وليد خليفات من اميركا يروي قصته مع المرحوم بإذن الله عبدالهادي باشا المجالي
جفرا نيوز - بقلم وليد خليفات من الولايات المتحدة الامريكية
.......
وداعا" ایها الزعیم .
ليس هناك أشد قسوة وألماً على الأنسان أكثر من أن يسمع نبأ وفاة من أحسن ألیه ولو بكلمه.. وعلى الرغم من أن الموت حق على كل انسان، الا أنه الأقسى والأصعب والأفجع على النفس، ولكن لا يبقى لنا سوى الدعاء بالرحمه والمغفره.
بالأمس دموع صامتة خرجت
بحرقة تحمل مشاعر الحزن والاسى وانا أنظر الفیدیو المصور وهم يودعون رمز من رموز الأردن إلى مثواه الاخير بقریه الیاروت بمحافظه الكرك ، وشريط ذكريات اختزلته من الذكريات القريبة قبل عشره سنوات عندما فجعت بوفاه طفلتي بسلطنه عمان وتعرضت لما تعرضت له من ظلم وقهر وآلم وعدت الی عمان حینها استجدي عطف المسوولین لاشكی لهم همي علني اجد من یناصرني علی الظلم فكان وبكل آسف ان الجمیع لم یكلف نفسه حینها بالاعتذار واغلقت كل الابواب بوجهي فمنهم من تحدث بلهجه التهدید والوعید اذا كررت مطلب تقدیم الشكوی والمظلمه والاخرین ومنهم حتی عند مدخل الاستعلامات كانوا یرفضون ادخالی مبنی وزاراتهم الموروثه عن اباٸهم واجدادهم ... حینها كتبت مقالا ارثي به حالي والوطن وارثي به كرامه المواطن والبلد المسلوب من اولاٸك الفاسدین واللصوص وكان ذلك بالعام ٢۰١۰
بعد یومین من ذلك رن جرس هاتفی واذا بمدیر مكتب الباشا عبدالهادي المجالي یتحدث بكل احترام هل انت فلان معك مكتب معالي الباشا عبدالهادي المجالي والباشا یرید ان یتحدث معك ? وبعد بضع ثواني كان الباشا یتحدث معي مقدما" تعازیه الحاره بفقدان طفلتي وانه یٸوسفه ماحصل ولكن قدر الله ماشاأ فعل وقال انتظرك غدا" الساعه العاشره صباحا" بمكتبي وطالما انك حالیا تقوم بزیاره للاردن اذا احتجت ای شٸ للمساعده لاتتردد بالاتصال معی شخصیا".. وبعد الاستٸذان بقطع الاتصال جلست احدث نفسی هل هذا حلم او بعلم الغیب الباشا لایعرفني ولم اطرق ابوابه حینها رغم ان نفوذه كان یتعدی الی مابعد الدوار الرابع فكیف یبادرني بالاتصال ویعزی ویتعهد بتقدیم المساعده لي ان احتجت فأنا وحسب ما ترسخت لدی من افكار مسمومه من خلال ما لمسته من ماكنت اسعی لطلب مقابلتهم هو ان المواطن بالنسبه لهم مخلوق تافهه وعبد مأمور لایسمح له حتی ان یضیع وقت المسوول ولو بدقاٸق من وقته فالمسوول بالوطن مخلوق من طین والمواطن مجبول من القاذورات .
فی صباح الیوم التالي وبرفقه أخی الأكبر توجهت حسب العنوان المحفوظ لدي الی مقر مكتب الباشا عبدالهادي المجالي بشارع مكه وعندما وصلت الساعه العاشره كان الباشا الزعیم بمكتبه یجلس وكنت متردد عند الوقوف بحضرته .. فأنا امام الباشا المهندس الفریق اول رٸيس هيٸه الاركان ومدیر الامن العام سابقا ووزیر الاشغال ورٸيس مجلس النواب اربع مرات السیاسی العتیق الزعیم عبدالهادي المجالي .. بینما امین عام وزاره الخارجیه رفض مقابلتي وقتها.
وقف الباشا خلف مكتبه مستقبلا ومعزیا بنفس الوقت وبعد الترحیب طلب منا الجلوس وقال لی هل لك ان تحدثني بادق التفاصیل ماذا حصل معك بالضبط من بدایه حادثه وفاه ابنتك ولغایه حضورك الی عمان .. وفعلا سردت له القصه كامله ...
وبعدها تنهد قاٸلا ماحصل معك بسلطنه عمان ظلم واستقواأ علیك واهمال من المسوولین حكومه بلدك .. انا شخصیا معني معك بهذه المظلمه بصفتي الشخصیه وبصفتي الرسمیه فهل ممكن ان تكتب استدعاأ طلب مقابله لجلاله سیدنا وسوف اقوم انا شخصیا بالتنسیق مع الدیوان الملكي لایصال الاستدعاأ حتی تتمكن من مقابله جلاله سیدنا وتشرح له قصه الحادثه وتخبره عن رده فعل المسوولین الذین بالخارجیه والمسوولین الذین رفضوا مقابلتك لعل وعسی ان یتم رفع الظلم الواقع علیك وسوف اقوم بمرافقتك شخصیا بعد الحصول علی الموافقه ...
طبعا مقابلتي مع الباشا كانت ٤٥ دقیقه واقسم بالله ان الحدیث مع ابوسهل اشبه بالتحدث مابین الابن ووالده ... خرجت من مكتبه وبداخل نفسی اقول هذا هو الزعیم الحقیقی الذی نحتاجه منذ رحل عنا وصفی ...
بالیوم التالی عدت لمدیر مكتبه وسلمته الاستدعاأ المطلوب ...
فكان رد مني عفویا" توقعت ذلك ولیس مهم الان الموافقه او الرفض فقد كانت مقابلتي مع الزعیم بموقفه و بتواضعه ومواساته لي بلسم ضمدت به جرحی فلم یعد یهمني بعده ان اجد من یناصرني سواأ بالحكومه او الدیوان وانتهت المكالمه بالتآسف ...
هذه هي اخلاق الباشا وتواضعه وحكمته وفزعته لاغاثه الملهوف لمن لا یعرفه ، وادرك تماما من خلال تجربتي هذه انه رحل عن دنيانا تاركا لنا طيب عمله وحسن سيرته، والآن نحن لا نملك في كل الاحوال الا الدعاء والتضرع إلى الله ان يتغمده برحمته ، فهو الملاذ والمخرج الوحيد من حالة الحزن والاسى بكل هذه المشاعر الفياضة.
وعزاؤنا انه ترك ارثا ضخما طوال تلك المسيرة المتميزة بالزعامه والسیاسه وتركنا وحدنا نُصارِع أمواج المآسي مع من یتقلدون المناصب وهم صغار .
مات الزعیم وسيموت غيره الكثيرون، وسنموت نحن عن قريب أو بعيد، وننزل منازل كما نزل، ونقف بين يدي الملِك يوم الوعيد، وهذه سُنة الله تعالى في خلقه، انه لا باقي سواه والكل سيفنى.
رحمك الله يا اباسهل رحلت قرير العين.. وفي النهاية لا نجد ما نقوله سوى اننا فقدناك حقا وستظل ذكراك محفورة في القلوب والوجدان. وندعو الله العلي القدير ان يلهم اهلك وذويك وكل محبيك الصبر والسلوان.