الخوف يتسلل إلى الأطفال من القلق المتبدي في ملامح الآباء
جفرا نيوز - ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا، زاد من حدة الخوف لدى الطفلة شذى (12 عاما) بعد أن سمعت من والديها أن هذه السلالة قد تصيب الأطفال بنسبة أكبر، على الرغم من أنها أخف حدة من السلالة الأولى للفيروس، إلا أن ذلك لم يقلل من نسبة القلق الذي شعرت به بناء على حديث والديها عن هذا الموضوع.
والدة شذى تؤكد أن الحديث كان عابراً أمام أطفالها، ولكنها لم تدرك أن هذا الحوار سيتحول إلى هاجس وقلق لدى شذى وإخوتها الذين لاحظت أنهم كرروا الحديث ذاته فيما بينهم بعد فترة من الوقت، وزاد قلقهم بعد أن شعروا الشيء ذاته من قبل ذويهم، إلى الحد الذي باتوا يبحثون عن أخبار السلالة الجديدة من الفيروس عبر محركات البحث.
الأطفال في مختلف دول العالم لمسوا هذا الخوف، وعايشوه مع ذويهم ومجتمعاتهم منذ اللحظات الأولى لجائحة كورونا على مستوى العالم، ومشاهدة الأخبار التي ترصد أعداد المصابين وحالاتهم الصحية، ورصد أعداد المتوفين يومياً، عدا عن الإجراءات الوقائية التي يقوم بها الأهل لحماية أنفسهم وأطفالهم، والتفاصيل الحياتية الجديدة والتي قد تفوق قدرتهم على استيعاب ما يحدث حولهم.
دراسة أجرتها إدارة الطب النفسي بجامعة أكسفورد، مؤخراً، أشارت إلى أن الأطفال يتمتعون بقدرة فائقة على سرعة إدراك مظاهر القلق والخوف البادية على ملامح آبائهم أو من يقومون برعايتهم، قد يقلقون لقلق آبائهم سواء خوفا من المرض أو من فقدان الوظيفة أو بسبب ضغوط العزل المنزلي.
جميع تلك الأسباب والمستجدات التي حدثت خلال الجائحة كانت كفيلة بأن تحدث تغييراً في سلوك الأسرة وفي طبيعة تعاملها مع انتشار جائحة كورونا؛ إذ كان الخوف والتوتر والترقب، السمة الأبرز في العالم، فكان الأطفال جزءا مهما من هذه المعادلة المجتمعية، كونهم انحرموا من حياتهم المعتادة كما في المدرسة أو اللعب في الخارج والاختلاط مع المجتمع الخارجي، ما دفعهم إلى مراقبة تحركات وتصرفات الأهل المغلفة بالخوف من المستقبل وماذا يمكن أن يحل بالأسرة من مختلف النواحي.
الاختصاصي الاستشاري التربوي الدكتور عايش النوايسة، يؤكد أن أزمة "جائحة كورونا” كانت وما تزال تفرز الكثير من المتغيرات في طبيعة حياة الأطفال في المجتمع الأردني، كما في باقي المجتمعات على مستوى العالم، وتغيرت طريقة تعلمهم وحتى لعبهم، كذلك طبيعة التفاصيل اليومية، نتيجة الإجراءات الحكومية المتعلقة بالدوام والدراسة عن بعد مجبرين على البقاء بالبيت.
ويشير النوايسة إلى أن الأزمة وما ارتبط بها من تغييرات، أثرت على جميع مناحي الحياة ومنها حياة الأطفال الذين شعروا بتحول كبير، ما أثر على طريقة حياتهم وتصرفاتهم وتفكيرهم.
غير أن هنالك إيجابيات انعكست على الأطفال خلال هذه الأزمة منها تعزيز مفهوم التعلم الذاتي وتطور تفكيرهم ودرجة الوعي، لكن أيضا تأثرت سلوكياتهم سلبا نتيجة الضغوط النفسية والتي فرضت نفسها على الآباء والأمهات من وراء التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها الجائحة، والأجواء المشحونة انعكست على الأطفال وسلوكياتهم وممارساتهم اليومية.
لذلك، تعتقد عبير مشهور أن الضغوط التي شعر بها الأهل نتيجة عدم القدرة على استيعاب عملية التعلم عن بعد أو الخوف من المرض، والتشتت الذي عاناه الأهل، قد يكون سبباً في قلق الأبناء، والذي قد يبدو واضحاً من خلال كثرة التساؤلات عن المرض، وعن احتمالية الإصابة، أو أن لا يحالفهم النجاح في المدرسة.
كل تلك الأمور التي كانت تسبب التوتر للأهل، انعكست على أبنائنا، وفق عبير، التي تحاول جاهدة أن تجعل الموضوع الآن أقل توتراً وحدة لدى الأطفال، ولكن، هم الآن في مرحلة وعي ويتابعون الأخبار بالتفصيل، بل ويترصدون لأعداد المصابين من خلال شاشة التلفاز، وهذا فعلاً ينعكس على تفكيرهم وتصرفاتهم وحتى الأحاديث فيما بينهم.
اختصاصي علم النفس والتربوي الدكتور موسى مطارنة، يعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يطمئن الأهل الأبناء بشكل عام، وفي مختلف الظروف، فهذا له دور كبير في نشر الأمان في نفوسهم، وخاصة الآن فيما يتعلق بتطورات جائحة كورونا، كون الوضع الحالي يؤثر على مختلف المجتمعات، ويبقى الأطفال بحالة خوف دائم من المستقبل، كخوفهم من المرض ذاته، أو العزل، أو حتى تبعات المرض على اختلافها.
الأطفال الذين يعانون من هذه الحالة النفسية، بحاجة إلى حنان واحتواء من الأهل، كونهم يتحولون إلى أشخاص تحكمهم العاطفة، ويفكرون فيما يجري حولهم من أحداث، لذا، على الأهل أن يتحدثوا معهم بطريقة تخفف من حدة التوتر والقلق لديهم، وأن لا يبالغوا في إظهار المشاعر السلبية أمامهم.
كما يشدد مطارنة على أهمية توفير مساحة جيدة للأطفال للترفيه والتعبير عن مشاعرهم وآرائهم، وأن يكون لدى الأسرة خيارات متعددة بعيدا عن أجواء القلق والخوف من الأمراض، وأن لا يكون هناك ضغوط مبالغة من الأهل، سواء من ناحية الدراسة أو المبالغة في التحذيرات من العدوى وأن يكون الأمر ضمن المقبول.
كما يؤكد النوايسة أن الطريقة المثلى في التعامل مع الأبناء من قبل الآباء والامهات في مثل هذا الظروف تتمثل في التقرب منهم ومشاركتهم أفكارهم وألعابهم وتشجيعهم على الجوانب الإيجابية في الحياة وتعليمهم ألعابا مفيدة مثل الشطرنج، ولا بد من الحد من استخدامهم الإنترنت بشكل كبير والاستفادة من الوقت المتاح في التقرب من الأبناء وبناء علاقة إيجابية معهم.
الغد