مواجهة كورونا بالوعي والحزم ، لا بالفوضى والتراخي!
جفرا نيوز - نايف المصاروه
على غير عادتي التي انتهجتها، في تعريف بعض المصطلحات اللغوية عند البدء في معظم مقالاتي، ذلك أن البعض لا يفهم من اللغة إلا اسمها، ولا يعي من الواجبات والمسؤولية إلا في حدود مصلحته الخاصة، وأما شأن العامة فذلك لا يعنيه.
استذكر قول مأثور ومشهور لإبن خلدون في المقدمة، عند ذكره لأحوال العرب في الأندلس، فنقل عن كاتب من الخصوم '' اي من غير العرب ''، قال :العرب هووا وسقطوا عندما نسوا فضائلهم التي كانوا عليها، واصبحوا على قلب متقلب، يميل الى الخفة والإسترسال بالشهوات، حتى قال:- لو علم بعضهم أن في عبادة الصلبان تمشية اموره لبادر إليها.
قبل نحو إسبوع مضى تقريبا، أقيم حفل غنائي في العقبة، فعلق على ذلك أحد أعضاء لجنة الأوبئة عبر بعض وسائل الإعلام قائلا:- أن اللجنة تخشى أن تسهم الحفلات بإنتكاسة الوضع الوبائي، لأن بعضها يفتقد للإلتزام بإجراءات الوقاية.
وان ما حدث في بعض الحفلات مرفوض رفضا تاما ، ويجب مخالفة المنظمين ومحاسبتهم وأكد على ان اللجنة تطالب مرارا بضرورة تفعيل أوامر الدفاع وتطبيقها بشكل صحيح.
وان من ضمن الشروط الذي يجب توفرها بكل من يرغب بالحضور لمثل هذه المهرجانات والحفلات، وجود سند أخضر، والذي يعني ان الشخص متلقي لجرعتي اللقاح، او حصل على الجرعة الأولى ولم يتخلف عن موعد الجرعة الثانية، او لدية فحص'' بي سي آر'' سلبي قبل الفعالية ب 72ساعة، كما يحب الإلتزام بالتباعد الإجتماعي والحرص على إرتداء الكمامة , خوفا من تكرار المخالفات التي حدثت في جرش،، ونندم بعد ذلك بإرتفاع نسبة الإصابة.
وعلى نفس المشاهد ومظاهر التفلت والتراخي، علق وزير الدولة لشؤون الإعلام السابق، بانه مصدوم... مما شاهده.
هنا أذكر ان أحد اهم اسباب إنتكاستنا الأولى وبائيا في العام 2020 كانت بسبب الفوضى وانعدام المسؤولية المجتمعية، رافقها تراخي وتساهل في تطبيق الإجراءات القانونية بحزم وحسم من قبل الجهات الرسمية.
وبعد ان كنا في مقدمة الدول في إجراءات المواجهة وشهد لنا العالم بذلك، تراجعنا بشكل واضح وفاضح حتى أصبحنا من أكثر الدول في معدل الإصابة والوفاة نسبة الى عدد السكان.
فخسرنا أرواحا لا تعوض، وخسرنا واقعا إقتصاديا لا زلنا نعيش تبعاته، وبالرغم من كل ذلك لم نتعلم جيدا من دروس الماصي!
ثم عدنا الى اتخاذ سلسة قاسية من الإجراءات تخللها حضر تجول وتعطيل للمدارس والجامعات، وغلق لمعظم القطاعات، وشبه تعطيل للكثير من المؤسسات الرسمية.
وقد ساهمت تلك الإجراءات الى حد ما بتحسن الحالة الوبائية، مما ساعد على قرار العودة الى الفتح التدريجي لمعظم القطاعات، والذي شمل العودة الى التعليم الوجاهي في المدارس والجامعات، وكثرة تكرار تأكيد الحكومة على المحافظة والإلتزام بإجراءات الوقاية والسلامة.
وتكرم معالي وزير الاوقاف مأجورا بالسماح بحضور الجمعة والجماعات، والسماح بدروس الوعظ والإرشاد بشرط '' أن لا تزيد عن عشرة دقائق''، مع التأكيد المتكرر بالحفاظ على التباعد واتخاذ إجراءات الوقاية والسلامة.
وهي اجراءات نحترمها ونريدها ونؤكد عليها وفي كل مكان، حتى زوال خطر الوباء بعون الله.
