النسخة الكاملة

أيمن المجالي:" رجل من مدرسة الحسين"..

الخميس-2016-02-17 12:23 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز - خالد أبو الخير
لطالما أنصت للريح تجوب الافاق جميعاً.. بيد أن أيمن المجالي، مع حفظ القابه، لم يبح بما قالته قط.
ما زال كبيراً وكتوماً وبعيد النظر، يَعّن له أن يتأمل في مصائر الناس، من كبر منهم، ومن أغوته السلطة، ومن عاند الرياح ومن سقط.
الرجل الذي حمل على كتفيه مهاما جساماً، في تاريخنا المعاصر، ما فتيء أمينا لمدرسته الأهم.. مدرسة الحسين.
ولد أيمن المجالي في شارع السلط عام 1949.. واعتاد أن يتساءل طفلا الى أين يقود الطريق الصاعد.. وكيف له أن يلف البلاد طولا وعرضاً، وصولا الى الكرك.. قلعة الاباء وملاعب النسور.
يتحدر ايمن المجالي من عائلة ذات ارث سياسي فوالده الشهيد هزاع المجالي، ذلك الاسم العلم الذي قدم حياته فداء لمبادئه و دفع ثمن مواقفه الأردنية العروبية الأصيلة، ليكون الشاهد والشهيد في آن.

في كنف اسرته عاش ايمن عيشة الاردنيين، وايقن ان ارثه يرسم له طريقاً، يحتاج الى العلم مثلما العمل.
الفتى الذي درس الابتدائية والاعدادية في مدرستي تراسنطة والمطران، ما زال يذكر اساتذته ومنهم الإعلامي جميل عازر (المذيع المتقاعد من قناة الجزيرة)، وعاطف الهلسا وميشيل حمارنة..
سنوات دراسية اخرى امضاها في الضفة الاخرى للنهر الذي يجمع الضفتين، غداة انتسب الى كلية الأمة الواقعة بين مدينتي رام الله والقدس ، وفيها تزامل مع زملاء كويتيين منهم: علي سالم الصباح، فهد الصباح، وصديقه الحالي المحب له ناصر الصباح الاحمد رئيس الديوان الأميري بدولة الكويت.
ومن غرب النهر الى شرقه.. فقد أنهى دراسته الثانوية من الكلية العلمية الإسلامية، وغادر الى بيروت ليكمل دراسته في التاريخ.
بيروت العام 1968، كانت تصطرع فيها الافكار وزخات الرصاص، ما اضطره الى التنقل من بناية الى اخرى خشية المعارك التي تندلع فجأة. لكن بيروت.. تبقى بباله ' ست الدنيا' وأيامها لا تنسى.
وحين عاد الى البلد الذي تنبض عروقه باسمه، عمل في وزارة الخارجية ثم الحق بسفارتنا في واشنطن وهو في العشرين من عمره، وسرعان ما صار مدير المراسم في الخارجية وهو لم يتجاوز سن السادسة والعشرين، ما أثار حسد البعض، ثم عين مديرا لمكتب الملكة نور الحسين فمديراً للتشريفات الملكية.
يعزو الفضل في التحاقه بالديوان الملكي الى المرحوم الشريف عبد الحميد شرف.
وعلى الرغم من قدراته المميزة الا ان سنه الصغير اغرى اخرين بالوقوف ضده، بيد انه استطاع بحنكته وسياسته ان يتجاوزهم ويغدو الشخص الاقرب للملك الراحل الحسين طيب الله ثراه.
عن ذلك يقول : 'عملوا على إبعادي عن التشريفات'.

خطتهم تركزت على تقييده والحد من طموحه : 'عملوا على ربط رئيس التشريفات بمستشار الملك آنذاك ينال حكمت'، فكان عليه أن يسعى لاستعادة ثقة الملك حسين به.

فضلا عن الذين عملوا ضده.. واجهته مشكلة تضارب الصلاحيات بين موقعه كمدير للتشريفات، مع مدير المكتب الخاص آنذاك.

مفصل مهم في علاقته بالملك الحسين مر حينما أُرسل مع مجموعة من كبار موظفي الديوان الملكي الى واشنطن لإعداد ترتيبات اتفاقية السلام مع اسرائيل العام 1994. وفق ما نقلت مصادر صحافية.

ايامها سافر مع الأمير طلال بن محمد وينال حكمت، وكان ذلك أول لقاء له مع الاسرائيليين.

جرى اجتماع مهم له في الكونغرس حضره وحيدا عن الجانب الأردني، وطوال الوقت حاول أن يحصل على برنامج المحادثات، لكن من دون جدوى، وقد اقترب موعد قدوم الملك حسين.

ومن خلال علاقاته استطاع الحصول على برنامج اللقاء من إحدى موظفات البروتوكول ، ليعود إلى غرفة الفندق ويبدأ بطباعة البرنامج.

اتصل به الملك الحسين ، وسأله عنها، فأجابه بأنه حصل عليها قبل إعلانها. وتأكد الملك حسين منه بأنه لن يكون هناك أي احتمال لأي مفاجأة، و'فعلاً أرسلتها إلى جلالته مشفرة'.
وما ان تم إعلان تفاصيل برنامج الزيارة والمحادثات حتى تنفس الصعداء.

النجاح الذي حققه المجالي في واشنطن كان وقعه شديدا على الخصوم، وأظهر قدراته ، وقاده إلى مهمات أكبر، ليبدأ فيما بعد بالإعداد لترتيبات معاهدة وادي عربة، ومن ثم زيارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون الى مجلس الأمة، وإلقاء خطابه هناك.

يروي انه عند وصول الرئيس كلينتون الى مطار العقبة، طلب الأميركان أن يصعد الملك حسين معه بسياراتهم وفق أنظمتهم، فأخبرهم أن الاردن لا يقبل ذلك، وأن الملك حسين سيستخدم سياراته. وهكذا كان.

وكان المجالي حاضرا في كل الاحداث التي تلت، وغدا محط ثقة الملك الراحل، الذي ابقاه رغم التغييرات التي حصلت في الديوان.. أكثر من مرة.
يفتخر المجالي بأن الملك الحسين احتفل بعيد ميلاده في قصره بالعقبة، وكان حدثاً نادراً أن يخص الحسين مدير تشريفاته بمثل تلك اللفتة.
في مدرسة الملك الراحل الحسين تعلم ايمن المجالي الكثير وتفتحت مداركه على أمور السياسة من منابعها، ولطالما شوهد سائراً جنباً إلى جنب مع الملك الراحل ، في اوقات شهدت الكثير من التقلبات السياسية والاحداث الجسام .
ورافق المجالي الملك الحسين في فترة مرضه ايضاً، وكان موضع ثقته، و شاهدا على إعادة ولاية العهد إلى نصابها الدستوري، يوم ناداه الحسين وهو على سرير الشفاء في 'مايو كلينيك'، قبل شهرين من تغيير الولاية، وقال: 'انا سأغير لصالح الأردنيين ولما فيه خير الهاشميين'. علم المجالي بذلك قبل ان يعلم مدير المخابرات انذاك سميح البطيخي بذلك أو غيره.
مرة استاذن حين عودة الديمقراطية بالترشح للانتخابات، كونه كان يؤمن باهمية ان يكون الانسان نائبا عن الشعب، لكنه اخبر بان الملك الحسين يريده لمنصب جديد فصار بعدها مدير التشريفات الملكية.
قيل ايامها ان ايمن المجالي تخلى عن النيابة لصالح عبد الهادي المجالي، لكن ذلك غير صحيح، برغم ما بين الرجلين من منافسة تحتدم احيانا.
حلم النيابة حققه فيما بعد، لكنه ارتأى الا يكمل المشوار، لان الكثير من الامور تغيرت، والرؤى تتغير مع الايام.


يستوقفك باستفساره عن القضايا التي تثار امامه، يود دائماً ان يكون ملماً بكل التفاصيل، لكي يفكر بروية و يجيب، ويعد العلاج الناجع لاي منها.
يصفه اصدقاؤه، وهم قلة، بالبساطة والذكاء وسعة الادراك والديناميكية ، ويضيفون اهم ما فيه انه مستقيم، نظيف اليد، ويعرف ما يريد.
المجالي متزوج من السيدة 'فلير زواتي' ذات الأصل النابلسي، وكان تعرّف اليها اثناء عمله في وزارة الخارجية، وأنجب منها ناصر وزينة وآية ومحمد.
يحب ' ابو ناصر' ان يعيش حياته، قانعاً بما اعطاه لوطنه.. ويطمح الى المزيد.
يعتبر ان راحة الضمير أهم ما يمكن أن يمتلكه الانسان، وأن ينام قرير العين عن شواردها، وإن سهر القوم جراها.. واختصموا.

ما زال يعن له تأمل الريح.. فهل تبوح الريح بما يجول في نفس ' أبي ناصر'؟.   
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير