النسخة الكاملة

سمير الرفاعي ماكينة وطنية وملف أبيض ومطلب شعبي

الإثنين-2016-03-24 06:28 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز- خاص - محرر الشؤون المحلية  تجزم أوساط سياسية أردنية مُواكِبة للمشهد السياسي الأردني أن المرحلة السياسية المقبلة تتطلب شخصية سياسية اقتصادية لقيادة السلطة التنفيذية، لا تعد مُلوّثة بالمعيار السياسي، ولا تمتلك أجندة عدائية تجاه أحد، وفوق ذلك قادرة على "الاتصال الاستراتيجي" بالشارع، وهي صفات تبدو مجتمعة حتى الآن في شخصية من طراز رئيس الحكومة الأردنية الأسبق سمير زيد الرفاعي، طبقا لأكثر من شخصية سياسية أردنية. ظروف قاهرة والرفاعي سليل العائلة السياسية منذ عقود طويلة، لم يذهب بعد خروجه الدراماتيكي من قمرة القيادة إلى منزله متأملا ذكرياته، أو ساعيا إلى العودة إلى منصبه السابق، الذي غادره تحت وطأة ظروف إقليمية قاهرة لم يكن ممكنا أن تنجو منها أية حكومة في العالم العربي، إذ في بلد مثل الكويت اضطر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى التضحية على غير رغبته أو اقتناعه برئيس حكومته آنذاك الشيخ ناصر المحمد الصباح "الإصلاحي" و "المُثقف" و المُتْقن لأكثر من أربع لغات عالمية، تجاوبا مع الشارع. الأردن أكبر شخصيات سياسية أردنية مرموقة باتت على قناعة أن الرفاعي ظُلِم سياسيا، وبادر من تلقاء نفسه إلى القبول بالأمر الواقع، مؤكدا لجلالة الملك عبدالله الثاني أن "الأردن أكبر من الجميع"، وأنه يعتبر نفسه "تفصيل هامشي" أمام منعة واستقرار الأردن العظيم، إذ تلمح الشحصيات الأردنية ذاتها أن الرفاعي هو من رؤساء الحكومات القلائل الذين قفزوا إلى المنصب التنفيذي الأول من دون المرور بمقاعد مجلس الوزراء، وهو ما يعني أن الرجل لم يُحضّر نفسه لاقتناص حقيبة وزارية ولا لدخول دهاليز السياسة ومتاهاتها، وبالتأكيد لم يكن طامحا لأي منصب سياسي، إذ لوحظ أن والده السياسي المخضرم زيد الرفاعي تنحى عن قيادة مجلس الأمة مباشرة بعد تكليف نجله تأليف الوزارة عام 2009. أداء أبيض منذ خروجه "الاضطراري" من قمرة القيادة عام 2011 لوحظ أن الرفاعي تحول إلى ماكينة وطنية لا تهدأ، إذ لم يترك مناسبة اجتماعية في كل الاتجاهات الجغرافية الأردنية دون أن يصل إليها، محاطا بالتقدير والترحيب، فالرجل لم يكن ممن شابهم أية شبهات سياسية ومالية، حتى أن حكومته لم ينفجر في حضنها أي لغم يتعلق بقضايا فساد أو تطاول على المال العام، وهو ما يجعل عودته إلى الدوار الرابع رئيسا للحكومة مسألة وقت، ومطلبا شعبيا بحسب قبائل عدة زارها الرفاعي في مضاربها مهنئا ومعزيا ومُسْتفسرا عن الحال، ورسولا لسُكّان الطوابق السياسية العليا في اتجاهات جغرافية على امتداد الخريطة الأردنية. خؤولة معانية لا يهاب الرجل التوجه مباشرة إلى مدينة معان الأردنية، التي شكلت عُقْدة لمعظم سلف وخلف الرفاعي في العقود الماضية، فالرفاعي خلال أشهر قليلة زار معان 5 مرات، ولقي فيها زخما معانيا لم يتح لأي من أسلافه أو خلفه، فالرجل يتفوق عليهم في ميزة مهمة، وهي أن "مخول" الرفاعي هم معانيين من آل التلهوني. حسم وجرأة يتردد أن أغلب برامج التصحيح الاقتصادي سُرِقت من حكومته، التي وضع لها الرفاعي برنامجا إصلاحيا شفافا، فالرجل صاحب قرار حاسم، وجريء، ولم يتردد كثيرا في اتخاذ القرار الوطنية بعيدا عن الشعبية والاسترضاءات والاستعراضات، بل ظل صاحب سياسية واضحة، طالت حتى وضع قواعد للعاملين في مكتبه الخاص، علما أنه إزاء كل تلك الشفافية والوضوح إلا أنه ظل رجل الاتصال المجتمعي الأول، كما أن خصومه ومنتقدي تجربته هم أول من يسارعون للاتصال والتواصل معه، وهو ما يعني أن الرجل لا يؤمن بالخصومة السياسية، التي طبعت أداء أغلب من تولوا المسؤولية العامة في السنوات الأخيرة. آراء وازنة وفي الأشهر الأخيرة لوحظ أن الرفاعي سافر مرات عدة إلى الخارج، حيث أنه حضر وحاضر في جامعات عالمية عريقة ملفات سياسية دولية مُعقدة، وكان له فيها رأيا قويا بخصوص الإقليم المضطرب في منطقة الشرق الأوسط، بل أن الرجل أدى استشارات سياسية واقتصادية مهمة في دول شرق أوسطية عدة، علما أن المفارقة المرصودة هنا أن الرفاعي لم يستغل ميزته السياسية كرجل ثانٍ في مجلس الأعيان الأردني، بل أن الرجل يتكئ على روافعه الذاتية كسياسي وإداري ورجل أعمال. خدمة البلد والعرش لا يطرح الرفاعي نفسه لقطف أو خطف منصب أحد، فهو سليل عائلة سياسية ليست طارئة على المناصب ومؤسسة الحكم منذ عقد الخمسينات من القرن الفائت، لكن حركته السياسية والمجتمعية أصبحت تعطيه ميزات إضافية يسبق فيها أي مرشحين للحلول في أي منصب سياسي، علما أن الرجل في مجالسه الخاصة يتمنى على مريديه سياسية أن يتحاشوا فكرة ترويجه سياسيا، أو الترويج له لشغل أي منصب، فالرجل آمن ويؤمن أنه يخدم العرش والبلد، ويستمد من جلالة الملك عبدالله الثاني العزم والأمل والعطاء، وأن الملك يعرف جيدا من يمكنه خدمة الأردن على نحو أفضل.
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير