النسخة الكاملة

جولة افق سياسية ...تراجع الحراك الاردني الاسباب والمسببات

السبت-2013-05-04 03:30 pm
جفرا نيوز - جفر ا نيوز  - كتب معاذ ابو الهيجاء 
هذه جولة أفق سياسية سنتحدث فيها عن اسباب وعوامل تراجع الحراك الأردني، محاولين وضع الاصبع على هذه الاسباب ، وذلك بأخذ أراء بعض قادة الحراك، وأيضا سوف نتحدث قليلا عن موقف رئيس الوزراء عبد الله النسور من الحراك وكيف تغير الموقف بعد التعيين ، فالشخص الذي هاجم دائرة المخابرات وحذرها من التعرض للحراكيين حين كان نائبا وأمام عدسات الكاميرات، كان عينه هو من نكل بهم مرات ومرات كان آخرها سحل الناس في شوارع اربد!
أولا أسباب تراجع الحراك:
بتاريخ 7-1-2011 انطلق الحراك الشعبي الاردني في معظم مناطق المملكة ساعد ذلك أجواء ما سمي "بالربيع العربي" ورؤية نماذج حية حققت نجحا على أرض الواقع، اضافة الى الخوف الذي سوار النظام من الاقدام على عمليات جراحية يستأصل بها جميع الخلايا الحراكية عن بكرة أبيها قبل أن تنشطر فيزداد الحراك قوة وتشتعل كل المملكة، ففتح له ابواب الحرية " الموهومة " على مصراعيها مما ساعد في ...زيادة عدد الحراكيين...البدء بالعمل المنظم ...ارتفاع سقوف الهتاف حتى طالت هرم النظام من قاعدته حتى قمته ومن قمته حتى قاعدته.
بيد أن النظام كان مدركا أن الحراك ما هو إلا فوقعات صابون مشاعرية ستزول في لحظة ما، وأن الكتل الحراكية لا تشكل كتله فكرية واحدة متناسقة الفكر والشعور، بل الحراك لاردني منذ أن دبت به الحياة وهو يشهد اختلافا في الأفكار والآراء بين المجموعة الواحدة أو عدة مجموعات، وبذلك كانت غير متجانسة من الناحية الفكرية والشعورية، والذي يجمعها هو مطالب غامضة كالمطالبة بالاصلاح و محاربة الفساد وعلاج الأزمات السياسية والاقتصادية دون تقديم برامج واضحه المعالم يمكن وضع الاصبع عليها، وهذا ما جعل بعض المراقبين أن يصف الحراك بأنه ولد ميتا!!.
وإن نحن استعرضنا اسباب تراجع الحراك الاردني فإننا نلاحظ أن الحراك اخفق في احداث راي عام كاسح في المجتمع الاردني مؤيدا له، اضافه إلى اخفاقه في تكوين قاعدة شعبية عريضه من سواد الناس تكون هي المنافح والمدافع عنه أمام القوة الأمنية الباطشة والقوة السياسية المظللة سياسيا وفكريا، اضافة إلى عدم وجود برامج اصلاح سياسية واقتصادية ذات طابع عملي، ولذلك لم يستطع أن يكون حركا شعبيا بل بقي حراكا نخبويا.
الناشط في الحراك الاردني الدكتور فخري المومني- والذي واكب الحراك منذ انطلاقته في محافظة عجلون- يرجع اسباب التراجع إلى هيمنة مجموعة من الوصوليين على قيادة الحراك وتجييره لمنافعهم.
ويضيف لـ جفرا أن بعض الفضائيات اقتصرت في استضافتها لهذه الشخصيات الوصولية للحديث باسم الحراك ونيابة عنه، مما ساهم في تلميعها على حد قوله.
وبين المومني أن الخلافات الشديدة بين اعضاء بعض الحراكات بسبب ارتباطاتهم الايديولوجية ساهمت في تراجع الحراك، فبدل أن يتقدم إلى الامام شغل بنفسه ومشاكله بدل أن يشغل بالدولة وممارستها.
