ترسخ مسرحية ذاكرة عميقة للمخرجة سوسن دروزة قدرتها على تسخير المسرح لتوثيق مايحدث في غزة، والذي وثقته من خلال سرد مونودرامي قامت به شخصية فرح والتي جسدتها الفنانة تهاني سليم.
رغم ان العالم يرى ويسمع من القنوات التلفزيونية مايحدث في غزة ولكن يبقى للمسرح رؤية آخرى للأحداث الجارية وهذا ماقامت عليه مسرحية ذاكرة عميقة للمخرجة سوسن دروزة، والتي أرادت من خلال مسرح التوثيق، إدخال الجمهور إلى الأحداث نفسه من خلال تسخير التقنيات البصرية ودمجها مع الممثل لإيصال الصورة بشكل واقعي درامي تراجيدي وإدخال الجمهور في حالة من الإندماج ومعايشة الأحداث بطريقة اكثر واقعية.
تسرد فرح قصتها مع النزوح خلال الحرب الأخيرة على غزة وكيف هجرت منزلها من الشمال في أول أيام الحرب متوجهة إلى منزل جدتها، والتي كانت تصرخ في بداية العرض "اقرعوا طبول الحرب" مرتدية اللون الأحمر في إشارة إلى رمزية الدم في الحروب.
تمثل فرح والتي جسدتها الفنانة تهاني سليم، في سريتها فتيات غزة، حيث أبدعت سليم في إيصال تلك المشاعر العميقة للمرأة الغزاوية، وبالتعاون مع المؤثرات البصرية خاصة وان أحداث العمل والنص اخذ من قصة حقيقة بشكل كامل.
ورغم الألم لكن يبقى للمفارقات الساخرة دورًا حيث تروي فرح قصتها مع جارتها التي استهشدت خلال الحرب والتي كانت تحذرها من وضع زيت القلي على "المقلوبة" خوفًا من أمراض السمنة، والتي ضحكت ان الموت لن يطرق بابنا من زيت المقلوبة ولكن من رصاص العدو، وثق هذا المشهد قدرة أبناء غزة على السخرية من الموت الذي أصبح جزء من حياتهم وامر اعتيادي وليس "مفجع".
دمجت "السنوغرافيا" في بداية العرض اللون الأبيض مع الأحمر في إشارة إلى اختلاط الدم بالسلام، حيث يعود في ذاكرة الفلسطيني كيف نقض الصهاينة العهود ومواثيق السلام واصبحوا يشربون دم الفلسطيني كالنبيذ.
ويوثق العمل من خلال خلفية السنوغرافيا، كيف كان شعور الغزاوية اثناء اسقاط الصواريخ وقوتها في مواجهة الموت، والتي اعتبرت ان خيمة و"تنكة" لإشعال النار هي كنز وفرج من عند الله، موثقة في الوقت ذاته معاناة أبناء غزة مع انقطاع المياه خلال شهر رمضان وقدرتهن على الصبر في تحمل الاوجاع.
والعمل الذي يأتي ضمن مشروع المسرح كلمجأ وبالتعاون ما بين سوسن دروزة كمخرجة وتهاني سليم كممثلة وكاتبة للنص اعطى العمل واقعية اكبر خاصة وان الأولى قدمت تجربة سابقة في ما يسمى المسرح كملجأ، حيث تقول المخرجة دروزة، اننا نعمل على تجريد المسرح وتوثيق مايحدث حولنا، وبشكل حقيقي وتجريدي، ونحن جزء من توثيق العمل كتاريخ حقيقي يجب ان يرسخه المسرح.
وتكشف الفنانة تهاني سليم، ان فكرة جاءت من خلال صفحة على موقع التواصل الاجتماعي، تروي فيه فتاة غزاوية معاناته من النزوح، حيث تواصلت معها وكتبت النص، وتكمل قائلة، "ان الفنان المسرحي له دور هام وكبير في توثيق وترسيخ مايحدث حولنا وخاصة القضية الفلسطينية، حيث عملنا ورشة عمل كاملة، ونقدم أفكار جديدة غير الذي يقدم من خلال الإعلام، حيث تعاونت مع فريق مختص لرفع مستوى البصريات من الخبر إلى المسرح، حيث تم دمج الفيديوهات بطريقة سنيمائية.
وتهدف المسرحية إلى تقديم العمل في دول أوروبا، حيث ان الشارع الأوروبي لا يعرض له حقيقة مايحدث من صراع في الشرق الأوسط وهو مانهدف إليه ان نقدم للجمهور الحقيقية.
يشار ان الديكور والأزياء قامت به هالة شهاب، والاضاءة والأشراف التقني فراس أبو صباح من فلسطين، والمؤثرات والموسيقى لوسام قطاونة، ونفذ الديكور عبيدة سالم، وكان من الدعم التقني سيف الخلايلة وماهر جريان، وقام بالمؤثرات البصرية والفيديو "نيكول بيرماير"، واللوحات كانت من مجموعة الفنان خير الله سليم والتي حملت عنوان "نساء من غزة".