منذ فترة بدأنا نشهد ارتفاعا ملحوظا بأعداد الإصابات والوفيات اليومية ، مما ينذر بالخطر وضرورة الحذر وإتخاذ كل أسباب الوقاية والسلامة مجتمعيا ورسميا ، لئلا نعود الى ما كنا عليه من التشديد والغلق لا قدر الله.
أرى على الطرقات نقاط غلق لرجال الامن للتدقيق على اتخاذ اجراءات السلامة، لكن المشاهد في وسائل النقل العام هو الفوضى وعدم التقيد.
والمشاهد أيضا في بعض اماكن التسوق والمولات والمحال التجارية الكبرى، وبعض المستشفيات العامة المدنية والعسكرية، والمدارس والجامعات، هو وبكل اسف عدم التقيد بإجراءات السلامة بشكل واضح.
والمؤلم والمزعج أنه وبمساء أمس الجمعة، أقيم حفل غنائي آخر في مدينة العقبة، ظهر لنا في بداية الأمر من خلال الصور التي بثت نهارا، تنظيم للمقاعد مما يعني حرص على السلامة، وما أن غابت الشمس وبدأ الحفل الغنائي، حتى غاب الحياء والخوف من الله، ولا غر أن تغيب كل إجراءات السلامة والوقاية.
إختلاط واضح وتزاحم فاضح، وتنظيم مجزوء، ضرب بعرض الحائط قيم المجتمع وسلامته.
من خلال التكرار لتلك الحفلات وما يتم خلالها من إنتهاك واضح وصريح لكل إجراءات الوقاية والسلامة، تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك، نقض الحكومة لوعودها وتقصيرها بواجباتها، بتطبيق القانون لحفظ سلامة المجتمع.
كما تاكد لي ايضا حنث الحكومة بيمينها التي اقسمت عليه لخدمة الأمة ورعاية مصالحها.
والسؤال الى الجميع.. بعد ان عدنا الى ممارسة حياتنا بشكل طبيعي، هل يكون شكر الله تعالى المنعم المتفضل سبحانه وبحمده، بإقامة المهرجانات والحفلات الغنائية؟
وسؤالي الى سماحة المفتي العام للمملكة ومعالي وزير الاوقاف، ما هو رأيكم وردكم الشرعي على كل ما جرى من مظاهر في تلك الحفلات والمهرجانات ؟
بعد ان حدثت تلك المشاهد في ذلك الحفل، والتي بثت عبر بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، وما تظمنته من خرق واضح لقانون الدفاع، سؤالي للحكومة صاحبة الولاية العامة، لماذا لم يتم وقف فعاليات ذلك الحفل وبشكل عاجل؟
أليست وقاية المجتمع من كل ما يضره هي من أولى اولوياتكم؟
وسؤالي الى لجنة الأوبئة ما هو رأيكم وردكم على تكرار تلك الحفلات ونتائجها ؟
وما هي إجراءاتكم... وهل سنسمع عن تقديمكمو لإستقالاتكم كتعبير عن رفض تلك الممارسات؟
وهمسة إلى كل القطاعات التجارية، الإلتزام بقانون الدفاع وإتخاذ كل اجراءات الوقاية والسلامة، واجب شرعي وقانوني وأخلاقي، حتى وإن رأينا من يخرق ذلك ويتمرد عليه، فإن الحق أحق ان يتبع، لكن إن ظهر لاحقا أية زيادة في أعداد الإصابات، وتضررت بسببها مصالحكم، فإن الحكومة هي خصمكم، وهي المسؤولة عن كل التبعات بحكم مسؤوليتها الدستورية.
وهمسة او دعوة الى الأخيار والأغيار من السادة النواب، لمحاسبة الحكومة على تقصيرها وتكرار أخطاءها، لأن ذلك من صميم عملكم الدستوري الذي أقسمتم عليه.
وهل سنسمع او نشاهد في جلسة يوم غد الأحد، توقيع مذكرة تطالب بحجب الثقة عن الحكومة؟
أم أن ما جرى سيمر مرور ما كان قبله؟
ودعوة الى كل أحرار الاردن وشرفاءها، فإن الامر زاد عن حده، الى درجة لا تحتمل، وإن الاخذ على ايدي وسلوكيات بعض المتطفلين والمتفلتين أصبح واجب وضرورة، ووفق الطرق القانونية المشروعة، ومن خلال القضاء والحكام الإداريين لمنع مثل هذه الحفلات مستقبلا.
اللهم ولي أمورنا خيارنا، ولا توليها شرارنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك.. يا رب العالمين.