جفرا نيوز - كتب: محمود كريشان

وينك يا "نايف".. أين انت "عمي بياع الورد".. يهل طيفك البهي علينا، في هذا المساء الكئيب. ونهتف: الله أكبر.. فيصلي.. يا معلم.. شعبيتك تتفوق على المنسف.. كل الأردن وفلسطين ومصر وسوريا ايضا يعرفونك.. هاتفك مثل "مقسم العبدلي" ايام الهواتف الأرضية.. لا يتوقف عن الرنين واستقبال المسجات.. كنت ترد على الجميع.. لا تتجاهل اي شخص على الإطلاق.. حتى عمال الوطن المصريين كانوا بتجرد يلاحقونه فينك يا استاز نايف؟.. ابوشهم بتجرد يبرشهم بأدب جم: بس تفكك من 

الأهلي وتصير مع الفيصلي؟.. يا معلم.. دنا فيصلي.. اذا هيك قضيتك محلولة.. اطلب لي: نضال..!

نايف.. لا تضايقونه.. كان قلبه يتمزق وهو يقرأ كل الرسائل الواردة على هاتفه من ناس معظمهم "غلابى".. قرى، محافظات، مخيمات، بوادي.. يا نايف.. بحياة أولادك "شهم" وإخوانه وخواته.. تساعدنا.. وكلها مطالب خدماتية.. تجنيد في الجيش.. إعفاء طبي.. مكسور أجار بيت.. موافقة أمنية.. وقس على ذلك..

كان يسمع أنين صاحبها بقلبه.. ينتخي.. لا بل كانت الدنيا بزمن نايف بألف خير.. 

محبوب الكل.. دولة بحد ذاتها.. يعرفه الجميع.. الضباط.. الفقراء قبل الوزراء.. المستورين قبل الميسورين.. يا هلا "أبوالنوف".. ابشر يا خال.. الفيصلي زعيم.. والله غير أدريها.. 

ويا عيني على ذلك المساء صيفي على "بلكونة" فندق بريزيدنت في الزمالك.. والخال قال ودي أغني يا ابورسول.. وارتفع الصوت الشجي: عمي يا بياع الورد.. تخللها رويد واهازيج تراثية من مسقط رأسه وعشقه "معان".. يا اللي الحرير يجرحك.. ويش حال ملبوسك.. وسايق عليك النبي والمصطفى جدك.. خدك من الورد وإلا الورد من خدك؟..

ثم يردف بلهجة حاسمة: يا كريشان.. اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها..  وكان وقسما بجلال المولى.. يخاف الله ولا يقطع له فرضا.. نظيف القلب والفرج واللسان.. الأردني الأبي..

ليتك الآن بيننا يا "نايف" في عز هذه الفوضى التي يعيشها الأردن وسينتصر بإذن الله.. لو كنت معنا يا ابوالمكارم.. ستكون مديرية توجيه معنوي.. تبث الطمأنينة في قلوب الناس.. تتحدث بضميرهم .. لأنك تعرف صغيرهم وكبيرهم .. وربما تصرخ عبر المايكرفون بخفة دمك المعهودة: انضبوا.. انهي .. خلص بكفي!..

وينك يا داوود.. حدد موقعك.. ودي أعزمك وانقرشك.. تعال نوكل صحن فول مع كاسة شاي بالنعنع بمطعم القدس.. وهاك (٥٠) نيرة هظول مو ليك لرسول وخواته.. ولا تسأل لويش وكيف ومن وين المصدر؟.. 

ابشر يا ابن عمي.. عبارة للجميع يقولها.. وهو قول وفعل.. تحسبه اربدي او كركي وتظنه من السلط او الخليل.. وربما من مخيم البقعة.. وهو على مكارمه..  "معاني"!.. 

يا خسارة.. ذهب "نايف".. وذهب معه الكرم والغوث والجود.. ذهب مبكرا وقبل الأوان.. ولم يخبرنا.. وإلا لصعدنا على درج العمر.. نودعه.. نقبل جبينه الوضاء.. لكن ذهب بصمت وهدوء.. 

لن انسى ابدا ما قاله لي في ظهيرة جنائزية حزينة وكنت آخر من رافق نايف إلى وسط البلد يوم الجمعة عندما صفن.. وتنهد.. مقابل مقهى السنترال في شارع السلط.. وتوقفنا لدى مطحنة الحمصي في شارع الرضل.. ودلة القهوة والفنجال الصيني في يد مجدي الحمص.. هلا نايف.. يا هلا بورد الصباح.. وقال ما قال ومضى إلى لحده.. قال لي.. والشاهد علي الله.. محمد حسن التل "كويس" وابن بلد.. ويوسف العظم رمز اردني قبل ان يكون من رموز الاخوان.. والفيصلي مستهدف "رسميا".. خالد باشا الصرايرة "حبيب الجيش".. محمد باشا العيطان "رجل" و"شهم"..  قال لي.. وقال من صميم قلبه.. أشياء كثيرة..!

مجمل الوجع.. يا عين صبي حزن.. على فراق الخال.. الحبيب الوفي.. "ابوالنوف".. أحقا قد قضى نحبه.. وفارقنا ولم يأبه!.. وللحديث بقية..

Kreshan35@yahoo.com