توقعات النفط: كيفية التعامل مع ارتفاعات الأسعار في 2015
الإثنين-2014-12-01 10:54 am

جفرا نيوز - جفرا نيوز-
هل تساءلت في أي وقت عما يمكن أن تبدو عليه حرب نفطية؟ أعرف أنه لمن السهل استحضار صور دبابات أبرامز (م.1. إيه.1) التي اجتاحت الصحراء خلال حرب العراق الأولى، لكن الصراع الذي أشير إليه لا يخاض بالوسائل التقليدية.
في الوقت الراهن؛ أصبح معروض العالم من النفط ساحة معركة بحد ذاته لحرب طاقة شُنت منذ العام 2008.
وما يجعل الأمور أكثر تعقيداً في هذا الوقت هو حقيقة أن حرب المعروض تدور رحاها على ثلاث؛ اثنتان منها تنتميان إلى العائلة نفسها.
أزمة الثقة عند منظمة الأوبك
أنه لأمر جيد أن نرى منظمة الأوبك تعود إلى المشاحنات الذاتية مرة أخرى.
أنت تذكر عندما حدث ذلك قبل، أليس كذلك؟ فقط عد بذاكرتك إلى عقد مضى تقريباً، عندما انقسمت المنظمة النفطية إلى فريقين حول قرارات العرض.
لقد كانت قصة غريبة عادية، مع اندراج الأعضاء تحت إحدى عصابتين: حيث كان هناك صقور الإنتاج كإيران وفنزويلا، اللتين سال لعابهما على ارتفاع أسعار النفط.
وفي الجانب الآخر من الممر، كان هناك الحمائم، بقيادة المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة.
أمر منطقي؛ أليس كذلك؟ فكر بالأمر كما وأنه معركة تدور بين الأغنياء والفقراء.
كانت المملكة العربية السعودية والكويت من الأعضاء القلة القادرين فعلياً على زيادة الإنتاج بأي كمية تريد.
وبطبيعة الحال، فلم يعد من المؤلم أيضاً أن السعوديين تمكنوا من استخراج النفط الخام بتكلفة أرخص من كثير من البلدان الأخرى كفنزويلا، التي تنتج النفط الثقيل في حزام أورينوكو النفطي.
لا شيء يصلح الصدع أفضل من الأموال.
في العام 2008، وصلت صافي إيرادات الأوبك من تصدير النفط إلى 970 مليار دولار.
ومن بعد ثلاث سنوات، دفعت أسعار النفط الأعلى قيمة صادرات الأوبك النفطية إلى 1.15 تريليون دولار؛ وفي العام 2012، ارتفعت تلك القيمة مجدداً إلى رقم مذهل بلغ مقداره 1.26 تريليون دولار.
من الصعب أن نعترض على أسعار النفط المرتفعة عندما يتيح المال وحده لبلدان مثل المملكة العربية السعودية إمكانية تجنب الاضطرار إلى التعامل مع الربيع العربي الخاصة بها.
ونرى لدى تقدمنا السريع في الوقت حتى اليوم، أن هذا التنافس القديم هو بؤرة الاهتمام مرة أخرى.
والسؤال الآن – وواحد من المحفزات التصاعدية قصيرة الأجل المحتملة لأسعار النفط الخام – هو إذا ما كان يمكن إقناع صقور الأسعار في منظمة الأوبك بتخفيض الإنتاج أم لا.
ففي أيلول (سبتمبر) من العام الحالي، زاد إنتاج الأوبك إلى 30.47 مليون برميل في اليوم، وهي تتوقع أن يحمل العام القادم في طياته مفاجئة مالية بواقع الحال.
في الوقت نفسه، يتوقع أن يرتفع الطلب على نفط الأوبك الخام خلال الأشهر الإثني عشر القادمة وصولاً إلى ما يقارب 29.5 مليون برميل يومياً.
تعتقد وكالة الطاقة الدولية أن منظمة الأوبك لن تخفض الإنتاج، بل وتتوقع بدلاً من ذلك حرب أسعار شاملة مع الغرب.
فبعد كل شيء، ألم تكن المملكة العربية السعودية هي التي اختارت تخفيض الأسعار مؤخرا؟ هنا تكمن المشكلة.
ليس هذا عقد الثمانينيات؛ ولا يوجد أي تدفق مكثف متاح يمكن أن يعود بالسعوديين إلى أيام مجدهم، عندما كان إنتاج برميل النفط يكلفهم 4 دولارات فقط.
وليست طاقة إنتاج السعودية تتمثل في النفط الخام الثقيل منخفض الجودة وحسب (والذي لا يمكن للكثير من شركات التكرير النفطية معالجته ببساطة)، وإنما يعد حقل غوار – أكبر حقل نفطي - الواقع في السعودية رسمياً أكبر "بئر للحظ" بالنظر إلى كمية مياه البحر الكبيرة التي تضخها فيها شركة آرامكو السعودية على أساس يومي؛ وهذا ما يجعل السعودية حمامة الأسعار.
ومن ثم سنصل إلى تهديد المعروض الحقيقي الذي يتسبب في حدوث أزمة الثقة لدى منظمة الأوبك وليس الأمر يأتي من رفيق في الأوبك.
وفيما يخص توقعات النفط الخام 2015: سيظهر متحد جديد؛ لم يكن وزير النفط السعودي يمزح عندما قال إن "الازدهار الصخري يشكل تهديداً خطيراً للاقتصاد السعودي والحقيقة، أنه يشكل خطراً لتحالف الأوبك كاملاً".
عند الأخذ بالاعتبار أن الشركات الأميركية تستخرج حوالي 8.5 مليون برميل من النفط يومياً -والتي يتوقع لها أن ترتفع إلى 9.5 مليون برميل يومياً في العام المقبل (وفقا لأحدث تقرير "توقعات الطاقة على المدى القصير" التابع لإدارة معلومات الطاقة الأميركية) –فإنها لمسألة وقت فقط قبل أن نخفض اعتمادنا على النفط الأجنبي.
وبينما نستمر في استيرادنا حوالي 1.2 مليون برميل من النفط يومياً من المملكة العربية السعودية، يواصل أعضاء الأوبك الآخرين خسارة حصصهم في الولايات المتحدة.
فقد تراجع استيرادنا للنفط الخام من نيجيريا، على سبيل المثال، إلى 61 ألف برميل نفط فقط في تموز (يوليو) الماضي.
ولكي نضع ذلك في منظور أفضل، فقد انخفضت وارداتنا من نيجيريا بنسبة 94 % منذ العام 2010.
وبشكل عام، أصبحت صادرات أوبك إلى الولايات المتحدة أقل بحوالي 16 % الآن مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
وعبر قطاع الطاقة كاملاً، يُشكل صافي الواردات حوالي 10 % فقط من استهلاكنا الإجمالي للطاقة.
ومن ناحية الطلب، فلن نرى النمو نفسه الذي حققناه العام الماضي يتحقق مرة أخرى في العام القادم، عندما نما استهلاك الوقود السائل في الولايات المتحدة بمعدل 2.5 %.
بل تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يتراجع الاستهلاك الكلي حقيقة بشكل طفيف لهذا العام، ومن ثم أن يزداد بمقدار تقل نسبته عن 1 % في العام المقبل.
وكما قد تتوقع؛ فهذا يضع مزيداً من الضغط الهبوطي على كاهل أسعار خام غرب تكساس، التي يتوقع لها حالياً أن تتراوح في المتوسط عند 94.58 دولار للبرميل الواحد.
في الآونة الأخيرة، قال أحد المسؤولين البارزين في شركة "إيكسون موبايل (الشركة الأكبر تداولاً للنفط والغاز في العالم" إن "الولايات المتحدة كانت تتوسط "لحظة تحول في تاريخ الطاقة".
ولكن، لسوء الحظ، هناك ما هو أكثر لثورة النفط الضيقة الجارية في الولايات المتحدة من مجرد فوائد.
سيقود أي هبوط مطرد في أسعار النفط إلى تباطؤ كبير في نشاط شركات التنقيب الأميركية.
في الواقع، يقترح محللون من "بنك دويتشه" أنه في حال فشلت الأوبك في تخفض الإنتاج (وواصلت حرب الأسعار ضد الغرب)، سيصبح ما نسبته 9 % من إنتاج النفط الضيق في الولايات المتحدة غير مجد اقتصادياً.
وإذا ما واصلت الأسعار الانخفاض تحت 80 دولارا للبرميل الواحد، سترتفع النسبة مسبوقة الذكر إلى 40 %. لذلك سأترككم مع هذا السؤال: من الذي سيرمش أولاً؟؟

