النسخة الكاملة

لاتبكِ.... يا كرك على معاذ

الأربعاء-2015-02-04
جفرا نيوز - جفرا نيوز - خاص -  عصام مبيضين

لا تبك يا كرك، اليوم امسحِ دموك، لملمِ جراحك؛ فقد غزا الصليبيون أسوارك، والروم والعجم، لكنك صمدت بإباء، وظلت جبال شيحان يخرج منها القيصوم، فماذا يَضِيرك اليوم ترجل فارس جديد عن حضنك إلى ربه، ليلحق بالشهيد موفق السلطي وفراس العجلوني وغيرهم من فرسان الأردن.
ضربتِ يا كرك جذورك في التاريخ عميقاً؛ فعلى أرضك خُط تاريخ المؤابيين، وعاصرتِ ميشع في أرض الأمجاد والنصر، وسرج صلاح الدين والظاهر بيبرس خيله على تراب اللجون والثنية وأشار لبيت المقدس ليحرّره.
ألا يكفيك فخراً يا كرك أن دم ولدك الطاهر معاذ الكساسبة وَحَّد أبنائك على قلب رجل واحد، فأي شرف هذا الذي نِلْته بأن تكوني مُوحِّدة الأبناء وجامعتهم! أما يكفيك وقوفك ابنك شامخاً بين الجبان المدججين بالسلاح!
لا تحزنِ يا كرك، فالأردنيون اليوم كلهم كرك، مُصابك مُصابهم
كفكفِ يا مدنية "خشم العقاب" دموعك ، ما يزال ثراك رطبًا بدماء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أرض مؤثة: جعفر الطيار، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة.
لا تجزعِ يا كرك، فدماء شهدائك عابقة في تاريخ جبالها الشامخة تُطل على جبال فلسطين والبحر الميت، وتبصر أضواء القدس ليلاً.
لا تألمِ يا كرك فطالما كنتِ قِبْلة الضعفاء، ولا يزال جوارك أعز جوار إذ رَضِيت أن تضحي باثنين من أبنائك على أنْ تَخْفري ذِمتك في قاسم الأحمد الجماعيني أحد أهم زعماء ورجالات نابلس الذي أتاك مستجيرًا.
فبعد أن ثارت نابلس على ضرائب العثمانيين وظلم واليها آنذاك، وقف قاسم الأحمد الجماعيني إلى جانب أهله هناك، رافضاً جمع الضرائب من أهل نابلس الموكول بها، وتسليمها إلى الأتراك؛ فأهدر العثمانيون دمه، ففر إلى الكرك مستجيراً بشيخ الكرك وحاكمها إبراهيم الضمور من القائد إبراهيم باشا ابن محمد علي، فأَجَاره.
فما كان من إبراهيم باشا إلا أن اختطف ابني الضمور، عارضاً مبادلتهما بالجماعيني، وإلا قَتَلَهما به، فاستشار الضمور زوجته العاقلة علياء بنت محمد يونس، فقالت: "عندك فرص كثيرة للزواج والإنجاب، ولكنْ ليس عندك فرصة للشرف كهذه". أيُّ نساءٍ ورجالاتِ أنجبتِ يا كرك!
مَن مِن الأردنيين ينسى هَيَّتك (ثورة الكرك) عام 1910، ليست مستغربًا ممن أجار الغربان واختلط ترابه بدماء الشهداء أن يكون سباقاً في الثورة على الظلم.
لا تبكِ يا كرك، فكلنا اليوم كرك.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير