الأردن اليوم احد أبرز الوجهات الدينية للمسيحيين حول العالم بل لعله يعتلي المراتب الخمسة الاولى عالمياً نظرًا لما يحتويه من مواقع مقدسة بالنسبة لمسيحيي العالم. موقع المغطس حيث تعمّد السيد المسيح تمثل زيارته حلماً لملايين المسيحيين حول العالم وهو الذي يحظى باعتراف الفاتيكان واليونسكو كموقع تراث عالمي واحترام دولي كبير اما جبل نيبو الذي يُعتقد أن النبي موسى وقف عليه ليرى أرض الميعاد وكنيسة الخارطة في مادبا التي تحتوي على أقدم خريطة فسيفسائية للأراضي المقدسة وقلعة مكاور التي ارتبطت بقصة يوحنا المعمدان وأم الرصاص التي تحتضن كنائس بيزنطية وآثارًا مسيحية فريدة.. كلها مواقع تشكل غاية وحلم الملايين .
ان نجاح الحج المسيحي إلى الأردن يعتمد بالضرورة على توفر بنية تحتية متكاملة تشمل شبكة طرق حديثة وفنادق قريبة من المواقع المقدسة ومراكز زوار تقدم خدمات توجيهية وإرشادية إضافة إلى توفر وسائل نقل مريحة وخدمات لوجستية متخصصة بالأدلاء السياحيين المؤهلين من الناحية الدينية والثقافية وكذلك تأمين التسهيلات اللازمة للتأشيرات ومراكز صحية طارئة لضمان سلامة الحجاج طوال مسارهم
ومن أجل تعزيز استقطاب الحج المسيحي يعمل الأردن على عدة محاور تبدأ بالتعاون المباشر مع الفاتيكان والكنائس العالمية من خلال اتفاقيات ومذكرات تفاهم رسمية مثل الاتفاق مع الكرسي الرسولي عام 1994 كما أن الزيارات البابوية المتعاقبة إلى الأردن كان لها أثر كبير في ترسيخ صورته كأرض مقدسة للحج المسيحي فضلاً عن التعاون مع المجالس الكنسية والمؤسسات الدينية لتنظيم رحلات دورية للحجاج المسيحيين.
يتطلب هذا النوع من الحج أدوات ترويجية متقدمة عبر أدوات رقمية حديثة تشمل منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التفاعلية والترويج من خلال الفيديوهات والتجارب الافتراضية بالإضافة إلى الإعلانات الرقمية الموجهة بلغات دول العالم وتعاون مؤثرين متخصصين في السياحة الدينية لعرض المواقع المقدسة الأردنية على نطاق واسع.
في دول مثل إيطاليا وإسبانيا والبرتغال والولايات المتحدة وكندا والبرازيل والمكسيك وبولندا واليونان والفلبين .. تلقى السياحة المسيحية لمواقع في العالم اهتماماً متزايدًا ، الأمر الذي سيدفعنا لاستقطاب حجاجها من خلال شراكات مع شركات الطيران مثل الملكية الأردنية التي تسير رحلات مباشرة بالإضافة إلى رحلات طيران عارض خاصة بالمجموعات السياحية الدينية.
ان الحج المسيحي إلى الأردن فرصة استثنائية لتقديم الرسالة الروحية وعكسها في الصورة المسيحية عموما بما لذلك من مردود اقتصادي كبير، علينا ان نتبنى نموذجاً في الانفتاح الديني والتسويق الذكي يؤكد أن الأردن قادر على أن يكون مركزًا عالميًا للسياحة الدينية من خلال مقوماته التاريخية وبنيته التحتية ورؤيته المنفتحة على العالم.
ولعل الاهتمام والرعاية المباشرة من لدن جلالة الملك عبد الله الثاني في دعم تطوير المناطق المحيطة بالمغطس يمثل درساً للجميع للارتقاء بمواقعنا الدينية المسيحية لمخاطبة العالم وتقديم الأردن كما هو واحة للتسامح والعيش المشترك وكنزاً حضارياً وثقافياً ودينياً فريداً في العالم .