النسخة الكاملة

دور اللامركزية والرؤية

الثلاثاء-2017-01-17 07:31 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز- كتب: محمد أبو سيف "دور اللامركزية والرؤية الأصدقاء الاحباء اسمحوا لي أن أتوقف عند مفهوم إداري سياسي لتعزيز مشاركة الحكم المحلي والرؤية الملكية بتعزيز مشاركة المواطن بصنع القرار ضمن سلسلة من الأفكار والحوارات الهادفة والاستفادة من ملاحظاتكم وارائكم حول الموضوع ضمن سلسة إضاءات معرفية لتعزيز الفائدة والحوار الهادف ولكم مني خالص الشكر والتقدير والاحترام بتواصلكم معي على صفحتي والتي اتمنى فيها الفائد والمعرفة للجميع واتحدث اليوم حول مفهوم اللامركزية نظريا وعمليا على أنه تفويض الإدارة المركزية للسلطات المحلية بعيدا عن مركز صنع القرار، فيما تطرحه الحكومة على أنه تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار على المستوى وهي تطبق في الدول المختلفة في إدارة شؤونها السياسية والتنموية أساليب إدارة مركزية أو لامركزية أو الاثنين معاً وعند الوقوف عند تعريف اللامركزية وشروطها تختلف النظرة إلى مفهوم اللامركزية من بلد لآخر نظرا لتباين الاستراتيجيات المتبعة من طرف الدول، وبصفة إجمالية يمكن القول بأنها عملية ترمي إلى نقل أنشطة اقتصادية وخدمية من منطقة مركزية مسيطرة إلى محافظات قليلة النمو وتعرف اللامركزية الإدارية بأنها أي فعل تقوم الحكومة عبره بنقل السلطة والمسؤولية رسميا إلى القواعد والمؤسسات المحلية على مستوى أدنى في تراتبية سياسية وإدارية ومناطقية فهذا النقل للصلاحيات الإدارية يمكنها من مزاولة عمل الدولة فيما يخص تنفيذ ومتابعة ويكون مصاحبا بتوفير الوسائل المالية الضرورية للتنمية اللامركزية كما يمكن اعتبارها مسارا وهي تحويل جزء من الصلاحيات إلى سلطات أدنى . ويشترط لقيام اللامركزية عناصر أساسية هي : - وجود مصالح محلية ذاتية تتمتع بالشخصية المعنوية، فإلى جانب المرافق التي تؤمنها الدولة و توجد أيضا خدمات تؤمنها إدارة محلية كتوزيع الكهرباء والماء في وتتولى الدولة في هذا المجال عملية تحديد المرافق العامة التي تعتبرها وطنية وتلك التي تعتبرها محلية ولكي تتمكن وحدات الإدارة المحلية من إدارة شؤونها يجب أن يكون لديها موظفون وأملاك وموازنة خاصة، وأن تمتلك حق التقاضي أي أن تتمتع بالشخصية المعنوية. - تنظيم مجالس إدارية محلية مستقلة تنتخب من بين الناخبين المسجلين في المنطقة ومن قبل هؤلاء الناخبين. - أن لا تخضع أجهزة السلطة المحلية لرقابة صارمة من قبل السلطة المركزية، حيث تحقق اللامركزية نوعا من الاستقلال الذاتي غير المطلق، بمعنى أن السلطة المحلية تبقى خاضعة لرقابة السلطة المركزية أو لرقابة ممثليها المحليين، إلا أن هذه الرقابة يجب التمييز بين مفهوم اللامركزية تهدف إلى لامركزة السلطة السياسية والاقتصادية والإدارية كما أنه تعني تحويل جزء من الأنشطة من مركز متشبع إلى أطراف أو مناطق غير متشبع ويقوم التعريف الجوهري لمفهوم اللامركزية الإدارية، ومهما يكن الشكل الذي تتخذه، فتتميّز بقيام كيانات قانونية منتخبة على المستوى المحلي، تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري، وإنما