الاردن ... الازمة أكبر من حكومة وبرلمان
السبت-2013-04-19

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - فارس الحباشنة
الأزمة الحكومية في الاردن ليست فريدة و لا غريبة ، أزمة حقيقية ولكن لا علاقة لها بتاتا بثقة مجلس النواب وغيرها من التفاصيل المرتقب وقوعها تحت القبة ب"ماراثون الثقة " ، أزمات الاردن باتت أنعكاس عميق لاأكثر من مستوى محلي و أقليمي في أن واحد .
في عمان يشهد الاردنيون أزمة بادوات جديدة ، البديهي ، نكتة سمجة و سخيفة ، أسمها أنتظار منح أو حجب الثقة عن حكومة عبدالله النسور لمعرفة تموضع الحكومة و علاقتها بالبرلمان ، على أعتبار أنه في حال حصلت حكومة النسور على الثقة تكون تجاوزات محنة شرعيتها ، و نكون بعد ذلك أمام جولة جديدة لقرارات أقتصادية صعبة وعسيرة ، تعيد الشارع الاردني الى العنف الاحتجاجي المتصاعد و تضخم من مستوى الغضب الشعبي .
شكل و صيغة حكومة عبدالله النسور بلا هوية سياسية تذكر أو تحدد ملامحها ، يقتصر برنامجها على أمرار الوقت و اللعب عليه ، وما يزيد من تعميق الازمة تمظهر جديد للازمة السورية ، ومشكلة الخيار الاردني من الانجرار وراء التدخل العسكري المباشر في حسم الصراع السوري ، ويبدو أن الاردن الرسمي خلع سياسة النايْ بالنفس من الازمة السورية ، وأرتدي موقفا جديدا تنكشف مظاهره الحقيقة بعد عودة الملك عبدالله الثاني من واشنطن .
للازمة الاردنية الحالية بعدان وربما أكثر ، الاول محلي : حكومي -شعبي ، و الثاني اقليمي "سوري " بلا منازع ، ليس بالامر اللغز أن الاردن أصبح طرفا مركزيا في الازمة السورية ، و أن مفاعيل الازمة قد ترمي بشرورها علينا دون أدنى حساب أو تحسب للتداعيات الخطيرة للازمة ، و " الوباء الخليجي " يقف من وراء حجاب يحيك مؤامرة أسقاط نظام بشار الاسد من عبر الاردن ، بعدما فشلت كل الرهانات على المعارك الميدانية للقوى السلفية المتطرفة و الجيش الحر و مناطق العزل الانساني على الحدود السورية -التركية .
هناك "أسلوب التذاكي " أو لنقول خداع تمارسه حكومة عبدالله النسور ، أن معلوم أن الجنرال حسين المجالي وزير الداخلية الذي أمضى أكثر من 3 أعوام مديرا للامن العام ، يجهل في أدارة الازمات السياسية و الامنية ، و أن أمضى هذا الردح من الزمان في المؤسسات العسكرية و الامنية ، وأن تحوله من الامن الى السياسة بوتيرة سريعة يبقى السؤال مفتوحا ومشروعا من المزيد من الاحتقانات الداخلية بين الفرقاء السياسيين ، و يزيد من أحتمال وقوع أخطاء جسيمة في أدارة أزمات الاحتجاج الشعبي .
ولهذه الاسباب ، فانه من المتوقع أن تشهد البلاد مزيدا من التأزيم و الانفلات و الانجرار وراء الفوضى ، و أن بقى الرئيس النسور ملازما برنامج رفع أسعار الكهرباء و المحروقات ، فان أزمات ذات خلفيات سياسية و أجتماعية و الاقتصادية ستزيد من التوتر ، ويكون الاردنيون أمام سؤال كبير عندما يقترب من التداعي المملموس و المكشوف لاي تدخل أردني مباشر في الازمة السورية ؟
سوف يحصل ذلك ، في ظل أنطلاقة المرحلة الجديدة من الحرب العالمية ضد سوريا ، و التي ستكون الاردن عنوانها الافتتاحي ، حيث نجح المحور الامريكي -الاوروربي- الخليجي في التقدم خطوة نحو جر الاردن ، و أنقلابه على موقفه السياسي و الدبلوماسي من الازمة السورية ، تحت عنوان تحضيري لمعركة "دمشق الكبرى " لانتزاع سوريا من حكم بشار الاسد قطعة قطعة .
أن الازمة الاردنية نابعة ، في جانب منها ، من أنعدام الثقة بين الاطراف السياسة الاردنية على حدا سواء ، و تعرف الحكومة و كما قوى المعارضة " الاسلامية و الوطنية " أن لا ثقة متبادلة بينهم ، فما بالك بعموم الشعب الذي ينئن تحت وطأة الفقر و التهميش و الاقصاء ، الازمة السياسية في الاردن التي راوح عمرها عقد من الزمان أسقطت طبقة من الساسة ، ولو أن الاردن بالفعل بلادا ديمقراطيا لكانت محاسبة أهل السياسة قد فرضت محاكمات جماعية و أستقالات جماعية لجملة من السياسيين .
واضح أن أطرافا في الحكم و خارجه ، تريد الابقاء على الازمة السياسية في البلاد ، و أنها لا نتظر أبدالحل أو تسوية أو توافق وطني حول الاصلاح السياسي ، للخروج من عنق الزجاجة المنفجر ، ومن الواضح أكثر أن هناك قوى تحرض على توتير و تأزيم الشارع الاردني ، و لا يمكن فصل ما يجري في الداخل الاردني عن الاقليمي " السوري " وعن تداعيات تذويب الهوية الاردنية ، ومسخ الوطن و الدخول بترتيبات مباشرة للوطن البديل وتصفية خيار حق العودة .
الطبقة السياسية في الاردن برمتها بحاجة الى أعادة نفض ، وجب التذكير أن النظام مازال متورطا بأزمة التوريث في تداول السلطة وخلافة الابناء و للاباء و الاجداد ، أي أن لا تفاؤل بمستقبل النظام السياسي من صفات "الاخرق و الرضيع" ، و أنها أكثر من مؤامرة تستوطن في العقل الرسمي ، وأخر رسومها هو عبدالله النسور " نفاق سياسي تقليدي " لقلب معادلة الاصلاح و الحكم الرشيد و الديمقراطية الوطنية و العدالة الاجتماعية و التنمية ، و تكريس حكم الاقلية و الفئة و الطبقة في السلطة .
الشعب مشغول بما هو أهم ، هموم معيشية ثقيلة ، وخطر تدخل الاردن في الازمة السورية يقسم الاردنين عاموديا و أفقيا ، والبرلمان سيء الذكر يناضل نوابه لنيل حصتهم من التوزير ، هكذا يفسرون و يفهمون بتعاسة الاصلاح السياسي ، و هكذا يفسرون بجهل الحكومة البرلمانية ، و أن تفتقت عبقرية بعضهم في الردح ضد الحكومة و مخاصمتها ، فان حبلة السياسة في الاردن بانتظار مزيد من المخاطرات و المراهانات و الاستحقاقات المجهولة ...

