الانتخابات البلدية.. إلى أين والى متى؟
الأربعاء-2013-05-01 06:45 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - م. جمال نايف أبو عبيد
يرتكز مفهوم الإدارة المحلية النموذجية للبلدية على مجموعة من الدعائم التي يمثل كل منها مسارا بالإتجاه الصحيح والتي لا بد من اعتمادها والعمل بهذه الدعائم والمحاور للوصول إلى بلديات كفؤة وقادرة على إدارة العمل البلدي بنجاح وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والوصول إلى تنمية محلية مستدامة .
فالمجالس البلدية هي هيئات محلية ذات استقلال مالي وشخصية اعتبارية تقوم بتوفير الخدمات الأساسية المناطة بها للمواطن ؛ وتعتبر البلديات بحق ركيزة أساسية للتنمية بالتشارك مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص .
وفي هذا الاطار يقع على عاتق البلديات إعداد خطة استراتيجية للتنمية المحلية لمدة أربع سنوات يشارك بها المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ويرافق هذا الإجراء وضع خطة تنفيذية للخطة الإستراتيجية ترتكز على خطة مالية تمكن البلدية من تنفيذها وفي موازاة ذلك يجب عليها إنشاء قاعدة بيانات تتعلق بالسكان والخدمات وغيرها من المعلومات الضرورية في كافة مناطق البلديات مع ضرورة حوسبة الأنظمة المالية والإدارية والتنظيمية .
وبهذا تكون المجالس البلدية محفزة على المشاركة الشعبية في صناعة القرار وتبرز دور البلديات كوحدات تنموية في خدمة المجتمع المحلي .
وهنا أتساءل : أين الانتخابات البلدية؟! والى متى سيبقى التأجيل حاصلا بذرائع وأسباب مختلفة؟! ؛ فيجب أن تكون الانتخابات البلدية «بروفة» حقيقية للمرحلة الجديدة التي نعيشها في الأردن وخاصة بعد التعديلات الدستورية والرغبة الملكية الداعية لإجراء انتخابات بلدية ؛كما جرت الانتخابات النيابية في مطلع العام الحالي , بحيث تجرى الانتخابات البلدية بمنتهى الحيادية والنزاهة والشفافية ؛ ولتشكل الانتخابات البلدية نقلة جديدة تساهم في التطوير والنهوض بالمهام البلدية وتعظم علاقتها مع المجتمع المحلي والسلطة التنفيذية .
لذا فان انتخابات المجالس البلدية هي محطة مفصلية على طريق الإصلاح الديمقراطي الشامل .
وبعد صدور الإرادة الملكية السامية أصبح القانون رقم 7 لسنة 2012 قانون معدل لقانون البلديات وأصبحت الانتخابات بحكم القانون حق دستوري واستحقاق وطني لا يقبل التأجيل . وهنا يجب على الحكومة ان تستشعر اهمية إجراء هذه الانتخابات مع ضرورة مراعاة تعديل بعض مواد قانون البلديات رقم 7 لسنة 2012 بالتعاون مع مجلس النواب لعصرنته بالشكل الذي يواكب التطورات المؤثرة على المجتمعات المحلية ويعالج الاختلالات الادارية والمالية والثغرات القانونية المتراكمة ومتوائما مع قانون ضريبة المحروقات الذي ينص على منح البلديات على نسبة 8% من ضريبة المحروقات لتمكين البلديات من القيام بواجباتها الخدمية ورفع سويتها
لذا فان إجراء الانتخابات البلدية بحياديه ونزاهة وشفافية تامة لاشك انها ستساهم في دفع مسيرة الإصلاح الحقيقي وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار وتفعيل دور المجتمع المحلي في الإدارة المحلية وخاصة الشباب والمرأة ويعمل أيضا على تعزيز القدرات الإدارية للمجالس البلدية ويمكن البلديات من إفراز قيادات سياسية واجتماعية وثقافية تساهم بتعزيز التنمية الشاملة وصولا إلى تنمية مستدامة .
ومما يؤسف له ذلك الارتباك الحاصل في إدارة العمل البلدي انعكس سلبيا على عملية الإصلاح السياسي وتعزيز الديمقراطيات ؛ والتي هي في الاصل استحقاق دستوري مما اوجد حالة من التراجع في الخدمات المقدمة للمواطنين في كل بلديات المملكة ؛ وخلقت مناخا من المحسوبية ؛ بالإضافة إلى ارتفاع مديونية البلديات وعدم قدرة بعض البلديات في دفع رواتب موظفيها اوقع البلديات تحت حالة من عدم الرضى الشعبي العام.
أما فيما يتصل بجدلية الفصل والدمج الشائكة والتي لها مؤيدين ومعارضين ولها ايجابياتها وسلبياتها فانه لا ضير من اجراء الانتخابات على البلديات القائمة سابقا في عام 2007 والبالغ عددها 93 بلدية !! ؛ على أن يعاد النظر بموضوع دمج وفصل البلديات قبل انتخابات البلديات في المرة القادمة أي بعد أربع سنوات ؛ وذلك بعد دراسات واقعية ومفصلة مستندة إلى العوامل الديموغرافية والكثافة السكانية وبعد المسافات ما بين المناطق ومراكز البلديات .
وهنا لا بد من حل جذري لمشكلة المواطنين من أبناء المجتمعات المحلية والقاطنين في مناطق البلديات التابعة للبلديات الكبرى أو البلديات الجديدة وكانت بلديات قائمة ومستقلة قبل عام 2001 وهو ما يطالب به هؤلاء المواطنون بإعادة النظر بعملية دمج البلديات والعودة إلى الوضع القائم قبل شهر تموز 2001 نظرا لتدني مستوى الخدمات الذي لمسوه بعد عملية الدمج.
وهنا نطرح السيناريو الذي نعتقد انه الانسب في هذه المرحلة بحيث يـُنتخب في كل منطقة من مناطق البلديات في المملكة عدد من الأعضاء ويكون بمثابة بلدية مصغرة ومنحهم ومدير المنطقة الصلاحيات الكاملة لإنهاء معاملات المواطنين في مناطقهم بكل سهولة ويسر بينما ينتخب الأعضاء من بينهم ممثلا لهم كعضو في البلدية الكبرى أو البلديات الجديدة ؛ بحيث تكون هناك موازنة مقدرة مسبقا ومقررة لهذه المناطق وتنفق خلال السنة المالية ؛ وبهذا يكون المجلس المحلي هو الذراع التنفيذي للبلدية ؛ أما المجالس البلدية في المراكز فتكون من أهم مسؤولياتها رسم السياسات العامة ووضع الخطط الإستراتيجية الفاعلة والشاملة والمتوازنة ومواكبة لتطورات العصر ؛ وتهدف إلى الارتقاء بشمولية العمل البلدي بجميع مكوناته من تصميم وتنفيذ المخططات الشمولية وتعزيز الحاكمية الرشيدة في العمل البلدي تؤدي الى إحداث إصلاح شامل في قطاع البلديات ورفع كفاءة وفاعلية العاملين به لنصل الى بلديات محركة للتنمية والتطوير وجذب الاستثمار بشكل بعزز مفهوم اللامركزية.
إن نتاج الانتخابات البلدية هو تعزيز مفهوم الإدارة المحلية وتوظيف جميع موارد المجتمع المحلي المادية والطبيعية والبشرية من اجل زيادة الدخل وتحسين الحالة الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين بأقل التكاليف الممكنة ؛ وهذا يعزز الوصول إلى التنمية المحلية المستدامة والتي ترتكز على وحدة المصير والاستدامة والديمقراطية والمشاركة الشعبية وقيم العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة .
*أمين عام وزارة الشؤون البلدية الأسبق