تخضع لرقابة السلطة المركزية رغم استقلالها عنها إداريا". وبالتالي، فإن أهم المعايير الواجب اعتمادها للقول بوجود حالة لامركزية هي: - قيام سلطة عامة محلية، تستمد شرعيتها من القانون الذي يحدّد صلاحياتها. - تمتّع هذه السلطة بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية الدولة التي هي جزء منها. - تمتّع هذه السلطة باستقلال مالي، أي بموازنة مستقلة عن الموازنة العامة، وبمصادر واردات خاصة بها، وبإمكانية إنفاق من ضمن الموازنة. لكن هذا الاستقلال ليس مطلقا، فالسلطة المركزية تحتفظ لنفسها بحق الرقابة، نظرا إلى كون هذه الأموال أموالا عامة، يقتضي فرض الرقابة على سبل جمعها وإدارتها وإنفاقها، وإنما حصرا ضمن حدود القانون. - تمتّع السلطة اللامركزية بالاستقلال الإداري، أي بإمكانية إدارة أموالها وشؤونها دون الرجوع إلى السلطة المركزية إلاّ استثنائيا واللامركزية يمكن القول أنها تمثل محطة على طريق تحقيق المشاركة الشعبية في صناعة القرار والتي تتخذ هي الأخرى أنماطا ومستويات متعددة. 3- أنماط ومستويات اللامركزية يشير مفهوم اللامركزية إلى العملية العامة التي تنقل بموجبها السلطة السياسية والعمليات التنفيذية إلى هيئات حكومية على المستوى المحلي، واللامركزية تقسم بعدة مستويات حسب درجتها وعمقها إلى أنماط أربعة تبعًاه لمستوى نقل السلطة ولنوع الصلاحيات التي يجري تشاطر السلطة معها، وهذه الأنماط هي: - التنازل: ويعني نقل السلطة إلى حكومات محلية مستقلة ذاتيا أو شبه مستقلة ذاتيا. - التفويض: وهو نقل مسؤوليات الخدمات والإدارة إلى أجهزة الحكم والمؤسسات المحلية. - إبطال المركزية (أو عدم التركُز): ويعني توكيل تنفيذ البرامج الوطنية لفروع أدنى من الحكومة. - التجريد: وهو نقل الخدمات والمؤسسات العامة (الحكومية) إلى شركات ومؤسسات خاصة" وكل نمط من هذه الأنماط مقومات سياسية ومالية وإدارية فكلما كان حجم ونوع الصلاحيات الإدارية للوحدات الإدارية الممنوحة المحلية والإقليمية في كل جانب من جوانب الإدارة العامة ذات العلاقة بعملية تطبيق اللامركزية كبيراً وهاماً، كلما كانت اللامركزية قوية. وقد حدد البعض حجم ونوع هذه الصلاحيات لكل جانب من جوانب الإدارة العامة وربطها بمستوى اللامركزية الذي تمثله والتي تمثلت في: - البعد المكاني : ويقصد به تشكيل الوحدات الجغرافية اللامركزية، فإذا تم ذلك بموجب الدستور تكون اللامركزية قوية، وإذا حصل ذلك وفق قانون تكون اللامركزية متوسطة، أما إذا شكلت هذه الوحدات بموجب قرار إداري فتكون اللامركزية ضعيفة. - البعد التنظيمي : ويعني مدى استقلالية الوحدات الإدارية المحلية في وضع نظامها الداخلي، فإذا كانت هذه الوحدات تتمتع في ذلك بالاستقلال الكافي تكون اللامركزية قوية، وإذا ما قامت الحكومة المركزية بتحديد إطار عام للنظام الداخلي للسلطات المحلية فتكون اللامركزية متوسطة، وإذا وضعت الحكومة المركزية النظام الداخلي للوحدات الإدارية المحلية أو حددت تعليمات تفصيلية لهذه الغاية فتكون اللامركزية ضعيفة. - البعد المؤسسي : إذا توفر للوحدات الإدارية المحلية البناء المؤسسي المعتاد للحكومات من برلمان وقضاء مستقل فتكون اللامركزية قوية، وإذا توفرت جميع المؤسسات باستثناء القضاء وبعض المؤسسات الأخرى فتكون اللامركزية متوسطة، أما إذا كانت الإدارات المحلية مجرد سلطة إدارية عندئذ تكون اللامركزية ضعيفة . - تعيين المسؤولين : إذا كان تعيين المسؤولين في الوحدات الإدارية المحلية يتم بواسطة الانتخاب من قِبل السكان تكون اللامركزية قوية، وإذا تم تعيين المسؤولين في هذه الإدارات بموافقة السلطة المركزية فتكون اللامركزية عندئذ متوسطة، وفي حالة تعيين المسؤولين من قِبل الحكومة المركزية تكون اللامركزية ضعيفة. - تحديد الصلاحيات : إذا حُددت صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية بموجب الدستور تكون اللامركزية قوية، وإذا كان ذلك عن طريق قانون تكون اللامركزية متوسطة، أما إذا كان هذا التحديد قائم على أساس قرار إداري فتكون اللامركزية ضعيفة. - صلاحية التشريع : إذا تمتعت الوحدات الإدارية المحلية بصلاحية تشريع كاملة في جوانب معينة تكون اللامركزية قوية، وإذا كانت صلاحية التشريع في جوانب معينة موزعة ما بين الإدارة المحلية والسلطة المركزية فتكون اللامركزية متوسطة، وفي حالة عدم امتلاك الوحدات الإدارية المحلية لأي سلطة تشريعية تكون اللامركزية ضعيفة. - فرض وجمع الضرائب : إذا كان من صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية استيفاء ضرائب الدولة المختلفة في المناطق التي تمارس فيها صلاحياتها تكون اللامركزية قوية، أما إذا اقتصرت صلاحياتها في هذا المجال على استيفاء الضرائب المحلية فتكون اللامركزية متوسطة، وإذا لم تمتلك هذه الوحدات أي صلاحياتها في استيفاء الضرائب تكون اللامركزية ضعيفة. - صلاحية الإنفاق : إذا تمتعت الوحدات الإدارية المحلية باستقلالية في الصرف وبدون شروط تكون اللامركزية قوية، وإذا كان الصرف وفق شروط تحددها السلطة المركزية تكون اللامركزية متوسطة، أما إذا كان الصرف بموافقة السلطة المركزية فتكون اللامركزية ضعيفة . - تمثيل المصالح المحلية على المستوى الوطني: إذا كانت المصالح المحلية والإقليمية ممثلة بمؤسسات على المستوى الوطني مثلاً في مجالس برلمانية تكون اللامركزية قوية، وإذا اقتصر تمثيل المصالح المحلية على المستوى الوطني بشخص أو أكثر تكون اللامركزية متوسطة، وإذا غاب الشرطان السابقان تكون اللامركزية ضعيفة و المقومات السياسية والمالية والإدارية المهمة للامركزية درجة اللامركزية المقومات السياسية المقومات المالية المقومات الإدارية إبطال اللامركزية (تغيير أدنى) - لا توجد حكومة محلية منتخبة. - القيادة المحلية منوطة بالمسؤولين المحليين كالحاكم أو الشيخ (المختار) ولكن معينون من المركز ومسؤولون أمامه. - علاقات الصوت بعيدة وربما ضعيفة. - الحكومة المحلية8 سلطة توصيل خدمات للمركز وتملك حرية تصرف ضئيلة أو منعدمة حول كيفية ومكان تقديم الخدمات. - تأتي الأموال من المركز عبر موازنات وزارات أو أقسام مستقلة. - لا توجد مصادر دخل مستقلة. - الموظفون المحليون تابعون للمركز ويحاسبون أمامه عبر الوزارات إجمالاً، ويعوض عن القدرة المحلية الضعيفة بموظفين من المركز. - تبقى المحاسبة بعيدة: فقد تكون طريق المحاسبة القصيرة ضعيفة إن كانت مراقبة المزود ضعيفة وقد يضطر المواطنون الاعتماد على طريق طويلة ضعيفة تصل إلى السياسيين في المركز، وقد تعوض طريق مدمجة بين صانعي القرارات والمزودين إلى حد ما. تفويض (تغيير متوسط) - قد يقود الحكومة المحلية سياسيون منتخبون محليًا لكنها تبقي مسؤولة بصورة جزئية أو كاملة أمام المركز. - علاقات الصوت أكثر محلية ولكن يمكن أن ينقضها المركز. - تحدد أولويات الإنفاق مركزيًا وكذلك معاييره وقياساته؛ تملك الحكومة المحلية بعض السلطة الإدارية حيال تخصيص الموارد لملاءمة الظروف المحلية. - يؤمن المركز التمويل عبر تحويلات وتكون إجمالا قروضاً جامدة أو مشروطة. - لا توجد مصادر مداخيل مستقلة - يمكن للمزودين أن يكونوا موظفي حكومة محلية مركزية لكن الأجور وشروط العمل يحددها المركز عادة. - لدى الحكومة المحلية بعض السلطة حول استخدام الموظفين ومواقعهم لكن غالبا لا تملك سلطة الطرد. - طريقا المحاسبة الطويلة والقصيرة أقوى نسبيًا، وتسمح معرفة محلية أكبر بملاءمة التزويدات مع التفضيلات المحلية ومراقبتها بشكل أفضل ما يقوي الطريق المدمج وقوة الزبون. التنازل عن السلطة (تغيير كبير) - يقود الحكومة المحلية سياسيون منتخبون ويحاسبون أمام المنتخبين المحليين. - قد تكون علاقة الصوت قوية جدًا، ونجاحها يعتمد على الحكومات المحلية أن تكون على مستوى المعايير الدنيا المحددة وطنياً، تستطيع تحديد أولويات الإنفاق والطرق الفضلى لملاءمة موجبات الخدمات. - يمكن للتمويل أن يتأتى من مداخيل محلية واتفاقات مشاطرة أرباح ونقلها من المركز. - تقشف كبير في الموازنة ضروري لإيجاد الحوافز لتسليمات خدماتية خاضعة للمحاسبة. - المزودون موظفون لدى الحكومة المحلية - تملك الحكومة المحلية حق التصرف الكامل حيال مستويات الأجور وأعداد الموظفين وتعيينهم والسلطة والاستخدام والفصل. - يمكن عادة أن يستمر إطار مدني يغطي الحكومات المحلية في وضع معايير وإجراءات استخدام الموظفين7 وإدارتهم. - طرق محاسبة طويلة وقصيرة قوية نسبيًا لكنها أكثر تأثرا بالمعايير الاجتماعية المحلية وعرضة أكثر لمعوقات القدرة المحلية وعموما تساعد اللامركزية على استغلال القدرات المحلية لتلبية الاحتياجات الأساسية، والتقليل من التباينات والفوارق الاقتصادية فيما بين الأقاليم، وتقريب الإدارة من السكان عن طريق خلق هياكل محلية كالبلديات وأجهزة الحكم المحلي. ثانيا: التنمية المحلية، ووجاهة الخيار اللامركزي أزداد دور الحكومات في الكثير في مجال تزويد السكان بالخدمات المحلية الأساسية كالتعليم والصحة والمياه والكهرباء وشبكات النقل … الخ، وقد أدى هذا التزايد في المسؤوليات الحكومية إلى تركز سلطة صنع القرار التنموي في أيدي الحكومات المركزية المتواجدة عادة في عواصم دولها، وقد نجم عن هذا الوضع ثغرات ومشكلات تنموية عديدة كان من أهمها : ازدياد حدة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية المكانية، سواء على مستوى المحافظات والمناطق أو التجمعات السكانية، الأمر الذي جعل الهيئات الأهلية والشرائح السكانية في كثير من الأحيان غير راضية عن القرارات التنموية للحكومات المركزية؛ نظراً لأن هذه القرارات غالباً