جفرا نيوز -
محمود كريشان
بعد النجاح الكبير والمتواصل الذي يحققه متحف آرمات عمان، ذلك بعد مرور خمس سنوات على تأسيسه عام 2020 تم مؤخرا الإنتهاء من إستحداث متحف فرعي جديد في ذات البناية التي تحتضن المتحف، وبمحاذاة مقهى السنترال تماما وهو بمثابة "كنز" معرفي وذاكرة وثائق تاريخية ومجلات قديمة نادرة تعتبر "كنـوز ثمينة" بالإضافة الى أرشيفات الصحف الأردنية والمصرية والعربية، ما جعل خبراء يعدّونها مرجعاً مهماً للإعلاميين والباحثين.
المتحف الجديد الذي أقيم مكان "الهلتون" بذات العمارة التي تحتضن متحف الآرمات، ويضم عدد كبير من الصحف الورقية والمجلات النادرة والتي يعود تاريخ بعضها الى حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، والتي كانت مانشيتاتها الفاقعة بالبونط العريض، لأحداث ساخنة جدا معظمها يتعلق بالقضية الفلسطينية، والقضايا المحلية الأردنية والعربية، كذلك تتزين جنبات المتحف الجديد بأفيشات الأفلام المصرية ونحو 200 بوستر من العصر الذهبى للسينما فى هذا المتحف النادر عندما كان لمصر أكبر صناعة سينمائية في الشرق الأوسط بل وكانت تسمى "هوليوود الشرق" وتناولت كل الأشكال السينمائية لتكون أرشيف فني يحتضنها المتحف في قلب العاصمة الأردنية عمان.
في أروقة المتحف الجديد ايضا مقتنيات فنية وإعلامية وتلفزيونية نادرة على عتقها بالإضافة لإيجاد مساحات بصرية بالغة الروعة ومنصة صخرية محفورة في جدران المتحف وتم تخصيصها للتصوير ومنح الزوار فرصة لتوثيق زيارتهم للمتحف من خلال إلتقاط الصور، كما يحتوي على صناديق معدنية قديمة للصحف الأردنية كان يتم وضع الصحف الورقية فيها، وتعلق على مداخل منازل ومتاجر المشتركين، في ساعات الصباح الأولى من كل يوم.
مؤسس المتحف الجديد وصاحب الفكرة الرائعة، هو نفسه مؤسس متحف آرمات عمان ومجمع شارع الملك حسين الثقافي الفنان غازي خطاب، الذي بدأ الاهتمام بالأرشيف الصحفى لديه من فترة بعيدة منذ الطفولة، وتشده أي ورقة صحيفة قديمة ويحتفظ بها، رغم انه لم يكن متاحا وقتها العثور على الصحف والمجلات القديمة إلا بصعوبة وبكميات لا تذكر، لكن مع مرور الأيام تمكن من إقتناء أرشيف صحفى كبير، لتكون اليوم هذه المساحة مخصصة لأرشيف الثقافة والفن، لكل ما جرى في أزمنة سابقة من أحداث مهمة، بالاضافة لشغف خطاب بالسينما منذ بواكير صباه إهتم بجمع الأفيش، أو الملصق، وهو أحد أهم هذه العناصر المهمة في السينما حيث أصبح الأفيش بعد الإعتماد على الرسم باليد في تصميمه، أكثر قدرةً على جذب المشاهد والتعبير عن مضمون الفيلم ورسالته.
اذا.. أرشيف الصحف والمجلات النادرة هو اليوم مبادرة فريدة من نوعها تسهل الوصول الفوري، و"من دون اي مقابل"، إلى محتوى ما لا يقل عن 300 صحيفة ومجلة أدبية وفكرية وسياسية صادرة في أكثر من بلد عربي منذ بدايات حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، رغم ان تجميع وإتمام أعداد تلك المجلات والصحف، لم يكن بالمهمة السهلة، بل كان نتيجة عملا جادا وسعياً لا يسأم، إستمر لسنوات عديدة، تمكن فيها الفنان غازي خطاب تجميع الأعداد بطرق مختلفة بجهد ذاتي ومكتبات شخصية في أكثر الأحيان، لتكون أرشيفات المطبوعات القديمة العريقة في المتحف، مرجعاً حيوياً وضرورياً للإعلاميين والباحثين وبـ"المجان".
وهكذا يصبح المتحف الجديد مصدرا لا غنى عنه لقصص ومواضيع صحافية تعمل على ربط الماضي بالحاضر، أو تحاول إستعادة لحظات تاريخية، أو تروي وتوثّق سيراً ذاتية لشخصيات عامة أو رموز سياسية وفنية وثقافية، ولتكون الأرشيفيات الورقية مصادر معلومات أساسية للباحثين وطلاب الدراسات العليا ومراجع رئيسية في أبحاثهم العلمية، وهذا مع أن ثمة إختلافات يشهدها القطاع الإعلامي اليوم مع ظهور الإنترنت، إذ أتاحت الشبكة العنكبوتية الوصول إلى المعلومات الأرشيفية والتاريخية بسرعة ويسر، ولكن في الوقت عينه، كان ثمن السرعة واليسر في إستثمار الإنترنت باهظاً في عدة حالات على صعيد الصدقية، إذ يحمل البحر المتلاطم من المواقع الإلكترونية، عبر الإنترنت، كثيراً من المعلومات الزائفة والمضللة، ما يفرض على الإعلاميين والباحثين - على حد سواء - مزيداً من التدقيق والتقصّي قبل إعتمادها في أعمالهم، ليظل الأرشيف الصحفي الورقي الوثيقة الأهم.
والجدير ذكره هنا.. ان المتحف الجديد هو جزء جديد من متحف آرمات عمان الذي أسسه الخطّاط والفنان غازي خطّاب، بالتعاون مع الشركة الهندسية لصناعة الإعلان "خطاب" ويقع المتحف في شارع الملك حسين مقابل مطعم جبري وسط البلد، ويفتح أبوابه من العاشرة صباحا وحتى الخامسة مساء.. والدخول إليه في جميع الأوقات "مجانا".