النسخة الكاملة

حجازي .. (جنرال) القضاء العسكري وصانع فلسفته

الإثنين-2016-03-13 07:12 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - إبراهيم قبيلات

يترك اللواء مهند حجازي بصمته الخاصة في بنية القضاء العسكري، فلسفته وشعاره بعد أربع سنوات من العمل الدؤوب على رأس هذه المؤسسة الحسّاسة، حسبما يؤكد من عملوا برفقة هذه الشخصية الإصلاحية.

فمنذ تسلم مسؤولياته منتصف 2012، حقّق اللواء حجازي (54 عاما) حزمة إنجازات على عدّة مسارات، في حقبة ملتهبة من تاريخ الوطن، المحاط بقلاقل مصيرية ما انفكت تلقي بحممها على المملكة.

"امتلاك حجازي مخزونا قانونيا في إطار ثقافي شامل مكّنه من تعزيز استقلال القضاء العسكري"، حسبما يقول المحامي سميح خريس، الذي يؤكد انحياز د. حجازي إلى الموضوعية والمهنية، مقابل رفضه استخدام سلطته للتأثير في الحياة العامة، "في مشهد يعزز استقلالية القضاء ومؤسسيته، ويبقيه رافعة وطنية تتمسك بالقانون وتعلي من شأنه".

عمل حجازي على تنظيم هيكلية مؤسسة القضاء العسكري وفلسفتها، فضلا عن تطوير التشريعات الناظمة لها، بما يواكب ثورة الاتصالات والتعبئة الالكترونية المتصاعدة لمنصات الإرهاب.

بالنسبة لخبراء القانون، فإنهم يصفون قانون مكافحة الإرهاب بـ"الريادي" على مستوى المنطقة، سيما وأنه استهدف تحصين المملكة ضد المد الداعشي العابر للحدود.

ورغم الجدال الذي رافق سنّ القانون، لجهة تأثيره على سقف حرية التعبير والنشر/ البث، إلا أنهم يؤكدون مساهمة هذا التشريع في تشكيل مرجعية لدول عربية مجاورة، تسعى للجم انخراط شبابها في تنظيمات إرهابية عابرة للحدود.

كما أدخل حجازي نظام المحاكمات الالكترونية (ميزان) المعتمد في القضاء المدني، إلى جانب مأسسة آلية تأهيل القضاة من خلال معاهد محلية ودولية، وساوى بين القضاة العسكريين وأقرانهم المدنيين في الامتيازات، لا سيما صندوق التكافل والادخار.

محليا، فتح أبواب القضاء العسكري على المجتمع المدني؛ لا سيما المركز الوطني لحقوق الانسان، المعهد القضائي ونقابة المحامين.

وبهذا التشبيك المجتمعي، نجح القضاء العسكري في ترسيخ صورة حضارية عن محكمة أمن الدولة، ضمن معادلة صعبة توائم بين الأمن الوطني وإنجاز العدالة، مع الحرص على تكريس مبدأ استقلال القضاء وتطبيق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وضمانات حق الدفاع.

واعتمد القضاء العسكري في عهده واجهة مجتمعية أكثر إيجابية، كما استحدث شعارا مستقلا، محوره الآية الكريمة: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".

النائب الأول لرئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، مصطفى عماوي يرجع نجاح د. حجازي في مأسسة العمل القضائي العسكري إلى تدرجه بالعمل، صعودا حتى أصبح على رأس الفريق القضائي العسكري، الذي طوّعه ليحقق العدالة والحفاظ على هيبة المؤسسة العسكرية.

وأسهمت خبرات د. حجازي المتراكمة في تنفيذ الإصلاحات وتطوير التشريعات، بخاصة فيما يتعلق بالجهاز العسكري، فضلاً عن تقديمه خبرات تشريعية ثرية لمجلس النواب.

بالنسبة لعماوي فإن نزاهة التحقيق من خلال النيابة العامة العسكرية وعدالة المحاكمة "جعلت من تطبيق القوانين الخاصة في محكمة أمن الدولة، سواء على صعيد مكافحة الأرهاب أو المخدرات أو غسيل العملة جعلت من القضاء العسكري علامة فارقة تضاهي العدالة الدولية".

 يقول: "كان شفافا، وكانت المحاكمة يطبق عليها معايير النزاهة والشفافية، وجميعها علنية وليست سرية، وهي شواهد تؤكد من خلال القضاء العسكري للعالم بأن الأردن بلد مؤسسات وقانون".

 يستذكر قانونيون سير محاكمة من يوصف بمنظر السلفية الجهادية عمر محمود عثمان (أبو قتادة)، الذي واجه محاكمة منصفة بشفافية عالية بعد أن تسلّمه الأردن من بريطانيا.

في حزيران/ يونيو 2015 صدرت إرادة ملكية بترفيع د. حجازي إلى رتبة لواء، بعد ثلاث سنوات على تسلمه إدارة القضاء العسكري ونيابة محكمة أمن الدولة. أثناء تسلمه مهامه، نشر أطروحة دكتوراه في فقه القانون الدولي وقواعده بعنوان: "تقييد مبدأ الضرورة العسكرية بالاعتبارات الإنسانية".

في سياق تقديمه للكتاب/ الأطروحة، يصف رئيس الوزراء الأسبق د. معروف البخيت مضامينه بأنها "فائدة للمختصين (وأيضا) تثقيفا وتوعية لغير المختصين ولجماعات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الجهات التي تعنى بالشأن الإنساني".

وتتكثف الفائدة بفضل لغة الأطروحة وبنائها إذ "جاءت بسيطة ورشيقة، مباشرة ويسهل فهمها"، حسبما يضيف المفكر الاستراتيجي، الذي قدّم "شهادة شخصية" في المؤلف: "فبالإضافة إلى خلقه الرفيع، تميّز الباحث مبكرا بالجدّية والمثابرة، والكياسة في التعامل مع الجميع".

قبل أن يتولى إدارة القضاء العسكري، شغل اللواء حجازي عدة مناصب في القضاء العسكري، كان آخرها رئاسة محكمة الاستئناف العسكرية.

بصفته مدعياً عاماً لمحكمة أمن الدولة في تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية، ترافع العميد حجازي في قضايا أمنية واقتصادية مصيرية؛ في مقدمتها قضية تنظيم (جيش محمد).

القاضي العسكري المصنف خبيرا في القانون الدولي الإنساني، حائز أيضا على درجة الماجستير في الدراسات القانونية الدولية في الجامعة الاميركية بواشنطن وليسانس حقوق في جامعة دمشق.

ويستعد د. حجازي لتسليم راية القضاء العسكري إلى خلفه العميد زياد العدوان، الذي يواصل مسيرة البناء وترسيخ مبدأ سيادة القانون.  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير