العتب الملكي على النواب .. الحقيقة من تحت القبة
السبت-2015-04-12 10:52 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز-
ليس بمستغرب ان يوجه جلالة الملك نقدا مباشرا ولاذعا للسادة النواب على اثر غياب الكثير منهم عن الجلسات وتسبب البعض في فقدان الجلسات للنصاب واستمرار انعقادها بلا نصاب مما يشوّه العملية التشريعية ويدفع للتساؤل بمدى دستورية الكثير من مشاريع القوانين التي تم التصويت عليها ومنها مشروع قانون الموازنة على سبيل المثال حيث كانت معظم الجلسات تعقد بلا نصاب والسبب ان النائب الذي كان يلتزم بالجلوس تحت القبة يكون فقط بانتظار الوقت لالقاء خطابه في مناقشات مشروع الموازنة وبعدها يغادر وليس مضطرا للاستمرار .
الحقيقة الغائبة عن الجميع والتي يدركها البعض هي ان المجالس النيابية في بلادنا مختطفة ولم نعهد مجلسا نيابيا حقيقيا يمتلك الارادة او الهيبة التي يتوخاها به المواطن الذي سعى لافراز نائب يمثله تمثيلا حقيقيا تحت القبة .
ولو عدنا لعهد حكومة المهندس علي ابو الراغب لوجدنا ان المجلس كان يسير وفق رغبة الحكومة لا بل ان الحكومة كان لها دورا بارزا في اختيار رئيس المجلس وفي الحكومات التي تلت حكومة ابو الراغب كان المجلس النيابي مختطفا من قبل مدير المخابرات الاسبق محمد الذهبي شخصيا كمطلب خاص له ولشقيقه رئيس الحكومة نادر الذهبي وتفاصيل ذلك لا تخفى على الرأي العام الاردني .
في المجلس السادس عشر كان الشارع الاردني ومرحلة الربيع العربي كفيلان بتهشيم صورة المجلس لا بل والوصول الى حله استجابة للضغط الشعبي وهو المجلس الذي انجز التعديلات الدستورية - ثلث الدستور - وانجز حزمة قوانين هامة كقانون الهيئة المستقلة للانتخاب وقانون المحكمة الدستورية وكان بمثابة الاسفنجة الماصة للغضب الشعبي ابان الربيع العربي وكنا نشهد اعتصامات يومية امام المجلس ولم نلاحظ اعتصاما شعبيا مهما امام دار الحكومة لان المواطن يعوَل على نوابه بأن يكونوا صناع التغيير والحكومة كانت بنمأى عن القصف الشعبي لان التهييج كان موجها ضد البرلمان .
المجلس الحالي - السابع عشر - لم يكن محظوظا في الشراكة وبالذات وانه جاء بمرحلة رئيس الحكومة الدكتور "الداهية"
عبدالله النسور وهو النائب منذ عام عام 1989 .. وحتى اتحدث بكل صراحة فقد كان مقتل هذا المجلس انه جاء في فترة الرئيس النسور وهو القادر والمتمكن من ان يعبر كل الازمات وان يتخطى كل الالغام .. وقد تمكن من كل ذلك وسلاحه الوحيد قدرته على امرين وهما الاول : استمرارية اقناع صاحب القرار جلالة الملك بأن تذمر النواب وتواصل شكواهم من الحكومة هو ما يعيق تطبيق السياسات الحكومية ويؤلب الشارع ضدها ... والثاني : قدرته على ايهام اغلبية النواب والعمل على تفتيتهم واعادة تشكيلهم وفق متطلبات المرحلة شهرا شهرا ويساعده في ذلك ما حدث ويحدث احيانا تحت القبة من مشاكسات وتقاذف وعدم احترام النواب لبعضهم البعض وضعف اداء الكثير منهم وخوف البعض من الحكومة بعد ان تم حبس عدد منهم سواء ابان فترة الترشح او حتى وهم نواب وبالتالي ممارسات البعض الشخصية التي حفزت الحكومة على ترهيبهم بطلب رفع الحصانة عنهم تارة والعدول عنها تارة اخرى .
وبالعودة لكلام جلالة الملك امام رؤساء اللجان النيابية الاسبوع الماضي وعتبه عليهم لكثرة غياب النواب وفقدان الجلسات للنصاب واعلان الملك انه يتناول افطاره في معظم الايام مساءا .. فانه يمكن القول ان غياب السادة النواب وما تم تمريره لجلالة الملك بهذا الخصوص فيه الكثير من المصداقية ... لكن من وشى للملك على النواب لم يرغب بالقول له ان النائب في بلادنا لا يزال يرزح تحت الضغط الشعبي لتلبية مطالب الناخبين الخدمية بسبب غياب الحكومة وتطنيش المحافظات والالوية والقرى ولم يصل نوابنا لمرحلة التفرغ للعمل السياسي والتشريعي .
نحن نعرف ان النائب في بلادنا يتقاضى مكافأة شهرية مقدارها 3500 دينارا ولم يعد له حق بأي مطالب تقاعدية بعد قرار المحكمة الدستورية وهو مطالب في بيته وفي مكتبه وبالشارع العام وعلى الهاتف بتلبية مطالب الناس من تسديد فواتير الكهرباء التي عجزوا عن دفعها وتسديد اقساط طلاب الجامعات ودفع اجور الولادة عن تلك الام التي عجز رب الاسرة عنها وقبل كل شئ يحتاج النائب الى مبلغ الف دينار شهريا بدل بنزين لسيارته و400 دينار اجرة للسائق فضلا عن مشاركاته الاجتماعية في الافراح والاتراح والمناسبات العامة وانني لا اجد نائبا واحدا ينام قبل الواحدة ليلا فضلا عن عدم اسناد النائب بمستشار او خبير ما .. فهو يعتمد على قدراته الشخصية ليبحر في كل التفاصيل التشريعية والقانونية وهو ما يظهر ضعف البعض نتيجة عدم وجود خبرات متراكمة .
في المقابل نجد الوزير يمتلك عدة سيارات بسائقيها وموديلاتها الحديثة ووقودها الخاص وعلى نفقة الدولة ويمتلك جيشا من الخبراء والمستشارين والهيئات والسكرتاريا ولا تواجهه اية مطالب شعبية هنا او هناك او اية التزامات بل بالعكس يحظى بلقب معالي مما يوفر له مكانة مجتمعية دائمة حتى بعد رحيل الحكومة وحصوله على التقاعد ولو كانت خدمته لايام او اشهر ويكفينا معرفة ان عشرات الوزراء خدموا لاقل من سنة منذ حكومة دولة سمير الرفاعي وليومنا وخرجوا بتقاعد ومكاسب لم يحظى بمثلها اي نائب .
العتب الملكي في محله ومكانه .. لكن لا بد ان ننصف النواب ولو بقول الحقيقة .. امنحنوا النائب ما يحتاج ولتقدم الحكومة واجبها تجاه الناس بعدالة وساعتها لا نحتاج لاي نائب لمراجعة اي وزير بمكتبه بل سنجبرهم للتفرغ للعمل البرلماني الحقيقي .. اما ان نطلب منهم كل شئ وان يجلسوا تحت القبة لمجرد الحضور واثبات عدم الغياب كأنهم طلاب مدرسة ونترك دوائرهم الانتخابية ينهشها التهميش وغياب العدالة ففي ذلك ظلم لهم واجحاف بحق الناس والناخبين الذين انتخبوهم فقط من اجل اداء دور خدمي .. وجلالة الملك يدرك لماذا يطلب منه النواب الموافقة على طلباتهم .. لان الحكومة تمنح من يمنحها الثقة وتحجب من يحجب عنها الثقة .. لابل ويمتلك الوزراء تعليمات خطية سرية من الرئيس بعدم تلبية مطالب بعض النواب واسماؤهم محددة .
اغلبية السادة النواب وصلوا الى حالة القرف من العمل النيابي بعد اصبحت النيابة حملا ثقيلا ومغرما وبعد اصبح المجلس في حالة تيه وتشرد وضياع .. فقد ضاعت هيبة المجلس واعادتها ليست بيد النواب بل بتفكيك القبضات التي تحيط بهم من كل حدب وصوب .
وحيد الطوالبة

