النسخة الكاملة

النظام في الأردن (داعش والأردن) .. الحلقة الثانية

الإثنين-2015-08-03 03:38 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - خاص - كتب – بيتر باتريك سنو توطئة الحلقات التي نسردها هنا لا تخضع لتسلسل زمني أو إرتباط بفكرة معينة بقدر ماهي تشخيص لواقع إقليمي وأردني ..ورؤية متبصرة , في سلوك ومسار النظام السياسي الأردني في ظل هذه التطورات ..لذا إقتضى التنويه . (داعش والأردن) البعض من السياسين في الأردن يهول من خطر داعش , وبإعتقادي أن داعش لاتفكر في الإقتراب ..من هذا البلد , لأسباب موضوعية , وسياسية ...واخرى مرتبطة بالقدرات العسكرية , ودعوني هنا أوضح الأسباب التي سأختصرها في خمس نقاط :- أولا :- داعش مليشيا , تمتلك سلاحا ثقيلا ولكنها لا تقاتل في المساحات المكشوفة كونها غير مؤهلة عسكريا لهذا الأمر , وكون عملية قطع خطوط إمدادها ستكون سهلة والأهم أنها من دون غطاء جوي ....وهنا لتوضيح حجم التخلف العسكري لدى هذه المليشيا علينا أن نكشف أمرا مهما وهو :- لحظة إحتلال الموصل إستولت داعش , على (50) دبابة عراقية نوع (أبرامز) ...عالية التقنية , وهي جزء من صفقة زودت بها الولايات المتحدة الجيش العراقي , وكانت قد إستخدمت في عملية غزو العراق عام (2003) ...وميزة هذه الدبابة أنها تمتلك المدفع الأقوى في العالم والأدق ... وهي متقدمة على (الميركافا) الإسرائيلية . للان ومنذ عامين تفيد المعلومات , أن داعش غير قادرة على إستعمال هذه الدبابات ولم تظهر في أية عملية عسكرية , وأمريكا مؤمنة بأن هذا النوع من السلاح يحتاج لتأهيل وخبرة ومدركه , من أن داعش لا تمتلك قدرة على إستعمالها ولكن من الممكن مثلا أن تتعامل معها كتكنلوجيا وتبيعها لإيران حتى تستنسخها الصناعات الثقيلة الإيرانية ... ثانيا :- داعش هي نتاج تحالف بين العصبية القبلية والدين ..بين الفكر السلفي والنزعة القبلية , وهو تحالف قابل للإنفراط في أية لحظة ..كون المجتمع العشائري في العراق وسوريا يمتلك مصالحا مع الدولة ...هو يبحث عن حضور ودور داخل الدولة وفي ظل تهميشه , يلجأ إلى الدين كمظلة ...ولكن لحظة حدوث أية تسوية سياسية سيتحرر مجتمع العشيرة من هذا التحالف ...في الأردن مثلا لم يسجل على المجتمع العشائري وعبر تاريخه أن كانت تحالفاته مع الدين أو مع السلفية الجهادية أو حتى حركة الإخوان المسلمين ...تحالفات المجتمع العشائري في الأردن كانت تاريخيا مع النظام السياسي ولم تختل أو تتغير ...لهذا فشلت داعش في إنتاج حضور تنظيمي على الساحة الأردنية, لأنها تدرك أن طبيعة المجتمعات العشائرية في العراق وسوريا مختلفة ...ففي حماة مثلا , بداية الثمانينات سقط من العشائر السورية الألوف أبان الصدام مع نظام الأسد ...وفي العراق فقدت العشائر السنية حضورها السياسي لحظة سقوط نظام صدام حسين لهذا أنتجت تحالفات بديلة ...في الأردن التحالفات مع النظام السياسي كانت مطلقة ولم تختل أبدا . السياسيون في الأردن عجزوا عن قراءة مشهد الفراغ في إنتاج داعش , لهذا لجأوا إلى ما نسميه نظرية الترقب ....في قراءة الاشياء ...ولكن النظام في الأردن كان متقدما في حالة الوعي السياسي , فهو لم يتخلى عن تلك التحالفات بالرغم من ان الربيع العربي ..شهد تغيرات جذرية في علاقة بعض المحافظات وبعض الاطراف مع الدولة ...ولكن النظام في لحظة أعاد تأهيل كل شيء ...ورده إلى وضعه السابق
ثالثا :- داعش قوية في أرض ضعيفة , بمعنى ان مصدر قوتها هو غياب جيش نظامي حقيقي في العراق , وإنهيار للجيش في سوريا ...ولكن داعش عبر تاريخها القصير لم تختبر في أية معركة , مع جيش نظامي حقيقي يمتلك عقيدة قتالية وقيادة مؤهلة ...ولهذا هي تخاف من التعرض للحدود الأردنية بالرغم من قربها ...لأنها تدرك أن توسيع نشاطها , وإنهزامها في معركة واحدة مع جيش مثل التركي أو الأردني سيكون بداية نهايتها ...لهذا عقيدتهم القتالية , مرتبطة بالقتال على مسافة تمويل أقل من خمسين كيلومتر ...بمعنى أنهم يحافظون على خطوط الإمداد ...كونهم يفتقرون إلى النفس الطويل , معاركهم قصيرة ..وليست طويلة ..ويلجأون للتفخيخ والعمليات الإنتحارية هروبا من المواجهات المباشرة ....
رابعا :- إن داعش نشأت على قاعدة الفتوى , التي تبيح قتال الاخر ...وهي ستنتهي بنشوب صراعات داخلية , كون الفتوى ..لا ترتبط بشخص الخليفة بقدر ما ترتبط بمن يوظفها لمصالحه ...فمن الممكن بروز مرجعية في الفتوى داخل هذا التنظيم تكون أعلى من الخليفة نفسه وبالتالي تؤسس لإنشقاقات عظيمة , تماما مثلما حدث مع البغدادي فهو أنتج إنشقاقا عن القاعدة وإنقلابا على الظواهري وحارب جبهة النصرة ذراع القاعدة والتنظيم الأم ...الأمر المهم الرئيسي الذي سيحدد نهاية داعش هو حجم الإختراقات الإستخباراتية التركية والأردنية والسعودية ...فالعمل الإستخباري , هو الأساس في شق صفوف هذه التنظيمات , عبر إنتاج تنظيمات مضادة من نفس الجسد ..وإشغالها في حرب الفتاوى . خامسا :- الان يبرز في داعش متغير خطير ومهم وهو المقاتلون الأجانب ..تماما مثلما برز في القاعدة فالمقاتلين العرب إستطاعوا عبر عبدالله عزام ومن تبعه من قادة مثل الظواهري وابن لادن , إختطاف قيادة المقاومة الإسلامية وفيما بعد تأسيس القاعدة كتنظيم عربي إسلامي , وفيما بعد تشكيل تحالف وسطوة على طالبان ..بحيث اصبحت تابعة للقاعدة بدلا من أن تكون القاعدة متبوعة لها ....وداعش مؤهلة لهذا المشهد فهناك الألوف من الطاجيك والباكستانيين , والاسيوين والشيشان في داخلها وهؤلاء ...في مرحلة ما سيشكلون تنظيما يحمي مصالحهم , وقد يشهد الأمر إنشقاقات خطيرة ... (نكمل في الحلقة القادمة الجزء الثالث حول داعش)
بيتر باتريك سنو يكتب : النظام في الأردن .. (الحلقة الأولى)

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير