النسخة الكاملة

من السويداء إلى السويد!

الأحد-2025-07-20 10:47 am
جفرا نيوز -
بشار جرار

ما لنا للسويداء غير الدعاء، دعاء ورجاء بأن تكون الكلمة العليا للمحبة والحكمة فلا يسود منطق القوة، بل قوة المنطق.

ألوذ بقلمي بعيدا إلى السويد. المملكة الصديقة وأهلها الطيبين الذين فتحوا قلوبهم قبل أذرعهم لمن لاذوا بهم من ضحايا الحروب والإرهاب والقمع والفساد من شتى بقاع العالم، ولنا في ذلك نصيب الأسد كمشرقيين أو كأبناء الشرق الأوسط، أو الأدنى كما كان، أو الموسّع كما أراده صناع السياسات العليا على مستوى المعمورة!

تميز أصدقاؤنا في مملكة السويد بصنع السلام والإلكترونيات أيضا. وتقدمت مملكة السلام هناك في البرمجيات، وأهمها تطبيقات ما يضمن تحقيق العدالة الاقتصادية-الاجتماعية، فهي كانت وستبقى ركيزة الاستقرار الأمني والسياسي.

ليس هروبا من الجوار وقواعد الاشتباك مع من يجدي معهم الحوار، بل نأيا بالذات بالقلم الذي إن اقتضت الحاجة، يعاد إلى غمده، أو لتتكسر الأقلام كلها، إن كانت تحركها سيوف العدوان وخناجر الغدر وأكثره قسوة ذلك الآتي من قريب أو من مأمن. بعض الأقلام تقطر سما زعافا لا تخلفه في الجراح والجروح أنصال البواتر.

من الحكمة والعقل الابتعاد عن ساحات الهرج والمرج، ووقائع الوغى وأحداث الفتن، الابتعاد عنها على نحو آمن، إلى نماذج رفعت مشاعل الكرامة الإنسانية والأمن والأمان والكفاية والعدل -لا على الطريقة الناصرية- بل رفاها وازدهارا على ما حققته الممالك العربية والأوروبية من تقدم حضاري حقيقي حفظ كرامات الناس وأعراضهم قبل أرزاقهم وحرياتهم.

تشير أزمات الحاضر أحيانا إلى أخطاء الماضي وخطاياه. من السهل والممتع -على نحو مَرَضِيٍّ لدى البعض- الخوض فيما كان وما يجب أن يكون! لكن من المفيد الاستفادة من تجارب القريب والبعيد، لماذا كان النجاح هنا والفشل هناك؟ أهو العقد الاجتماعي، فلسفة الحكم ونظامه، الموقع الاستراتيجي، ما على الأرض من موارد بشرية وطبيعية وما تحتها وفوقها من خيرات؟ هو قطعا كل هذا، حصيلة لا جمعا..

 الأمن والأمان رزق في المقام الأول. هو مكرمة ربّانية لا ريب فيها في نظر المؤمنين كافة، من جميع الملل والنحل، لكنه أيضا خيار وقرار بالنسبة لل «مؤمن القوي»، لل «الكَيِّس الفَطِن»، للمحبّ الخيّر الذي يسلم «الناس» من يده ولسانه.

«فاقد الشيء لا يعطيه». لا يمكن أن يبني أي شخص أو جهة خيرا ويصنع أمنا بوسائل لا تكون متّسقة مع الغايات. ليس صحيحا ما زعمه ميكيافييلي، الغاية لن تبرر أبدا الوسيلة.. للحكم الراشد الرشيد أمارات قبل أن يكون لها أمير ووزير. وما حققته النظم الملكية في مشرقنا العظيم ما زالت الأيام تثبت أنه خير، لأنه خير ما مثّل قيمنا الإنسانية والروحية والاجتماعية السوية.

لدي معارف من أبناء سورية والسويداء وعرب الجبل ودرعا وحوران والبادية السورية ومحافظات أخرى يعيشون بمحبة وسلام في الأردن والسويد وأمريكا. لم أسمع منهم، ومن مهاجرين ولاجئين من دول عربية أخرى اكتوت بنيران الحروب والفتن إلا أسفا على غياب الأمن باسم الحرية وضياع الأمان باسم الديموقراطية في الدول التي ابتليت ب «الربيع العربي» المشؤوم. صحيح لغياب العدالة والديموقراطية نتائج كارثية، لكنها لا تقاس في جهنم التي يحدثها غياب السلطة، مركزية كانت أم لا مركزية، علمانية مدنية كانت أم غير ذلك.

الصادم أن بعض المشتبكين مع الداخل من الخارج يسعّرون نارا هم في منأى عن لهيبها أو هكذا يتوهّمون. ماذا لو دفع كثير من الدول المضيفة -بضغط انتخابي من اليمين الصاعد بشكل صاروخي- بكل من بلغها طلبا الأمن والرزق على نحو شرعي أو غير شرعي؟ ماذا لو دفعوا بهم فرادا وزرافات إلى أتون تلك المعركة التي يصر البعض -بغباء منقطع النظير- على تأجيجها؟

الله نسأل أن يتقي الناس وخاصة أصحاب الأقلام والمنصات والشاشات أن يتقوا الرحمن الرحيم الحكيم الحليم فيما يقولون ويكتبون، فوالله إننا نُسأل عن كل حرف، سيما أولئك الذين «يعبدون الله على حرف»، وينتمون للأوطان على حرف. الخير خير. والشر شر. ومن لا يقوى على القول الحق، الحق كله، الصمت له أسلم!

«سَكِّنْ تَسْلَمْ» كما يرى فريق من المذيعين! وعاشت السويد الصديقة وسوريا/سورية الشقيقة وسائر بلاد الدنيا بمحبة وسلام..

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير