النسخة الكاملة

تطوير أداة قياس شاملة لتقييم قدرة النظام الصحي على التعافي

الثلاثاء-2025-05-13 10:47 am
جفرا نيوز -
د. عادل محمد الوهادنة

 المقدمة:

 تعتبر الأزمات الصحية غير المتوقعة من التحديات الكبرى التي تواجه الأنظمة الصحية في العالم. وفي الأردن، كما في كثير من الدول، يُشكل هذا التحدي حاجة ملحة لإعداد استجابة صحية مرنة وسريعة للتعامل مع الأزمات المستقبلية. في هذا السياق، نعرض في هذا المقال مؤشر المرونة الصحية الأردني، الذي يهدف إلى قياس قدرة النظام الصحي على التكيف مع الأزمات المفاجئة، مثل الأوبئة، النزاعات، أو الانقطاع المفاجئ للأدوية. بناء هذا المؤشر سيعتمد على إحصاءات دقيقة تمثل الواقع الأردني مع مقارنة بنظم صحية إقليمية ودولية.

يهدف هذا المقال إلى تقديم نموذج تنبؤي يساعد في تحديد النقاط الأكثر ضعفًا في النظام الصحي الأردني، ويساهم في تحسين استجابة النظام الصحي.

المرونة الصحية ستكون العامل الحاسم في ضمان استجابة سريعة وفعّالة، ما يتطلب استثمارًا في التكنولوجيا، تحسين التدريب الطبي، وتحقيق التنسيق الأمثل بين القطاعات.

ابتكار وتطوير مؤشر مرونة صحية أردني:

يعتبر قطاع الصحة من أكثر القطاعات تأثيرًا في حياة المواطنين، خاصة في الأوقات التي تتطلب استجابة سريعة للأزمات الصحية غير المتوقعة. بناء مؤشر مرونة صحية أردني يتضمن مجموعة من المؤشرات الحيوية التي تقيس قدرة النظام الصحي على التكيف الفوري مع الأزمات المفاجئة مثل الأوبئة، النزاعات، أو انقطاع الإمدادات الطبية.

يعتمد هذا المؤشر على مجموعة من المعايير الإحصائية الدقيقة التي تقيم سرعة الاستجابة للأزمات الصحية، قدرة النظام على التعافي السريع، وتوزيع الموارد الطبية. المؤشر يحدد المعوقات الرئيسية في النظام الصحي، مثل ضعف سلسلة الإمداد، نقص القوى البشرية المتخصصة، والتحديات في الحوكمة، مما يمكن من وضع استراتيجيات تحسينية للحد من تأثير الأزمات الصحية.

إحصائيًا، أظهرت التقارير أن الأردن قد شهد نقصًا بنسبة 15% في إمدادات الأدوية الأساسية خلال أزمة كوفيد-19، مقارنةً بنسبة 10% قياسا للمعدل العام، مما يكشف عن الحاجة الملحة لتطوير سلسلة إمداد أكثر مرونة.

كما أظهرت دراسة دولية أن 50% من الدول التي تعتمد على مؤشرات المرونة الصحية قد أظهرت قدرة أكبر على التكيف السريع مقارنة بتلك التي لا تعتمد على مثل هذه المؤشرات.

 تحليل الأداء الإقليمي ومقارنة المرونة الصحية في الأردن:

عند مقارنة أداء الأردن مع جيرانه في التعامل مع الأزمات الصحية، تظهر الفجوات في استجابة الأنظمة الصحية للأزمات الطارئة. على سبيل المثال، خلال جائحة كوفيد-19، أظهرت التقارير أن الأردن كان قادرًا على تسخير 75% من قدراته الصحية لاستيعاب الزيادة المفاجئة في عدد الحالات المصابة، في حين تمكنت بعض الدول المجاورة من استثمار 85% من قدراتها، وهو ما أدى إلى استجابة أسرع وأكثر كفاءة في تلك الدول.

أحد أبرز التحديات التي تواجه الأردن هو نقص تجهيزات الرعاية الصحية، حيث يظهر أن 22% من مستشفيات الأردن كانت تعاني من نقص في أسرة العناية المركزة خلال ذروة الأزمة، بينما في بعض الدول المجاورة، كانت النسبة أقل من 15%. وهذا يشير إلى أهمية تطوير بنية تحتية صحية مرنة، مع الاستثمار في التقنيات الصحية الحديثة والتدريب المستمر للكوادر الطبية في الأردن وهذا تم بشكل افضل ومتسارع بدعم كبير  من الديوان الملكي الهاشمي.

  دور التكنولوجيا في تعزيز المرونة الصحية:

تلعب التكنولوجيا الرقمية دورًا رئيسيًا في تعزيز قدرة الأنظمة الصحية على الاستجابة الفعالة للأزمات. تتيح التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة للأطباء والمستشفيات التنبؤ بالأزمات الصحية المستقبلية، وبالتالي تحسين استجابة النظام الصحي. في الأردن، استخدمت بعض المستشفيات الأردنية تقنيات الرعاية الصحية عن بُعد، حيث ارتفعت نسبة المرضى الذين استعملوا خدمات الرعاية الصحية عن بُعد بنسبة 30% خلال جائحة كوفيد-19، وهو ما أسهم في تقليل الضغط على العيادات الخارجية. ولكن إذا قورن ذلك قياسا للمعدل العام بنسبة 60% من الرعاية عن بُعد خلال نفس الفترة، فإن ذلك يُظهر الحاجة لتوسيع نطاق استخدام التكنولوجيا في الأردن.

تشير الدراسات إلى أن الأنظمة الصحية التي تطبق تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المرضى يمكنها تقليل نسبة الأخطاء الطبية بنحو 20%، مما يساهم في تحسين الأداء الصحي في أوقات الأزمات.

  تحسين سلسلة الإمداد الطبي وأثره على المرونة الصحية:

تلعب سلسلة الإمداد الطبي دورًا حيويًا في تحديد قدرة النظام الصحي على الاستجابة للأزمات. في الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن جائحة كوفيد-19، كان من الواضح أن الأردن واجه تحديات في توفير الإمدادات الطبية الأساسية، مثل الأدوية و معدات الوقاية الشخصية.

وفقًا لوزارة الصحة الأردنية، فإن 28% من الأدوية الأساسية كانت غير متوفرة خلال الأزمات الصحية الكبرى، مقارنةً بنسبة 14% قياسا للمعدل العام في تحسين سلاسل الإمداد.

يشير التحليل إلى أنه إذا تمكن الأردن من تطوير أنظمة لوجستية متكاملة لزيادة مرونة سلاسل الإمداد، فإن ذلك سيسهم في تحسين استجابته بشكل كبير في الأزمات المستقبلية والذي دفع الى بذل جهود كبيرة ساهمت بتجسير الفحوه.

  تأهيل وتدريب القوى البشرية الصحية:

يُعتبر تدريب القوى البشرية أحد العناصر الأساسية في تعزيز قدرة النظام الصحي على التعامل مع الأزمات. رغم أن الأردن قد قام بتدريب حوالي 25% من العاملين في القطاع الصحي على إدارة الأزمات الصحية، إلا أن هذه النسبة لا تزال أقل من المتوسط العالمي. وفقًا لدراسة أصدرتها منظمة الصحة العالمية، فإن الدول التي تُدرِّب 50% من العاملين في مجال الرعاية الصحية على مهارات إدارة الأزمات كانت أكثر قدرة على الاستجابة السريعة للأزمات الصحية. تحسين التدريب المستمر و تعزيز قدرات العاملين في القطاع الصحي يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية تطوير مرونة النظام الصحي الأردني.

  تحديد آلية قياس الاستجابة السريعة:

في تقييم مدى استجابة النظام الصحي الأردني للأزمات، تظهر الحاجة الملحة لتطوير آلية قياس دقيقة وفعّالة. خلال جائحة كوفيد-19، أظهرت وزارة الصحة الأردنية أن متوسط وقت الاستجابة للأزمات الصحية كان يتراوح بين 48 إلى 72 ساعة، مما يدل على أنه من الضروري تقليص هذا الزمن بشكل أكبر، خاصة قياسا للمعدل العام تستجيب في وقت أقل بكثير.

يعتمد هذا المؤشر على قياس سرعة نقل المرضى، توفير العلاجات الأساسية، وتوزيع الموارد الصحية على مستشفيات ومراكز صحية مختلفة. تشير البيانات إلى أنه من الممكن تقليص وقت الاستجابة في الأردن بنسبة تصل إلى 30% من خلال تحسين أنظمة النقل و توفير الموارد بشكل أفضل.

  نموذج تنبئي شامل للأزمات الصحية المستقبلية:

يعتمد النموذج التنبؤي على تحليل البيانات المتعلقة بالأزمات الصحية السابقة لتحديد أبرز العوامل المؤثرة في سرعة الاستجابة. من خلال هذا النموذج، يمكن التنبؤ بالأزمات المستقبلية وتقليص تأثيرها من خلال استراتيجيات استباقية. تشير الدراسات إلى أن استخدام هذه النماذج قد يُساهم في تقليص تأثير الأزمات الصحية بنسبة تصل إلى 25%.

من خلال النماذج التنبئية، يمكن للأردن أن يعزز من مؤشر مرونته الصحية، ما يوفر له القدرة على التخطيط الأمثل وتوجيه الموارد بذكاء لمواجهة الأزمات المستقبلية. كما يمكن لهذه النماذج أن تساعد في تخصيص الموارد بما يتناسب مع حجم الأزمة في المستقبل، مما يُحسن من استجابة النظام الصحي بشكل عام.

  الخاتمة التنفيذية:

نموذج مؤشر المرونة الصحية الأردني سيكون أساسًا لإعادة هيكلة النظام الصحي الأردني نحو التكيف السريع مع الأزمات الصحية المستقبلية. بتطوير هذا المؤشر، ستتمكن السلطات الصحية الأردنية من تحسين استجابتها للأزمات وتقليل آثارها السلبية على المواطنين. ومن خلال تعزيز سلسلة الإمداد، تطوير القوى البشرية، وتوسيع استخدام التكنولوجيا، سيستطيع الأردن مواجهة الأزمات الصحية القادمة بكفاءة أكبر.

  المراجع:

‏    1.World Health Organization (WHO). (2020). Health Systems and Policy.

‏    2.World Bank. (2022). Health System Financing and Sustainability.

‏    3.International Journal of Health Policy and Management. (2021). «Predictive Health Systems».

‏    4.OECD. (2021). «Resilience and Health Systems in Crisis».

‏    5.Health Affairs Journal. (2020). «The Role of

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير