يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل ( وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل)، وقيل في المثل الشهير «العدل أساس الحكم»، في حين اعتبرت المدرسة العالمية في الإدارة أن «العدالة» من أهم مبادئ العمل الإداري، بينما ربطت المدرسة السلوكية. النجاح بالتوازن والتبادل العادل بين الفرد ومؤسسته
يعتقد البعض أن تحقيق العدالة في بيئة العمل ليس بالأمر السهل وخاصة في موضوع تمكين الموظفين وتحقيق الاسقرار والأمان الوظيفي لهم، الحديث عن العدالة لا يقتصر على الترقية بل يشمل جوانب كثيرة منها تطبيق معايير واضحة في موضوع الرواتب والمكافآت والحوافز وساعات العمل وتحديد مواقع العمل أو المكاتب وتوفير الاحتياجات المكتبية والخدمات والمميزات مثل السكن والتأمين الصحي، والعدالة في فرص التدريب والإثراء الوظيفي وفرص المشاركة، العدالة في تقدير الإنجازات والتميز وفق معايير التقييم المعتمدة، كما تشمل العدالة توحيد أساسيات مواصفات وخدمات بيئة العمل بين جميع الإدارات داخل المؤسسة وتطبيق مبادئ العدالة الإجرائية القائمة على الإنصاف في العمليات التي تُحل النزاعات أو تُخصص الموارد. وفي مكان العمل و ضمان التطبيق العادل للسياسات على جميع الموظفين. بحيث تطبق على المساواة وتكافؤ الفرص.
والتفاوت في هذه الأسس والمعايير يؤدي الى غياب حوكمة العمل وغياب مؤسسة العمل والاستقرار والأمان الوظيفي وأسس المساواة والانصاف وربما يكون دافعا لتغليب المصالح الشخصية والمحاباة على حساب حقوق الموظفين، والاضرار بالصورة العامة للمؤسسة ويؤثر على سمعتها والتأثير على تصنيفها وفق مؤشرات التقييم والقياس الإدارية ومن دون ادنى شك يؤثر على مستوى التصنيف الإداري للمؤسسات الدولة في مؤشرات القياس المعتمدة دولياً والتي من أهمها، مؤشر مدركات الفساد الذي يعتمد في منهجيته على مجموعة من المواضيع مثل القدرة على الحد من الاستغلال الوظيفي، وتفعيل آليات المساءلة، والقدرة على الرصد لكيفية استخدام الأموال العامة والحد من اختلاس المال العام واستغلال المسؤولين لمناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية، وقدرة الحكومة على الحد من الفساد والاجراءات الروتينية والبيروقراطية التي تساهم في زيادة فرص ظهور الفساد، والمحسوبيات والمحاباة في التعيين بالوظائف والمناصب.
من منظور حقوق الانسان العدالة الإدارية وحقوق الإنسان وجهان لعملة واحدة، يسعى كلاهما إلى تحقيق مبادئ أساسية مثل المساواة والإنصاف والمساءلة. فالعدالة الإدارية، من خلال القضاء الإداري، تضمن تطبيق القانون على الإدارة وحماية حقوق الأفراد من تعسف السلطة الإدارية للمسؤول وكذلك السلطة التقديرية له، بينما مبادئ حقوق الإنسان تؤكد على حماية وتعزيز حقوق أساسية لكل فرد عامل وتضمن عدم انتهاكها بما في ذلك الإدارة.
العدالة في بيئة العمل تعني ضمان معاملة جميع الموظفين بإنصاف وتكافؤ، وتوفير فرص متساوية لهم، مع مراعاة احتياجاتهم الفردية، وتوفير بيئة عمل صحية ومستدامة. تتجلى العدالة في بيئة العمل من خلال توزيع المهام والموارد بشكل عادل، وتطبيق القوانين والسياسات بشكل منصف، وتقديم ملاحظات بناءة، وتوفير فرص تطوير مهني متساوية للجميع، بالإضافة إلى التواصل الشفاف والصادق بين الإدارة والموظفين ومن هذا المنطلق يجب أن يكون التقدير جزءًا من استراتيجية المساواة في مكان العمل لا يقتصر التقدير على من يترقى، بل يجب ان يشمل من يقوم بعمله، ويتجاوز التحديات والعقبات الإدارية . والتقدير له دور كبير في ذلك. عندما يُنفَّذ التقدير على أكمل وجه، يُظهر أثره جليًا لكل من يُساهم بفاعلية. فهو يُسهم في تكافؤ الفرص، ويُرسِّخ فكرة انتماء الجميع تجاه مؤسسته وبما يعود بالخير على الوطن والمواطن.