النسخة الكاملة

الإتجار بالقاصرات في مصر.. لمتعة أثرياء الخليج

الخميس-2013-08-15 11:20 am
جفرا نيوز -
 
جفرا نيوز - في كل صيف، يتدفق السياح الأثرياء الذكور من دول الخليج العربي إلى مصر هرباً من حر شبه الجزيرة الخانق، ويقيمون في الفنادق الراقية والشقق المستأجرة بالقاهرة والإسكندرية. ويأتي العديد منهم مع أسرهم وموظفي إدارة شؤون المنزل، ويقضون أيامهم في المسابح، والتسوق، وارتياد المقاهي والملاهي الليلية. لكن غيرهم يجيئون إلى القاهرة لغرض أكثر خبثاً.
ففي الحوامدية، وهي بلدة زراعية فقيرة على بعد 20 كيلومتراً جنوب القاهرة، يسهل رؤيتهم على الفور. فالرجال العرب الذين يرتدون أثوابهم البيضاء، يجولون شوارع المدينة التي تنتشر فيها القمامة، بسياراتهم الفاخرة وسيارات الدفع الرباعي.
وبمجرد وصولهم، يتدافع بعض المصريين إلى جانب سياراتهم، ويعرضون عليهم الشقق للأمد القصير.. والسلعة الأكثر رواجاً في المدينة -الفتيات القاصرات.
ففي كل عام، في الحوامدية كما في المجتمعات المحلية الريفية الفقيرة الأخرى في جميع أنحاء مصر، تباع الآلاف من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 11 و 18 سنة، بواسطة آبائهن إلى الأثرياء من الرجال العرب، وغالبيتهم من كبار السن الخليجيين، تحت ذريعة الزواج.
قد يستمر هذا الزواج الزائف من بضع ساعات إلى سنوات، اعتمادا على الترتيب الذي تم التفاوض عليه.
وتقول "عزة العشماوي" -مديرة وحدة مكافحة الاتجار بالأطفال في المجلس القومي للطفولة والأمومة- لوكالة إنتر بريس سيرفس، إنه شكل من أشكال استغلال الأطفال في البغاء تحت ستار الزواج.
وتضيف أن الرجل يدفع مبلغا من المال، ويظل مع الفتاة لبضعة أيام أو لمدة الصيف كله، أو يأخذها إلى بلده للخدمة المنزلية أو للدعارة.
ثم تعاد الفتاة إلى أسرتها عندما ينتهي إتفاق الزواج، وعادة لكي يتم تزويجها مرة أخرى.
وتقول "عزة العشماوي" أيضا أنه قد يتم تزويج بعض الفتيات 60 مرة حتى يصلن إلى سن 18 سنة.
وتضيف أن "معظم" الزيجات" تدوم لمجرد بضعة أيام أو أسابيع.
هذا ويتم ترتيب هذه الإتفاقات داخل أعداد لا تحصى من مكاتب "سماسرة الزواج" بالحوامدية، ويسهل تحديدها من خلال الوجود الواضح لمكيفات الهواء في بلدة متداعية تصلها الكهرباء على فترات متقطعة.
والسماسرة، وهم عادة محامون من الدرجة الثانية، يقدمون أيضاً خدمة التوصيل. فيتم جلب فتيات القرية اللواتي لا تتجاوز أعمارهن 11 عاماً إلى فنادق السياح العرب أو الشقق المستأجرة كي يختاروا ما يريدون. وعادة ما يقوم الرجال العرب المسافرون مع زوجاتهم وأطفالهم بترتيب شقة منفصلة لهذه الأغراض.
ويوفر الزواج المؤقت وسيلة للتحايل على القيود الإسلامية على ممارسة الجنس قبل الزواج.
ويوضح "محمد فهمي"، السمسار العقاري بالقاهرة، أن كثير من الفنادق وأصحاب العقارات في مصر لا يؤجرون غرفة لغير المتزوجين، فشهادة الزواج تسمح للرجال الزائرون بممارسة العلاقات الجنسية.
ويجدر الذكر بأن الإنخراط في علاقات جنسية مع قاصرين غير قانوني في مصر. لكن السماسرة يقدمون المساعدة بهذا الشأن أيضا، فيقومون بتزوير شهادات الميلاد أو استبدال بطاقة هوية الفتاة ببطاقة شقيقتها الأكبر سناً.
ويمكن ترتيب زواج "المتعة" ليوم واحد مقابل أقل من 800 جنيه مصري (115 دولارا). ويجري تقسيم المال بين السمسار ووالدي الفتاة.
ويتراوح سعر الزواج لفترة الصيف من 20,000 جنيه مصري (2800 دولارا) إلى 70,000 جنيه مصري (10,000 دولاراً). وينتهي العقد غير الملزم قانوناً عندما يعود الرجل إلى بلاده.
ولاشك في أن "المهر" الذي يستعد الرجال الخليجيون لدفعه لممارسة الجنس مع الفتيات الصغيرات هو مغناطيس قوي للأسر المصرية الفقيرة في بلد يعيش ربع سكانه على أقل من دولارين في اليوم.
وقد وجدت دراسة أجرتها وحدة مكافحة الاتجار بالأطفال في المجلس القومي للطفولة والأمومة على 2،000 أسرة في ثلاث مدن قريبة من القاهرة -الحوامدية وأبو النمرس والبدرشين- أن المبالغ "الضخمة" التي يدفعها السياح العرب هي الدافع الرئيسي لارتفاع معدل "الزواج الصيفي" في هذه المدن.
فنحو 75 في المئة ممن تم سؤالهم يعرفون فتيات في حبال هذه التجارة ومعظمهم يعتقد أن عدد الزيجات في تزايد.
هذا ولقد أشار مسح أجري عام 2009 إلي أن 81 في المئة من "الأزواج" كانوا من المملكة العربية السعودية، و 10 في المئة من الإمارات العربية المتحدة، وأربعة في المئة من الكويت.
وقامت المنظمة الدولية للهجرة أيضاً بدراسة هذه "الزيجات". وتقول "ساندي شنودة" -المسؤولة في وحدة مكافحة الإتجار بالمنظمة الدولية للهجرة بالقاهرة- أن الأسرة تأخذ المال، و'الزوج' الأجنبي عادة ما يترك الفتاة بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من الزواج.
وتضيف أنه لا يتم الإعتراف بالزيجات غير المسجلة من قبل الدولة ولا تتضمن أي حقوق للفتاة، أو للأطفال الذين قد ينتجون عن هذه الزيجات.
وتقول نانسي شنودة -التي كانت تدير في السابق مأوى لضحايا الإتجار- إن معظم الفتيات يأتين من الأسر الكبيرة العدد والتي ترى في الزواج من رجل أجنبي ثري كبير السن وسيلة للهروب من الفقر المدقع.
فكما تقول، قد يكون للفتاة 10 أشقاء، لذلك تنظر إليها عائلتها كسلعة.
وقد يذهب الآباء إلى سمسار لترتيب زواج ابنتهم عندما تصل إلى سن البلوغ. ووجدت دراسة المجلس أنه في حوالي ثلث الحالات يتم الضغط على الفتاة لقبول هذا الترتيب.
وتقول "نانسي شنودة" إن ذلك يمكن أن يكون له تأثيرا عميقا على الصحة النفسية للفتاة.
وتضيف أن البنات يعرفن أن أسرهن تستغلهن.. وقادرات علي فهم أن والديهم قاموا ببيعهن.. وإعادة الإدماج تشكل تحدياً كبيراً لأنه في كثير من الحالات إذا تم إرجاع الفتيات إلى أسرهن فسيقوم والديهن ببيعهن مرة أخرى.
ويجدر التنويه بأن قانون الطفل الصادر في مصر عام 2008 يجرم الزواج من الفتيات اللواتي لم يبلغن السن القانونية للزواج وهي 18 عاماً. كما يحظر القانون الزواج من أجانب بحيث يتجاوز فارق السن 25 عاماً.
وتعترف "نانسي شنودة"، من المجلس القومي للطفولة والأمومة، بأن القوانين تطبق على نحو رديء. كما تشير الأدلة إلى نمو هذه التجارة منذ ثورة عام 2011 في مصر نتيجة لتردي الأوضاع الإقتصادية وإنعدام فاعلية الشرطة.
وتؤكد أن المسألة لا تتعلق بالفقر أو الدين. وتوضح أن المشكلة هي في المعايير الثقافية التي تدعم هذه التجارة غير المشروعة -فالناس يعتقدون أنها في مصلحة الفتيات والأسر عموماً.. والسماسرة نجحوا في إيجاد أرضية مشتركة مع العائلات من أجل استغلال الفتيات الصغيرات...(آي بي إس / 2013)
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير