص من رجال الدولة البعيدين اليوم عن دوائر القرار.
بكل الاحوال، الاردن اليوم تخطب ود العراقيين بصورة حضارية تماما، وترفض مقابلة الاساءة الا بالصمت من الجانب العراقي، الامر الذي يدخل بصورة او بأخرى ضمن الطلب الملكي الوحيد لضيوفه الجدليين قبل يومين بـ "السعي لانجاح القمة العربية” والتي لا يزال وجود العراق فيها من اكثر المساءل التي تؤرق عمان على ما يبدو، فغياب بغداد ودمشق النظام قد يؤثر سلبا عمليا على التحضيرات المفترضة في القمة، إذ تتحضر عمان وبصورة واضحة لدور مختلف لها يبدأ مما بعد القمة، قد يكون اقرب للنموذج الجزائري في الفترة الاخيرة