وذكر أن حماس بعض الحراكيين للمشاركة في اي فعالية بغض النظر عمن يدعو اليها وينظمها أوجد صور سلبية عن الحراكيين في الشارع الاردني أو على الاقل عند المراقبين له والصحافة بشكل عام.
وأكد بأن السياسات الحكومية والامنية نجحت في احتواء بعض الحراكات من خلال سحب مبررات خروجهم الى الشارع مضيفا أن التشكيلة الحكومية الاخيرة برئاسة النسور ضمت وزيرين من عجلون، وكنا نعتزم في حراك عجلون ان نعتصم ضد تشكيل الحكومة وعندما شكلت وكان بها وزيرين من محافظة منسية لم نتمكن من الخروج ولو خرجنا لقامت عجلون ضدنا.
ولفت المومني بأن التجربة الحراكية بحاجة الى مراجعة شاملة ومأسسة للعمل الحراكي وانه يجب أن تنتقل كافة الفعاليات الى المدن الرئيسية عمان - اربد - معان - الطفيلة. على ان لا تشترك او يشترك اصحاب الايديولوجيات في ادارة الحراك واتخاذ القرارات.
ويختم المومني حديثه بالقول ... آه يا وطني إن كثيرا من الحركات اصبحت العوبة بايدي النظام ومؤسساته الامنية يقويه متى شاء ويضعفه متى شاء.
فيما يرى أبرز ناشطي الحراك في جنوب المملكة باسل البشابشة أن اسباب تراجع الحراك ترجع
إلي قدرة النظام "الذكية"على احتواء الحراك وتفتيت الكثير منه، وحسن التعامل مع الازمة كان عملا مبدعا من النظام في اضعاف الحراك، مضيفا إلى أن النظام عزف على وتر الهويه والذي ادى الى انقسام حاد حول مسألة التجنيس وملفات عالقة في القضية الفلسطينية مثل حق العودة والمقاومة وفك الارتباط وما الى ذلك من قضايا جدلية جعلت الكثير من اعضاء الحراك يفضلون الانسحاب.

وبين أن ما يجري في سوريا أوجد انقساما حاداً حول هذه القضيه كان له الاثر الكبير في تراجع الحراك، حيث انسحب عدد من الحراكيين على اثر الاختلاف حول تأييد أو معارضة الثورة السورية.
واعتبر البشابشة أن الخلافات مع الحركه الاسلامية كانت من ضمن اسباب ضعف الحراك حيث ان الاسلامين كانوا ولا زالوا يريدون السيطرة على الحراك من اجل تمرير اجندات تخدم الجماعه فقط وليس لها علاقة بمكافحة الفساد ورفع الاسعار وهذا هو سبب الخلاف الرئيسي مع الحركة.
وأضاف بان استحواذ الاسلامين على نقابة المعلمين "علماً انهم لم يشاركوا منذ بداية الحراك" واقصائهم لكافة الاطياف الاخرى اصاب الكثير من المعلمين الذين كانوا في الحراك بحالة من الاحباط وقرروا الانسحاب من الحراك.
وأشار إلى ان ما حدث من قتل ودمار في كل من ليبيا وسوريا كان له الاثر الكبير ايضاً في تراجع الحراك حيث ان شعور الخوف من المجهول سيطر على عقول غالبية الناس والخوف من المستقبل في حل تغير النظام.
ولفت إلى ان طول المدة وعدم تحقيق اي انصر حقيقي على مدار عامين اصاب الجميع بالاحباط لذلك قرروا التوقف حالياً الى حين الخروج من حالة الاحباط والخروج ببرنامج عمل يعالج كل القضاتيا الخلافية.
وذكر أن ما حدث في مصر وتونس جعل الكثير من الحراكيين ينسحبون حيث ان من اطلق شرارة الثوره هم اليسارين والقومين ومن جنى الثمار هم الاسلامين فكان هنالك بعض الاشخص انسحبوا من الحراك خوفاً من سيطرة الاسلامين على السلطة كما حصل في مصر وتونس.
أما الناطق الاعلامي باسم حراك حي الطفايلة منذر الحراسيس فيقول أنه من المسلمات لدينا كحراكيين أن الحراك لن ينتهي، ولكن هنالك حالات مد وجزر في الحالة الحراكية وقد مورست هجمة شرسة على الحراك الشعبي من قبل الأجهزة الأمنيبة ومؤسسة "الفساد والإفساد " ورغم ضراوة تلك الهجمة إلا أنها لم تستطع إنهاء الحالة الحراكية و"الضربات التي لا تكسر ظهرك تقويك" .
وأضاف بأن الحراك لم يضعف ولكن بعض الحراكات "المناطقية" انشغلت في الفترة السابقة من أجل ترتيب البيت الداخلي لها، وبعضها عاد للشارع ومن لم ينهي عملية الترتيب سيعود بقادم الأيام أقوى مما كان عليه في السابق.
وأشار إلى أن بعض الحراكات وصلت إلى قناعة تامة أنه آن الأوان لتمايز الحراك الشعبي عن القوى الوطنية " الأحزاب" ليس من باب مناكفةً لتلك القوى ولكن نظراً للاختلاف في الرؤية والهدف بينها وبين تلك القوى وتعتبر تلك القوى شريك وحليف ولا تنظر لها كخصم لان لا خصم لها سوى "فساد النظام" وعليه تبنت هذه الحراكات شعار التغيير لان السواد الأعظم من الحراكيين بات مقتنعاً أن هذا النظام عصيٌ على الإصلاح وعليه لا بد من التغيير
ثانيا عبد الله نسور من فمك أدينك:
يقول العرب في أمثالهم " من فهمك أدينك" وهذا المثل ينطبق تمام الانطباق على رئيس الوزراء عبد الله النسور حيث القى النسور بتاريخ 02-04-2012 محاضرة في مدينة سحاب بعنوان " الاصلاح السياسي في الاردن " .
دعا النسور فيها إلى حماية النشطاء، وتوفير الحماية للعاملين في الحقل السياسي بشكل دائم، مشيرا أن الدولة توفر الحماية المؤقتة للناشطين السياسيين لأنها تخشى المظاهرات، داعيا النظام الأردني أن لا يستمر بنهج تصوير الناس وتسجيل أسمائهم ثم بعد أن تهدأ الأمور يبدأ بمناداتهم الواحد تلو الآخر.
وأكد على ضرورة ان يكون هناك ضمانات قانونية ودستورية لحماية كل ناشط سياسي يعمل ضمن القانون .
هذه الاقتباسات ما تهمنا الان من محاضرة النسور ويظهر فيها النسور بموقف المعارض للنظام ولسياسته الإصلاحية، متهما النظام بأنه يخاف من الحراك و المظاهرات، موقف أثبتت الايام أنه مصطنع وأن عبد الله النسور ما هو إلا بيدق من بيادق النظام لعب دور المعارض السياسي القوي حين كان مرسوم له ذلك الدور والآن يلعب دور النظام الذي هاجمه سابقا واتهمه بتزوير مجلس النواب السابق!.
النسور وقع في تناقض حاد مع نفسه أمام الله وأمام شعبه المغلوب على أمره حيث سمح لنفسه أن يكون مدفعا للنظام ويده التي بطشت بكل الحراكيين في كل مكان وأودعتهم غياهب السجون حين قام برفع اسعار المحروقات، كان آخرها سحل الناس في مدينة اربد لأنها كان ومازلت الأقوى من بين كل الحركات فلابد أن تلقن درسا قاسيا ليس لشيء بل لأنها طالبت فقط بلقمة الخبز.
فإما أن النسور فعل ذلك وهو على قناعة تامة بما يفعل وهنا ينطبق عليه قوله تعالى " يقولون ما لا يفعلون" أوأن ما حدث كان رغما عنه ومن جهات تسيره وتسير غيره وهنا يكون فاقدا لما يسمى الولاية العامة وفي كلتا الحالتين تلك مصيبة عظمى.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير