قانون الجرائم الإلكترونية وحقوق الإنسان

جفرا نيوز - بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة

يبدوا أننا في الأردن سنعيش حالة جدل مجتمعي واسع بين شد وجذب في الأيام القليلة القادمة، والسبب هو قانون الجرائم الإلكترونية بعد قيام الحكومة بإجراء تعديلات جوهرية عليه، وسوف يعطى صفة الإستعجال لمناقشتة وإقراره ضمن الدورة البرلمانية الاستثنائية، ومنذ أيام والنقاش حول هذا الموضوع يسيطر على كل وسائل الإعلام المختلفة، وهناك مخاوف من الإعلاميين وبعض نشطاء الحريات العامة وحقوق الإنسان من التوسع في خنق والتضييق على الحريات الإعلامية وخصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبر ما سيتضمنه هذا القانون من مواد قانونية تجريمية، وانقسم المجتمع بين مؤيد لتشديد وتغليظ العقوبات، للحد من فوضى ما يسمى التناحر الاجتماعي، والتنمر على المسؤولين ونشر الكراهية والإشاعة، وبين معارض لهذه التعديلات وتغليظ العقوبات والتوسع فيها، مما قد يفضي إلى تزايد عدد القضايا الجرمية المحولة إلى المحاكم بموجب هذا القانون إلى أرقام غير مسبوقة مما يربك عمل الجهاز القضائي.

ولذلك المطلوب من مجلس النواب دراسة القانون دراسة متأنية وإقرار التعديلات التي تخدم الصالح العام والمجتمع بشكل عام، وفق معايير ومواثيق حقوق الإنسان الدولية، والحريات العامة التي ضمنها الدستور الأردني، بما لا يمس الحريات الشخصية، ويحافظ على قيم مجتمعنا وسمعة المواطنين بما فيهم المسؤولين لأن المسؤول هو في النهاية مواطن أردني له حقوق وعليه واجبات وله كرامة وسمعة يجب الحفاظ عليها، وكذلك يجب الحد من نشر الإشاعة التي بدأت تتوسع في الأردن في الآونة الأخيرة، دون ضوابط، ولذلك يجب عمل موازنة بين الحفاظ على مستوى الحريات العامة، وخصوصا حرية التعبير، وبما لا يحد ويقوض حرية الرقابة على السلطات العامة، حتى لا يعود الفساد بالنمو والتغلغل والانتشار بشكل مكتوم، وبين الحفاظ على سمعة الناس وكراماتهم بما يضع حدود وضوابط من التنمر عليهم، وكذلك من الداعين لنشر الفرقة والفتنة والكراهية بين مكونات المجتمع الأردني، فحرية الإنسان تنتهي عند سمعة وكرامة الآخرين، وعندما تبدأ حرياتهم، وعند الحفاظ على لحمة المجتمع الأردني، ووحدته الوطنية، وأمنه الوطني واستقراره، 
وقد جاء في نص المادة ( 19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ما نصه "

1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وللحديث بقية.