شهدت المكتبة الوطنية، أحد أكبر فعالياتها الثقافية الوطنية حضورًا وتفاعلًا، باستضافتها حفل إشهار كتابَي الباحث الرصين الدكتور حسين سالم السرحان، «المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة» و «سيكولوجية الجماهير في الإعلام الرقمي».
تحدثت المحامية وفاء بني مصطفى وزيرة التنمية الاجتماعية، حديثَ اختصاص عميقًا عن الكتاب الأول.
وتناولتُ في مداخلتي الكتابَ الثاني الذي جاء استجابةً لما يعتري المشهد الإعلامي والثقافي من تداخلات وتحولات، على مستوى وطننا، وعلى امتداد العالم العربي والدولي.
استعرض الدكتور السرحان، التحولات التي مسّت طبيعة التجمّع البشري، من فضاءات الواقع إلى ساحات الإنترنت، حيث أصبح التفاعل أكثر سيولة، والتأثير أكثر نفاذًا.
كما تناول البيئة الرقمية المتغيرة، موضحًا كيف أن هذه البيئة ليست محايدة، بل تصوغ وعينا وسلوكنا عبر تقنيات وتطبيقات وخوارزميات، لها حضورها العميق في تشكيل الإدراك العام.
وبيّن المؤلف حالات تقلب السلوك الجماهيري في الفضاء الافتراضي بين الانفعال اللحظي، والاندماج في الظواهر الرقمية العابرة، وبين التأثر بالنماذج التي تصنعها القوى المهيمنة على هذا الفضاء.
وحين سلط الدكتور حسين السرحان الضوء على أدوات السيطرة الرقمية، من دعاية، وتضليل منهجي، وهندسة للرأي العام، أظهر كيف أن الإعلام الجديد أصبح فاعلًا في توجيه المواقف وصناعة الاتجاهات، كاشفًا خطورة أدوات الاستهداف السلوكي، وغرف الصدى، والتلاعب النفسي، في تعميق الانعزال الفكري، وتفتيت الإدراك الجماعي، في ظل تحكم آليات خفية تخلق بيئات رقمية مغلقة، مبينًا أن الجماهير الرقمية باتت قوة ضاغطة ومؤثرة في إعادة تشكيل الخطاب العام.
لم يقف الصديق السرحان عند التشخيص بل بين ماهية أدوات بناء وعي نقدي، يواجه التحديات القادمة، ويستعيد للإنسان وعيه ومكانته، في بيئة باتت المعلومات فيها سلاحًا، والتوجيه خفيًا، والمستقبل مرهونًا بقدرتنا على الفهم والمساءلة.
هذا الكتاب النفيس، دعوة واعية لإعادة التفكير في علاقتنا بالإعلام الرقمي، وإعادة بناء وعينا على ما يحيطنا، يسدّ فجوة بحثية في أدبيات الإعلام الرقمي العربي.
هذا الكتاب، والكتاب الذي تناولته وزيرتُنا المثقفة، كتابا تنوير وتحذير، يسهمان في حراسة الوعي، ويشاركان في معركة الأمن الوطني الأردني، الإعلامي والاجتماعي والسياسي.