تمكن طيار ياباني واحد من تنفيذ هجوم انتحاري فريد استهدف حاملة الطائرات الأمريكية " إنتربرايز"، صباح يوم 14 مايو 1945 بالقرب من جزر "ريوكيو" اليابانية.
نفذ الهجوم طيار ياباني برتبة ملازم يدعى "شونسوكي تومياسو"، كان انطلق مع مجموعة جوية تتكون من 14 طائرة في محاولة لإلحاق أكبر قدر من الخسائر بالأسطول الأمريكي في الأشهر الأخيرة قبل نهاية الحرب العالمية الثانية.
كانت حاملة الطائرات الأمريكية "إنتربرايز" التي تعد من أبرز القطع البحرية الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، قد عادت لتوها من عملية إصلاح بعد أن تعرضت في وقت سابق لغارة انتحارية، وكانت مستعدة لمواجهة أي هجوم جوي. ومع ذلك ما حصل لاحقا كان مفاجأة لطاقمها.
الأسطول البحري الإمبراطوري الياباني كان لجأ إلى الهجمات الانتحارية "كاميكاز" والتي تعني "الرياح الإلهية"، كاستراتيجية أخيرة بعد أن لحقت به سلسلة من الهزائم وفقد معظم حاملات طائراته وطائرات أسطوله الجوي في المعارك حول مياه الفلبين عام 1944.
كان هدف قادة الأسطول البحري الياباني في تلك الفترة إلحاق أكبر قدر من الضرر بالأسطول الأمريكي ومحاولة منعه من الاقتراب وغزو الجزر اليابانية من خلال تحويل ما تبقى من طائراته الحربية إلى "قنابل بشرية".
كان الطيار الياباني " شونسوكي تومياسو" وكان عمره 22 عاما في سرب يتكون من 14 طائرة مقاتلة من طراز "إي 6 إم 5"، المعروفة باسم "زيرو"، في مهمة لا عودة منها. اقترب السرب من الهدف في الصباح الباكر، إلا أن المدفعية الأمريكية المضادة تمكنت من إسقاط الطائرات الانتحارية اليابانية، ولم تفلت إلا طائرة واحدة.
الملازم شونسوكي تومياسو تمكن من قيادة طائرته المحملة بقنبالة تزن 250 كيلو غراما بمهارة عالية، واقترب متواريا خلف السحب، ثم جعل طائرته تسقط من الأعلى نحو حاملة الطائرات الأمريكية التي حاولت تغيير اتجاهها بشكل حاد نحو اليسار.
ظن البحارة الأمريكيون أن الكاميكاز الياباني سيخطئ الهدف ويسقط في البحر بالقرب من حاملة الطائرات، لأن طائرته كانت تهوي بزاوية غوص خاطئة، إلا أن الطيار الياباني سارع أثناء سقوطه إلى تغيير الاتجاه والقيام بمناورة مفاجئة غير فيها زاوية الغوص 45 درجة، وواصل سقوطه إلى أن اصطدمت طائرته بسطح حاملة الطائرات الأمريكية في منطقة الإقلاع والهبوط.
قتل خلال الهجوم الانتحاري 14 بحارا أمريكيا وأصيب 68 آخرين، كما نجم عن الاصطدام انفجار كبير وحريق هائل، وتشكلت على سطح حاملة الطائرات حفرة بقياس 3.6 × 20 مترا، ما عطل تماما أي إمكانية لإقلاع الطائرات من الحاملة، كما تسببت الحرائق في تدمير عدد من مولدات الكهرباء وشل الأسلحة المضادة للطائرات تماما، كما تضررت بشدة البنية التحتية.
حاملة الطائرات الامريكية " إنتربرايز" بقيت عائمة ولم تغرق. بعد هذا الهجوم أجريت عليها العديد من الإصلاحات لكنها لم تشارك في الحرب مرة أخرى. عملية الإصلاح لم تنجح، وأخرجت من الخدمة في البحرية الأمريكية عام 1947.
أما شونسوكي تومياسو فقد عثر على جثته بين الحطام في مقدمة حاملة الطائرات الأمريكية مع محرك طائرته. لاحقا جمع البحارة من أفراد طاقم الحاملة أجزاء من بقايا المروحة وهيكل طائرة "الزيرو" واحتفظوا بها للذكرى.
هذا الهجوم الانتحاري الجوي الفريد من نوعه جرى خلال معارك " أوكيناوا"، حين كثفت اليابان من هجمات طياريها الانتحاريين اليائسة لإعاقة الأمريكيين ومحاولة منعهم من غزو جزرها.
شهر مايو عام 1945 وحده شهد 1900 غارة انتحارية يابانية، إلا أن ذلك لم يغير أي شيء في مصير "الإمبراطورية" حيث استسلمت اليابان بحلول أغسطس 1945 بعد أن أحرقت مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين نوويتين.