النسخة الكاملة

الثانوية العامة قضيةُ الكاهن وكيدُ الساحر

السبت-2013-06-29 06:33 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - ننحني بإجلال لميراثنا التربوي العميق وجذوره العريقة، ونملأ ماضِغَينَا فخراً عندما نتحدث عن التعليم في الأردن، انجازاتٌ عِملاقة وجهودٍ جبارة، ورغم ندرة وشُح الإمكانات إلا أن الأردن قد كان سباقاً لمواكبة منظومة التطوير التربوي عالمياً، ولم تنثني سواعد أجياله النحيلة أبداً عن تذويب جدران المستحيل، وتطويع العقبات التي تُعرقل النمو التربوي، وكل هذا من اجل صناعة الإنسان واستثمار المورد البشري، وتسليحه بالعلم وتدعيمه بالخبرات اللازمة التي تضمن له حياة كريمة، وتحصينه بالقيم وتقوية مناعته الفكرية. ولكننا نتحسر، ونُهزم من الداخل إذا تفكرنا بوضعنا التربوي الحالي، وما آل إليه التعليم من دمار وخراب نال من هيبته حتى النخاع، لا بل كشف عورته وعورة القائمين والعاملين في السلك التربوي، ولوَّثَ منظومة القيم التربوية وأباح حرمتها... والنتيجة هلاكٌ مجتمع وضياع وطن !؟ونحن أصحاب القول:-(الإنسان أغلى ما نملك) تنتقل عدوى ترحيل الأزمات إلى القطاع التربوي، والتراخي في إيجاد الحلول لا بُدَ أن يقود إلى معضلات معقدة يستحيل حلها ، وسوء التشخيص إنما يؤدي إلى وصفات علاجية خاطئة، ومنذ أن أُصيبت التربية بوباء المحسوبية والواسطة ، وعدم الموضوعية ... تسلل لهيكلها الإداري والتنظيمي أُناس بلا كفاءة أوصلهم قطار التقادم لمناصب قيادية تربوية متقدمة، تمكنت من هدم البُنية التربوية من الداخل، فعديمي الخبرة لديهم القدرة السريعة بإثبات وجودهم وتمرير أُطروحاتهم بامتياز ، والسبب انعدام الرؤية وضحالة الخبرة التراكمية. الثانوية العامة المأسوف عليها، هي الفاصل ، وهي المقياس المفصلي لأداء وزارة التربية والتعليم، إذ أنها هي النتيجة المعتمدة محلياً ودولياً ، وهي ثمرة الجهد المبذول والمتواصل لكلاهما : الجهة صاحبة الولاية والراعية والمشرفة (وزارة التربية) ، (والطالب – محور العملية التربوية). فكيف نصِف أنفسنا كدولة، ومجتمع ، وكادر تربوي ضخم؟ ، إذا لم نتمكن بكامل أجهزتنا الإدارية والأمنية من ضبط الامتحان، وهل صار حالنا بائساً ويائساً لهذا الحد ..... نحن في ورطة إذا لم نتمكن من إيجاد الحلول الفورية والملزمة لإنقاذ هيبة امتحان الثانوية العامة من الانحطاط، وسقوط الامتحان يعني تعرية المنجزات التربوية وإجهاض جميع برامج الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والسبب متعلق بفساد مكونات وأركان الإصلاح، بل فساد وتعفن أهم أركانه وهو (الإنسان). مما لا شك فيه أن المسؤولية جماعية، وليست مسؤولية وزارة التربية والتعليم وحدها ، فجميعنا مسئولون !!!! ولان الوطن للجميع ، كذلك الدولة للجميع ... وهيبة الدولة ورمزيتها إنما تتأتى من هيبة كافة أجهزتها ، والهيبة لا تُجزأ ولا تُقَسَم ، فهي كالولاء والانتماء ، وجميعها مفاهيم مترابطة ، وجميعها ترتكز على الإنسان وهو العنصر الحيوي الأهم الذي يبث الحياة والروح في جميع المفاهيم الوطنية. كمتابع، أجد أن امتحان الثانوية العامة صار بلا جدوى ، وقد سقط معنوياً واعتبارياً ، وخلال ثمان سنوات تقريباً تم الإجهاز عليه ودفنه وتأبينه ونحن اليوم نعيش على ذكراه !!! ونزداد أسفاً ...؟ فنتساءل ونخترق عالم اللاشعور ! ما الذي جرى ؟ تارةً يتسرب الامتحان ولا نسمع إلا النفي ، وتارةً أُخرى نسمع انه ليس هناك تسريب بل تم تصوير ورقة الامتحان وإرسالها لخارج قاعة الامتحان ؟ من سيصدق؟ طبعاً لا احد!!!! إلا أن الجميع عاجز عن وصف الحالة كما هي ، فالمتنفذ مستفيد ، والمتلقي مستفيد ، والخاسر هو الوطن ؟ فقط. يقولون، إذا غزوت فأغزُ بغلامٍ قد غزا ، أي بأصحاب الخبرة القتالية من الشباب ، ولكن زاحم بعود أودع ، أي اعتمد بالحجج على أصحاب التجربة الذين عاركوا الحياة طوال أعمارهم ، ومما لا شك فيه أن معالي وزير التربية والتعليم صاحب خبرة واسعة وتجارب كبيرة لا يُشكك بها احد ولا نزكي على الله احد ولا نجامل في ذلك، إلا أن كوادره الإدارية والتربوية والفنية ليست هي التي تناسب المرحلة، ولو كانت كوادر الوزارة الفنية والإدارية على القدر الكافي من الخبرة والتجربة لاستطاعت الخروج من هذا المأزق وبجدارة ، إلا أنهم ليسوا بأصحاب الفكر المبدع والخلاق !!! ونسوق الأدلة التالية :- 1. كيف تنفي وزارة التربية تسريب أسئلة الامتحانات، وبنفس الوقت تُقر بتحويل بعض موظفي الوزارة (عدد من المعلمين) إلى هيئة مكافحة الفساد؟ 2. لماذا يبقى كادر إدارة الامتحانات كما هو ؟ أليس من الضرورة الوقائية التدوير الإداري وتبادل الأدوار؟ ليس من اجل الشك بأحد أو لإبعاد الأخر، بل لتبادل الخبرات وتنويعها. 3. طالما أن إجابات الامتحان تكون على أبواب القاعات أو بداخل القاعات بعد خمس دقائق من بداية الامتحان ... (؟) أليس هذا دليلاً دامغاً على أن الذين قاموا بحل الأسئلة لديهم الوقت الكافي لحلها وإرسالها !!! بمعنى أن الأسئلة بحوزتهم قبل بدء الامتحان وبوقت كبير وكافي ؟؟؟ أفلا تعقلون! 4. اعتقد جازماً أن الأسئلة تخرج من الحلقة الأقرب التي تلامس الامتحان وتشرف على تغليفه وتصويره وتصنيفه، لان مديريات التربية والتعليم ورؤساء القاعات فيها والمراقبين مكشوفين أمام الجميع... ويمكن ملاحظتهم وبسهوله وهذا بحد ذاته رادعاً كافياً ، بينما من يعمل داخل الحلقة الأقرب للامتحان فهو غير مكشوف (سري) وهنا الخطر ،وليس هناك جهازاً رقابياً يضبط تحركاته ، ولو وُجِد الجهاز الرقابي ، فخبرتهم كافية في التخفي وإخفاء ما يعرفون ويملكون ....؟ ليس اتهاماً لأحد بل تحليلاً منطقياً ومهنياً وموضوعياً، والشك مشروع في الفكر الأمني ولنسميه اصطلاحاً (الأمن التربوي) * ولان اخر العلاج الكي ، على وزارة التربية أن تعيد النظر بهيكلها التنظيمي ، بكوادرها ، ببرامجها ... ، نعم صحيح المشكلة مُرَّحلة من القِدِم إلا أنها مشكلة وجميعنا معنيون بحلها. فمن هم الذين يسترقون السمع يا معالي الوزير؟، وما هو الإجراء الأنسب؟
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير