الذكاء الاصطناعي بين الحاضر والمستقبل الى اين سنصل؟

جفرا نيوز - يعدُّ الذكاء الاصطناعي أحد أكثر الحقول العلمية إثارة على الإطلاق، إذ لا سقف له حيث يُستخدم في استكشاف الذرة والمجرة! ولعل أهم الانتقادات الموجَّهة إليه تتمثَّل في الأساس في التحديات التي تواجهه، فهي في الأصل صراع بين عقليتين إحداهما محافظة والأخرى متمردة، من هنا كان التفكير الخلاق إحدى أبرز الدعائم الأساسية التي يجب أن تتوافر في باحثي المجال، فدائمًا ما يبدأ عملهم من منطقة المستحيل ليصلوا إلى اللا معقول، وما كان بالأمس يعده البعض أوهامًا أصبح اليوم واقعًا مشاهدًا، ورغم الصعوبات الفنية والتكاليف الباهظة فالأمر يستحق العناء، فمخرجات هذا النظام تفوق كثيرًا أي تكلفة يمكن أن يتم دفعها في سبيله
.
ورغم اللغط المثار هنا وهناك حول قدرة الأنظمة الذكية على التطور والإبداع لحل مشكلات أكثر صعوبة مستقبلًا، فيعدُّ من الخطأ أن نحكم على المستقبل بأدوات الحاضر، فمن المعروف أن العلوم تتلاقح بعضها مع بعض وكل تطوُّر في أحدها يفتح بابًا في علم آخر، وعلى ذلك كلما تقدَّمت العلوم شكَّل ذلك وقودًا للثورة التكنولوجية الحديثة، أما ما يخصُّ فكرة محاكاة الطبيعة فليس الأمر استغناءً عنها، وإنما يمكن القول إن كل ظاهرة إنما تسير وفق نواميس محددة، فإذا استطعنا فك تلك الشفرات ربما يمكننا ترجمتها لعدد من الخوارزميات للتنبؤ بها ومسايرتها مستقبلًا، ومن هنا تكون فكرة المحاكاة.

التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي

لعلَّ الذكاء الاصطناعي بات اليوم أوضح من أن تتم الإشارة إليه، فيومًا عن يوم تزيد مساهماته في الأنشطة اليومية المختلفة التي شملت استكشاف الفضاء والاقتصاد والطب والهندسة والأسلحة والملاحة ووسائل الترفيه وتكنولجيا الاتصالات وغير ذلك، حيث بفضله تمكَّنت البشرية من إنتاج عدة نماذج وأساليب تكنولوجية حديثة استطاعت تغيير نمط الحياة التي نحياها، حيث تتشكل كل تلك التطبيقات وفق مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية تسمى "الخوارزميات”، وهي عبارة عن مقدمات ونتائج، ومن هنا يتم تحويل المشكلة من عالم الواقع إلى عالم الرقمنة
فلولا تلك المعالجة الرقمية لم نكن لنتمكَّن من توفير الجهد والوقت للقيام بالعديد من الأنشطة والمهام، خصوصًا فيما يتعلَّق بمجالات البحث العلمي المعقدة، حيث تتم تلك المعالجة الرقمية لأي مشكلة عبر ثلاث خطوات؛ الأولى تحديد نقطة البداية، أما الثانية فهي تحديد الهدف المراد الوصول إليه، ثم تأتي الخطوة الأخيرة عبر تحديد الخطوات الفاصلة بين تلك النقطتين، ومع قدرة الحاسوب الفائقة على اختبار العديد من البدائل، يتم اكتشاف سلسلة الأوامر الصحيحة للوصول إلى الهدف المنشود عبر منهج التجربة والخطأ، ومن ثم تتم برمجتها بوضوح داخل النظام.

ومع التطور التكنولوجي ظهرت تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي تشبه إلى حدٍّ كبير الوعي البشري، فالعالم اليوم على أعتاب تطوير تكنولوجيا جديدة تتمثَّل في تقنيات تعلم الآلة وإنترنت الأشياء، فالآلة لن تكون بحاجة إلى البشر بعد ذلك لتغذيتها بالاستجابات المناسبة للمواقف المختلفة، بل ستعتمد على تحليل الذاتي للبيانات والتنبُّؤ بمصفوفة ردود الأفعال المقابلة ومن ثم يصدر عنها رد الفعل المناسب، الأمر الذي يشبه عملية تعلم ذاتية تعمل على تطوير النماذج الآلية بصورة تجعلها أقرب إلى محاكاة البشر وربما تتفوَّق عليهم، نظرًا إلى قدرتها العالية على معالجة كميات هائلة من البيانات في ثوانٍ معدودة، الأمر الذي يجعل العقل البشري عاجزًا عن مجاراتها.