الحل الذاتي للبرلمان !!!
جفرا نيوز - د.نواف بني عطية
إذا كان البرلمان يملك جزء من السيادة، فهل يحق له التنازل عن هذه السيادة طالما أن هذا الحل لا يؤثر على المجلس نفسه؟
نقول إن هذه الحالة لا تعد أساس في الأنظمة البرلمانية لكنها تطورت في بعض دساتير الدول والولايات الفيدرالية ، بحيث صار الحل الذاتي حالة إضافية متقدمة لحل البرلمان، وأصبحت أمر معترف به اليوم وكأنه القاعدة الأساسية لسلطة الحل.
ويعد الحل الذاتي للبرلمان أحد صور حل البرلمان وتحرص بعض الدساتير إلى تبنيه كإجراء موازي للمسؤولية لأعضاء السلطة التنفيذية أمامه، ويعد حق الحل أداة فعالة في النظام البرلماني القائم على التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وقد ورد العديد من مبررات الحل الذاتي للبرلمان أهمها:
١- حل البرلمان عند عدم اتفاقه مع الإرادة الشعبية: قد يثور خلاف بين السلطات الدستورية حول مسألة معينة يشكل حسمها أهمية كبرى في حياة البلاد وفي هذا الغرض يقوم البرلمان بحل نفسه والدعوة إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة لكي يتمكن من الوقوف على رأي الشعب بصدد تلك المسألة.
٢- تعديل الدستور: من طبيعة القواعد القانونية مهما كان مصدرها أن تكون قابلة للتعديل والتغيير لتطور الظروف السياسية والاقتصادية لكل مجتمع، وتحرص بعض الدساتير على جعل مهمة تعديل الدستور من اختصاص السلطة التشريعية، والبعض منها تميل إلى جعله اختصاصا مشتركا مع السلطة التنفيذية
يشار إلى أن إجراءات التعديل الدستوري تختلف عن تعديل القوانين العادية لما تتطلبه من وجود برلمان متماسك يحتوي على أغلبية قوية تتحد لكي يدخل حق الحل ضمن دائرة إعادة تجديد المجالس النيابية وتطعيمها بدم جديد لضمان استقرار الأغلبية الخاصة التي تحمل على كاهلها عبء القيام بهذه المهمة الخطيرة عن جدول مسؤوليتها وتشير بعض الدساتير إلى الحل يكون بقوة القانون في حالة تعديل الدستور.
هناك رأي معارض لحق الحل يتبناه بعضًا من الفقه الدستوري المصري إلى عدم الاعتراف بحق الحل وعده إجراء يتناقض مع أصول العمل النيابي والذي يفترض انتخاب البرلمان لمدة معينة وفقًا لفكرة أو نظرية النيابية، كما النظام البرلماني الذي يظهر فيه حق الحل جليًا كسلاح موازي للمسؤولية الوزارية يمكن أن يقوم دون اعتناق حل البرلمان من جانب آخر فإن النظام البرلماني الصحيح يستوجب تنظيم السلطات العامة في الدولة على أساس التوازن وليس على أساس ترجيح سلطة على أخرى ٠ يضاف إلى ما تقدم فقد قدم مؤيدو هذا الرأي جمله انتقادات إلى حق الحل وحسب النحو الآتي :
١- أنه حق الحل إجراء غير ديمقراطي لتنافيه مع مبدأ سيادة آلامه لان السلطة التشريعية المنتخبة من قبل الشعب وعبر وسائل ديمقراطية تكون معبرة لتلك السيادة وهي تنتخب لمدة معينة فلا يحق لأي جهة سواء السلطة التنفيذية في الحل الرئاسي والوزاري والحل الذاتي من قبل السلطة التشريعية نفسها.
٢ - أنه يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات يفترض مبدأ الفصل بين السلطات تقسيم الوظائف على ثلاث سلطات تخصص كل واحدة في عمل معين ويترتب على هذا المبدأ مقتضيات موضوعية مفادها عدم قيام سلطة بحل وإنهاء مدة ولايته سلطة أخرى
٣- أنه يتعارض مع فكرة النيابة القانونية أن المجلس النيابي هو الجهة الدستورية التي تقوم بتولية أعضاء السلطة التنفيذية ابتداء من رئيس الدولة ونوابه ورئيس الوزراء والوزراء، فإذا كان من حق رئيس الدولة أو الوزراء حل البرلمان وهما في الوقت نفسه مندوبين عنه فإن قيام الوكيل بحل الموكل الأصلي يعد مخالفة لأصول العمل القانوني .
موقف بعض الدساتير الأجنبية والعربية من حق الحل الذاتي تباينت الأنظمة الدستورية المختلفة حول الأخذ بالحل الذاتي للبرلمان حسب طبيعة النظام السياسي القائم، فنلحظ بعض منها لم يشر بصورة صريحة حول تبنيه كالدستور السويسري لعام ٢٠٠٠ ، وكذلك الدستور العراقي لعام 2005 على هذه الصورة من صور الحل، حيث نصت المادة 64 على انه يحل مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه بناء على طلب من ثلثي اعضائه.
هناك جملة من الدول التي رفضت الدستور بمجمله والذي يحتوي ضمن مبادئه الحل الذاتي وخير مثال على ذلك هو مشروع الدستور الفرنسي في ١٩ أبريل ١٩٤٦
واذا ما اراد البرلمان استخدام حقه هذا فلا بد من إصدار تشريع خاص بذلك ، وهذا الحق لا يمكن ممارسته الا اذا نص الدستور عليه صراحة، ويتمتع الحل الذاتي باهمية كبيرة عندما يكون اللجوء للحل الرئاسي امرًا عسيرًا ، غير ان الاجراءات التي يطلبها الدستور لحل البرلمان في الغالب تكون مشددة، مما يجعل من حل المجلس لنفسه امرًا نادر الحدوث .