“منع تسييس النقابات: ضرورة وطنية لحماية الدولة من عدوى الأيديولوجيا العمياء”
الأربعاء-2025-07-16 12:03 am
جفرا نيوز -
الدكتور عادل محمد الوهادنة
في هذا المفصل التاريخي الدقيق، نؤكد – من منطلق وطني لا حياد فيه – أننا نصدق الدولة ونؤمن بأن بوصلتها هي الأصح والأقدر على قيادة السفينة في محيط إقليمي يعج بالفوضى والارتجال.
ومع تصاعد ما رشح من ممارسات حزب أيديولوجي واضح التوجهات، بات من الجلي أن الفكر المؤطر أيديولوجيًا لا يمكن أن يعمل بمعزل عن مشروع أوسع، يرى في مؤسسات الدولة مجرد أدوات لتغذية مشروعه، ويجعل من الخلاف مع منهج الدولة مبررًا للتصعيد والتوتر، بل وربما مدخلًا لزعزعة الاستقرار الداخلي.
إن عودة الدولة لفرض قوننة واضحة ورشيدة لمنع النقابات من تعاطي العمل السياسي بأي شكل لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت ضرورة أمنية واستراتيجية، خاصة بعد أن تبيّن أن بعض الكوادر الحزبية تعتبر نفسها امتدادًا طبيعيًا لمشروع عابر للحدود، لا يعترف بسيادة القانون ولا يعير اعتبارًا لأولوية المنهجية الوطنية.
فالواقع يؤكد أن منع المفاسد أَولى من جلب المنافع، وأن حماية المسار العام ومؤسساته من التوظيف الحزبي الضيق يجب أن تكون مهمة عاجلة لا تقبل التأجيل. ومن هذا المنطلق، فإن الدولة، بما تملكه من أدوات شرعية وخبرة تراكمية، يجب أن تكون هي المنهج والأساس والعقيدة السياسية التي تُورث للأجيال القادمة، وتُدرّس في المناهج التعليمية دون تردد.
كما أن الدور المُلقى على عاتق إعلامنا الوطني، وسفاراتنا في الخارج، يجب أن يتعزز في هذا السياق؛ من خلال توعية الأردنيين المغتربين بمخاطر الصورة المصنوعة والمصابيح الزائفة التي توهم بالبريق، لكنها أولى خطوات العمى والانقياد خلف مشاريع لا تُبنى على مصلحة الوطن، بل على تغييب وعيه وتشويش بوصلة شبابه.
إننا بحاجة إلى قرار شجاع، لا يتعامل مع المؤشرات الحالية كتحذيرات عابرة، بل كدلالات مؤكدة بأننا أمام تحدٍ يتطلب وضوحًا في الموقف، وحزمًا في التطبيق، وإرادة لا تتزحزح في حماية الدولة من أي توغل أيديولوجي يلبس لبوس النقابات أو الجمعيات أو أي مظلة مهنية لا يُفترض أن تكون منصة حزبية.