النسخة الكاملة

لماذا تربون جيلاً سيلغي وجودنا؟ سنموت وكأننا لم نعش أبداً

الأحد-2013-04-28 10:36 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - رزان محمد الزيود
تسرقني لحظات عمري لأسترجع أربعة وعشرون عاماً مضت, كأنها لحضات إلاّ أنها مدى الحياة كيف مضت وكيف قست نفسي على الحياة! كيف اختلفت أحلامي عاماً بعد عام؟ كيف تغيرت نظرتي للحياة؟ حياة نتعلق بها دون أن ندري أنها ستختفي كالسراب. لحظات تبهرنا وتسرق حبنا وتسبب غفلة قلوبنا وعقولنا, وحين تتحقق الأحلام نكتشف اختلاف الواقع ...   حلم فواقع، وتتحقق الاحلام؛ كلاهما مسرحية تختلفان بالشخوص والمكان والزمان, وكأننا مجبرون على مجاراة الواقع وأن اختلافنا يعني تفرقنا لم نعد ندري من أين نأتي بالأمل وكيف نسعى وراء الأحلام والمستقبل. ونحن نشاهد لقطات الأيام؛ بين فصل وآخر، يصعب علينا أن نقول وداعاً بعد أن اعتدنا على تلك اللقطات, كل واحد منا تربى على أسس مختلفة، يجمعنا الدم و تفرقنا الأعراف والمبادئ. قبل سنين كانت الحياة أجمل لكننا ما عرفنا يوما الوطن رغم أننا نعيش به، نحبه، نعشقه، لكن الوطن مليء بأولئك الذين ما أحبوا الوطن يوماً. لقد أبحنا لجميع الناس استلابنا وبيع أراضينا فأصبح تراب الوطن رخيصاً فرخصت بذلك نفوس الناس. أما أنت يا وطن!!! أي وطن هذا الذي تعيش عليه كل شعوب الأرض!!! فكل يملك لغته وأعرافه وأحلامه لكنها أحلام مختلفة وهذا الوطن لم يمدح يوما إلا من أبناءه الذين همّشوا وحوربوا لأنهم طالبوا باعادة مبادئ راسخة متأصلة كانت فخر كل أردني على مدى عصور. ذلك الشعب؛ شعب الشهامة والبطولة والإباء، شعب الكرامة والمعارك والإخاء.
لملمت فتات السنين, متأملةً تلك الصور التي استلمت بها شهادتي مرتدية زي تخرجي. كل مرة يكون بها الفصل مسرحي واللحظات زماني أنظر مستذكرة احلامي, كلمات كثيرة كان يتردد صداها في نفسي: المستقبل، الطموح، النجاح و الامل. أرخيت عيناي وطرقت أفكر كيف مرت تلك السنين؛ ما كان بها إلا احلامي التي الملمها لكي تتماسك. لكن الزمان اختلف. أنا اردني تفاوض علي العالم يا أخي مرارا و مرارا, أنا وقفت مع كل عربي فنادت بلادي بجرح ينزف جمار العروبة, تصالحت مع كل العالم, احترمت كل الأجناس... أن يستهتروا فحقدوا، ويعتادوا صمتنا وسكوتنا على سوء أحوال البلاد، فماذا نجيب؟ أنا لست سياسيةً.
في عالمنا هذا يبدو الإعتذارغيرمقبول والشكرغيرمقبول, أن يستهتروا بعقولنا ومبادئنا ويصبح التمسك بالعادات واحترام النفس والكبرياء أمر خاطئ . نحن في زمن الموت وقلوب الناس أقسى من الحجارة, نحن في زمن قتل الأحلام دون الشعور بالذنب. يا لهذا العالم كيف تغير وكيف نحن أصبحنا بلا هوية ذلك العالم في الخارج أعجب بديننا وأحلامنا فطبق خير ما فيهما ونحن بتنا بلا مبادئ وبلا أعراف نفتخر بها. أي غربة هذه التي أعيشها في الوطن. أي وطن هذا الذي بات الناس فيه يفتقرون الأسس والمبادئ؟ دعوني أنبأكم بما كنتم تجهلون. ها نحن ننصاع لصطوة المال والمظاهر؛ فكلما ابتعدنا عن ما رسخ أجدادنا فينا من الاحترام، كلما ازددنا رقياً في عيون ما باع. أي غربة هذه التي سيطرت على عقولنا وقلوبنا. غريبٌ بات هذا الواقع الذي يجبرنا على التحمل والصمود رغما عنا. أين ذهبت طموحات الشباب؟ لماذا احلام شبابنا بهذه السخافة؟ لماذا يسيؤون للمبادئ والقيم؟ لماذا كل هذا الإنحلال؟ لما كل هذا التقليد الاعمى؟ لماذا نسيئ إلى اللسان، إلى الأخلاق، إلى احترام كياننا إلى احترام مبادئنا؟ لما العنف بالجامعات؟ لما هذا الإنحلال الذي وصلنا إليه؟ لماذا بات كل شيئ عادياً؟ لما بات قتلنا لبعض عادياً؟ لما الدماء و القتل في زمننا امرٌ طبيعيٌ؟ لما بات عدم احترام الكبير أمراً يحتمل؟ لما الاحترام اختفى من عقولنا و صار نسياً منسيا؟ يا أيها العالم العربي الأبيّ... يا شباب العرب التائهين... يا رجالات الوطن الأوفياء... لقد خيم الظلم على بلادنا عار علينا أن نجلب الهوان والضياع إلينا. أيها الاهل لما تربون جيلاً سيلغي وجودنا ويقرر ثقافتنا وعادتنا رغماً عنا إلى أين نمضي و إلى أين نهاية هذا الواقع الحزين، ضميري كاد يقتلني، وصمتي المنسي لم يداويه شفاء ريشتي وألواني، وأقلامي ضاقت واختنقت وأوراقي احترقت. فهل من منقذ لكلماتي وأحلامي و بلادي؟؟؟!!! أبكي في عالم فقد الناس فيه البصر و الإحساس فلماذا أصبحنا في دنيا أشجارها تتصارع فيها أوراقها الصفراء... عذرا أيتها الحياة فقد شغلنا بالرخيص وزهدنا بالغالي عذرا...
لم نعد نعرف المخرج إلى النور سوى بالحزن والألم ولم نعد نعرف الطريق إلى الوطن سوى كلمات على السطور ثم نموت وكأننا لم نعش ابدا.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير