النسخة الكاملة
ارتفع سعر الفضة الفوري بأكثر من 50% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، ليصل إلى أعلى مستوى له في 14 عامًا متجاوزًا مستوى 44 دولار في 22 سبتمبر بعد أن تجاوز حاجز 40 دولار للأونصة في أوائل سبتمبر، ويشهد سعر الفضة ارتفاعًا ملحوظًا في ظل تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة وتصاعد الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، مدعومًا بأساسيات الطلب على المدى الطويل.
رفع بنك أوف أمريكا توقعاته لأسعار المعادن النفيسة، رافعًا توقعاته لسعر الذهب في عام 2026 إلى 5000 دولار بمتوسط سعر 4400 دولار، وللفضة إلى 65 دولار للأونصة بمتوسط سعر 56.25دولار، ويرى البنك خطرًا بتصحيح قريب المدى، لكنه لا يزال يتوقع مزيدًا من الارتفاع في كلا المعدنين العام المقبل.
ما العوامل المؤثرة على سعر الفضة؟
لفهم فرص تعليم التداول في الفضة فوق مستوي 65 دولار بشكل أفضل، من المهم دراسة الأسباب التى قد تؤدي إلي ارتفاعه إلي هذا المستوي أو تبعده عن ذلك.
الدولار الأمريكي القوي وتاثيره على رموز العملات الاخرى وتقلبات أسعار الفائدة التي يفرضها البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى من أهم العوامل التي ستستمر فى التأثير علي معدن الفضة، بالإضافة إلى الأزمات الجيوسياسية ومستويات العرض والطلب.
وعلى الرغم من اعتقاد البعض بضرورة كسر الروابط التى تربط بين الفضة والذهب، إلا أن الواقع أن أغلب العوامل نفسها التى تُشكل سعر الذهب تُحرك سعر الفضة أيضًا.
لذلك من الضروري دراسة محركات سعر الذهب عند فهم تحركات سعر الفضة، بالطبع الفضة هي الأكثر تقلبًا بين المعدنين النفيسين، ولكنها غالبًا ما تتداول بتناغم نسبي مع الذهب.
أولًا، من الضروري فهم أن ارتفاع أسعار الفائدة يكون سلبيًا بشكل عام على الذهب والفضة، بينما تميل أسعار الفائدة المنخفضة إلى الإيجابية، يعود ذلك إلى أنه عندما ترتفع أسعار الفائدة يتحول الطلب الاستثماري إلي الأصول التى يمكن أن تُدرّ فوائد.
فعلي سبيل المثال: خلال جائحة كوفيد 19 قام البنك الاحتباطي بخفض سعر الفائدة إلي الصفر من 1% - 1.25%، ومع ذلك، دفع ارتفاع التضخم الاحتياطى الفيدرالى والبنوك المركزية الأخري إلي رفع أسعار الفائدة، مما ترك أثر سلبيًا علي الذهب والفضة، وفي فبراير 2025 قام البنك الاحتياطي برفع الفائدة بنحو 25 نقطة أساس مسجلًا أصغر زيادة منذ مارس 2022، وصرّح رئيسه "جيروم باول" ببدء عملية انكماش التضخم، وواصل الاحتياطي الفيدرالي هذه الزيادات الطفيفة في أسعار الفائدة على مدار العام التالي، وكان آخرها فى يوليو 2023.
تلعب تحركات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة حاليًا دورًا رئيسيًا في زيادة سعر الفضة، ففي أوائل يوليو 2024 تزايدت توقعات تخفيض سعر الفائدة في الفترة المتبقية من 2024، عندها ارتفعت الفضة لاختبار أعلى مستوى لها في مايو منذ ما يقرب من 12 عامًا، وتجاوزت31 دولار في سبتمبر في الأيام التي سبقت الخفض المتوقع الأول لسعر الفائدة.
ومع حلول شهر سبتمبر من هذا العام، كان سعر الفضة يختبر أعلى مستوياته في 14 عامًا، حيث توقع مراقبو السوق أول تخفيضات في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي منذ تعليقه لتحركات أسعار الفائدة في نوفمبر 2024، وقد اختار الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة في الاجتماع، وارتفعت أسعار الفضة والذهب بشكل أكبر في الأسبوع الذي تلا القرار.
وعلى الرغم من أهمية سياسات البنوك المركزية بالنسبة للذهب والفضة أيضًا، إلا أن التوترات الجيوسياسي كانت عاملًا رئيسيًا آخر في ارتفاع الأسعار في لفترة الأخيرة، فقد شهدت السنوات القليلة الماضية أحداثًا جيوسياسية كبرى مثل التوترات بين الولايات المتحدة والعديد من دول العالم مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران، كما أن التبعات الاقتصادية الهائلة لجائحة كوفيد 19والأزمة المصرفية فى بداية عام 2023 وحرب روسيا المستمرة مع أوكرانيا والتوترات المتزايدة فى منطقة الشرق الأوسط، كانت كلها أسباب تدعو المستثمرين للقلق.
كما هزت رسوم ترامب الجمركية أسواق الأسهم وزادت من مستوى عدم اليقين الاقتصادي السائد في عام 2025، وقد ثبت أن هذا كان له أثر إيجابي على أسعار الذهب، مما ساهم في انتعاش الفضة.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الجانب الصناعي للفضة، ففي ظل الظروف الحالية، يضعف دور الفضة الصناعي على المدى القصير، لكن على المدى الطويل، لا تزال هناك احتمالات لتحقيق مكاسب أكبر.
سيكون ارتفاع الطلب الصناعي من قبل القطاعات الناشئة، نتيجةً لعوامل مثل التحول إلي الطاقة المتجددة وانتعاش تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، داعمًا قويًا للمعدن خلال السنوات القليلة المقبلة، وتُعد الألواح الشمسية قطاعًا مثيرًا للاهتمام، حيث اكتشف المنتجون أن زيادة محتوي الفضة يرفع من كفاءة الطاقة، فعلي سبيل المثال: اتخذ رئيس الوزراء الهندي قرارًا سياسيًا قبل عام لتنمية صناعة الطاقة الشمسية، لذا، في الهند يُستخدم حوالي 10%فقط من طلبهم على الفضة للأغراض الصناعية، أما في الصين، فتبلغ النسبة90% لذا ما ستشهده الهند هو نموًا هائلًا في إنتاج الألواح الشمسية.