ما تكون بعيدة عن حاجات ومشكلات ومصالح السكان المحليين في المستويات المكانية المختلفة تطور مفهوم ومجال التنمية كثيرا خلال العقود الأخيرة، وهكذا ظهرت إلى جانب مصطلح التنمية الاقتصادية عدة مسميات كالتنمية الاجتماعية، والتنمية البشرية المستديمة، والتنمية الإنسانية. كما عرف الخطاب التنموي بروز عدة مفاهيم تعنى بتحديد نطاق التنمية من قبيل والتنمية المحلية. وهي كما نلاحظ مل فتئت تسعى إلى حصر مجال التنمية أو نطاقها في حدود ومجالات ترابية أصغر ولقد ظلت مسألة التنمية تطرح أساسا على الصعيد الوطني لكن الوعي المتنامي بالتفاوت الوطني والنامية على السواء، كما أن المسألة المحلية لم تطرح إلا مع بداية الثمانينات . حيث توجهت التنمية منذ مطلع الثمانينات إلى أن تكون داخلية ذاتية تساهم فيها جميع فئات المجتمع فضلا عن ضرورة إحياء مراكز محلية تستغل استغلالا أمثل الموارد الطبيعية والبشرية المحلية كما توجه الاعتناء إلى التنمية الريفية مع التقليل من أهمية التخطيط، ومع تركيز هياكل إدارية تعنى باللامركزية ومنح الأجهزة الإدارية المحلية صلاحيات أوسع كما ساهمت المنظمات غير الحكومية منذ ما يزيد على العقدين في ترسيخ الاقتناع بأهمية التنمية المحلية من خلال برامج التنمية الذاتية والتضامن وتثبيت السكان في مواقعهم الأصلية والمحافظة على البيئة وتهيئة المجال المحلي وإسناد برامج التنمية الحكومية التي تبنتها ونفذتها في المناطق الفقيرة والمعزولة وباعتمادها على تصورات وطنية، وخارجية أحيانا، وبتشريك السكان المستفيدين والمتطوعين كذلك، تستهدف المنظمات المذكورة إرساء قواعد المجتمع المدني والتقاليد الديمقراطية. وبانخراطها في شبكات عالمية تجعلها تملي أحيانا التصورات والبرامج وتقدم التمويلات الإضافية أو تصرف المساعدات البيحكومية والهبات شأنها شأن الوسيط، تساهم هذه المنظمات غير الحكومية من خلال عملها المحلي في دمج بلدان العالم الثالث في المنظومة العالمية . 2- مفهوم وأهداف التنمية المحلية: ظهر مفهوم التنمية المحلية بعد ازدياد الاهتمام بالمجتمعات المحلية لكونها وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة على المستوى القطري، فالجهود الذاتية والمشاركة الشعبية لا تقل أهمية عن الجهود الحكومية في تحقيق التنمية، عبر مساهمة السكان في وضع وتنفيذ مشروعات التنمية، مما يستوجب تضافر الجهود المحلية الذاتية والجهود الحكومية لتحسين نوعية الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية للمجتمعات المحلية، وإدماجها في التنمية القطرية وهكذا انطلقت التنمية المحلية ومصدر استلهام للعمل التنموي باعتبارها قابلة للتطوير، ذلك لأن المجتمعات التقليدية ليست في الواقع جامدة بل تتطور باستمرار وهي قابلة للتكيف مع ما تشهده من ظروف جديدة. ويمكن في هذا الصدد إعادة الاعتبار لطرق العلاج التقليدية، وطرق استغلال الموارد الغابية والمائية والفلاحية المتاحة محليا ويقوم مفهوم التنمية المحلية على عنصرين رئيسيين هما : - المشاركة الشعبية في جهود التنمية المحلية، والتي تقود إلى مشاركة السكان في جميع الجهود المبذولة لتحسين مستوى معيشتهم ونوعية الحياة التي يعشونها معتمدين على مبادراتهم الذاتية. - توفير مختلف الخدمات ومشروعات التنمية المحلية بأسلوب يشجع الاعتماد على النفس والمشاركة أما من حيث الأهداف المرجوة منها فإن التنمية المحلية تهدف إلــى الآتي : - تطوير عناصر البنية الأساسية كالنقل والمياه والكهرباء حيث يعتبر النهوض بهذه القطاعات أساسا لعملية التنمية ولتطوير المجتمع المحلي. - زيادة التعاون والمشاركة بين السكان مما يساعد في نقل المواطنين من حالة اللامبالاة إلى حالة المشاركة الفاعلة. - زيادة حرص المواطنين على المحافظة على المشروعات التي يساهمون في تخطيطها وتنفيذها. إن التنمية المحلية تعمق مبدأ المشاركة في التنمية بهدف تحقيق ديمقراطية التنمية المحلية. فمنطلق التنمية المحلية إذن هو تبني مبدأ البناء من أسفل، بأن نجعل من تنمية الجماعات المحلية نقطة الانطلاق الأساسية لتنمية المجتمع ككل. فكيف إذن تساهم اللامركزية في تحقيق ذلك ؟ ثالثا: دور اللامركزية في تحقيق التنمية المحلية بما أن اللامركزية هي الحالة أو الوضع الذي يعطى فيه حق المشاركة في اتخاذ القرار للمستويات الإدارية الدنيا، دون أن يلغي ذلك حق الجهة المركزية في اتخاذ القرار، فهي إذن أسلوب في العمل يقوم على مبدأ توزيع سلطة صنع القرار والصلاحيات بين السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة تتواجد في المحافظات والتجمعات السكانية المختلفة، وهذا يعني أن اللامركزية الإدارية تتمثل في تفعيل دور السلطات المحلية، وذلك بإسناد مهام إدارية وتنموية لها تزيد من فاعليتها، وتعزز دورها في تحمل مسؤولياتها وصلاحياتها بالشكل الذي يعمل على دمج السكان المحليين في عمليات التنمية المحلية ويؤدي في النهاية إلى نجاحها . 1- اللامركزية كإطار ملائم لتخطيط وتنفيذ التنمية المحلية إن الجانب الإداري في عملية إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية عامةً، والتنمية المحلية خاصة قضية يجب التعامل معها على أنها أساسية وضرورية لنجاح هذه الخطط في تحقيق أهدافها، إذ أن فشل كثيـر من خطط التنمية وبالذات الريفية منها في العديد من دول العالم النامي ناجم بالأساس عن الأساليـب الإداريـة المتبعـة في إدارة خطـط التنمية أثناء تنفيذها وليس عن فقـر في محتوى عملية التخطيـط نفسهـا على صعيد آخر فإن الإدارة هي التي تبرز أهمية التخطيط اللامركزي مقارنة بالتخطيط القطاعي، وهي الوسيلة الوحيدة التي يتم من خلالها تحويل الأهداف القطاعية إلى إطار عام يصلح كاستراتيجية تنمية محلية تسمح بتحقيق المشاركة الشعبية، وتضمن الترابط والانسجام والتكامل بين الهيئات والمؤسسات المعنية بإعداد وتنفيذ خطط التنمية المحلية، لذلك فإن هيئات التخطيط الرسمية في المستوى الإقليمي والمحلي يجب أن تمتلك السلطة والكفاءة الإدارية العالية التي تمكنها من القيام بدورها على أكمل وجه. إن عملية التخطيط في ظل اللامركزية الإدارية يجب أن تعني تفعيل المشاركة الشعبية ودور المجموعات المستهدفة في عمليات إعداد وتنفيذ خطط التنمية المحلية، وهذا ما يعرف بأسلوب التخطيط من أسفل، فالتخطيط والبناء من أسفل يعمل على تحقيق مبدأ رئيس من مبادئ التنمية الناجحة هذا المبدأ يتمثل في تعزيز الحرية، ولكن ليس بمفهومها السياسي فقط، وإنما بمفهومها الإنساني الشامل الذي يسمح ويعظم من قدرة الإنسان على الاختيـار كما أن التخطيط من أسفل يساعد في تحديد أهداف التنمية و تطبيق الإدارة اللامركزية بفاعلية في مجال التخطيط والتنمية المحلية، يعمل على تنفيذ برامج التنمية بسهولة وفق حاجات السكان المحليين ومتطلباتهم، نظراً لأنها تسمح بمشاركة سكان المجتمع المختلفة في عملية إعداد وتنفيذ الخطط التنموية لمناطقهم، كما أنها توفر دعماً ضرورياً لحشد الطاقات وتعبئة الموارد، وهذا يهيئ فرص النجاح لخطط التنمية الوطنية في تحقيق أهدافها بشكل متوازن ، ويسهم هذا النجاح في تحقيق التوازن الإقليمي وتقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية، وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على توزيع سلطة صنع القرار بين هيئات التنمية والتخطيط المركزية ونظيرتها المحلية، وذلك على اعتبار أن توزيع الاستثمارات والموارد ورصدها في مجتمع ما له علاقة وثيقة بتوزيع سلطة صنع القرار فيه. 2- اللامركزية وتوسيع خيار المشاركة والديمقراطية المحلية: تعتبر المشاركة من أدنى إلى أعلى لن تتمكن أجهزة الحكم المحلي من هيكلة أو إدارة الخدمات العامة وتحقيق التنمية المحلية وكلما صغر النطاق الجغرافي للمجتمع، زادت قدرة الناس على المشاركة الفعالة في نسق للحكم الرشيد . إذ تخلق إدارة الحكم اللامركزي فرصا أكثر لمشاركة الناس وإسهامهم. وفي أنظمة الحكم الديمقراطي يكون الحكم المحلي ميدانا لتبلور قد رات المساهمة في مجالات الحكم المختلفة، وبروز العناصر القادرة على المساهمة في الحكم المركزي، كما ينظر إلى عملية صنع القرار على المستوى المحلي هي نموذج للحكم الرشيد الذي يراد له اليوم أن يمثل الإطار المرجعي للإصلاح السياسي والمؤسسي في الدول النامية، و الهياكل البلدية هي بالنسبة للديمقراطية بمثابة المدارس بالنسبة للعلم وتكمن الفكرة الأساسية اللامركزية في أن القرارات العامة يجب اتخاذها إذا أمكن على مستوى السلطة الأقرب إلى الناس، إذ يملك قاطنو منطقة معينة الحق والمسؤولية في اتخاذ قرارات بشأن المسائل التي تؤثر فيهم مباشرة والتي يستطيعون اتخاذ قرارات في شأنها وفي مقدور أجهزة الحكم المحلي أن تكون أكثر تجاوبا وتكيفا مع الأوضاع المحلية الأمر الذي يؤدي إلى فاعلية أكبر، فالإداريين المحليين يوفرون مجالا أفضل وأكثر راحة، ويضعون المؤسسات الحكومية مباشرة في متناول السكان الذين تخدمهم. وتمثل البلديات مسرحا لتجسيد التعاون والتضامن، بدءا بالاتصال المباشر بالناس، وكذلك مع المنظمات والجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، عبر أطر تضمن الديمقراطية والمشاركة في آن واحد. فالمشاركة الشعبية ضرورية لإيجاد المساءلة داخل المؤسسات المحلية والتجاوب مع حاجات المجتمع المحلي لكن تطبيق سياسة اللامركزية ليس حلا سحريا لكل المشاكل التنموية على المستوى المحلي، وإنما تواجهه جملة من التحديات. 3- تحديات تطبيق سياسة اللامركزية إن اللامركزية بحد ذاتها لا تضمن إدارة أفضل للحكم، ففي الواقع تخلق اللامركزية غير الفاعلة أو غير الملائمة من المشكلات أكثر مما تحل، ولذا يتحتم تطبيق اللامركزية بعناية من أجل ضمان فاعلية للمؤسسات المحلية فقد تكون اللامركزية غير ملائمة أحيانا، وبالتالي تقود إلى تدني نوعية إدارة الحكم، ففي الدول الصغيرة جدا يحقق الحكم المركزي فاعلية أكبر عبر تنسيق عمل الحكومة المركزية، بدلا من إيجاد كيانات محلية مستقلة ذاتيا، وقد تقود اللامركزية إلى خسائر في وفورات الحجم وإلى عدم الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي. كما يمكن للامركزية الضريبية أن تستنزف الإيرادات المركزية حين تعجز الحكومة الوطنية عن ضبط الإنفاق العام. وقد تفتقر الحكومات المحلية إلى القدرة والخبرة الموجودتين لدى المؤسسات الوطنية لكن في المقابل قد يؤدي تطبيق اللامركزية من دون الانتباه الدقيق للامركزية الضريبية إلى انتكاس جهود الإصلاح فمن دون سيطرة أجهزة الحكم المحلي على إيراداتها وميزانياتها لن تتمكن من العمل باستقلال ذاتي، فالإيرادات المحلية تخلق قدرة رأسمالية يمكن إعادة توزيعها على البنية التحتية العامة وعلى الاقتصاد العام إن تنفيذ خطط ضريبية وخطط فاعلة للإيرادات تفترض مسبقا عملية تاريخية طويلة في مجال بناء الدولة، مما يعزز أهمية وفاعلية التخطيط والتصميم عند تطبيق اللامركزية. من جهة ثانية توجد حجج متعارضة حيال تأثير اللامركزية على وحدة الدولة؛ إذ يذهب الكثير من الباحثين إلى أن اللامركزية تشكل خطرًا على الوحدة الوطنية لأنها تضعف الولاء للدولة، وتشجع ظهور حركات انفصالية. بينما يرى آخرون أن اللامركزية تزيد "الاستقرار السياسي والوحدة الوطنية عبر السماح للمواطنين بالتحكم في البرامج السياسية بشكل أفضل على المستوى المحلي" . خلاصة واستنتاجات: تمثل اللامركزية - بما تمنحه من صلاحيات أوسع للهيئات المحلية - إطارا ملائما لإشراك المجتمعات المحلية في تخطيط وتنفيذ ومتابعة تنميتها الذاتية، كما تساهم اللامركزية في نشر الديمقراطية ومشاركة مختلف الفاعلين في العملية التنموية، والتي أصبح المجال المحلي خلال العقود الثلاثة الأخيرة إطارها الأنسب. بهدف تحقيق استغلال أمثل للموارد الطبيعية المحلية المتاحة والكامنة، وتشغيل الأيدي العاملة المحلية ولعل مساهمة اللامركزية في تحقيق التنمية المحلية تتجلى في كونها تساعد على: - الحد من البيروقراطية الإدارية وتسريع وتسهيل عملية صنع القرار الإداري والتنموي، مما يساهم في إيجاد توزيع عادل نسبياً لسلطة صنع القرار والاستثمارات والموارد داخل الدولة . - تنازل هيئات الحكم المركزية عن جزء من صلاحيتها لصالح هيئات حكم محلية، هذه الهيئات التي تتعايش مع مشكلات السكان المحليين بشكل مستمر وتدرك أسبابها وأبعادها، وهذا الوضع يمنح هذه الهيئات القدرة على ربط برامج ومشاريع التنمية بالحاجات المتعددة والمتناقضة للمناطق والمحافظات والشرائح السكانية المختلفة، وبالتالي يضمن تحقيق أهداف خطط التنمية الوطنية بصورة فاعلة - ترسيخ مبدأ الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار التنموي على المستوى المحلي، وذلك على اعتبار أن اللامركزية هي شكل من أشكال وأسس العملية الديمقراطية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير