بات مجلس الأمة العشرون على مشارف إنهاء الدورة العادية الأولى من عمره الذي يستمر دستوريا لمدة أربع دورات عادية، وفي ظل اقتراب انتهاء الدورة في الثامن عشر من الشهر الحالي ارتفعت التكهنات والتوقعات بعدم عقد دورة استثنائية لمجلس الأمة، ما يعني أن الدورة الثانية يمكن أن تنعقد في الأول من تشرين الأول المقبل، ويمكن بإرادة ملكية تأجيل انطلاقها حتى الأول من كانون الأول المقبل.
بطبيعة الحال فإن تصاعد التوقعات حول احتمال عدم دعوة المجلس لدورة استثنائية يبقى في إطار التكهنات والتوقعات، إذ يمكن عقد دورة استثنائية إذا استقر الرأي بين السلطتين (التشريعية والتنفيذية) حول ضرورتها في ظل ما تعج به الساحة من تحديات وتطورات قد تستدعي دعوة مجلس الأمة للانعقاد.
حسب الدستور، فإن الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة تعقد بإرادة ملكية أو بطلب من قبل الأغلبية النيابية، وتقتصر أعمالها على المواضيع الواردة في الإرادة الملكية، وعادة تخلو الاستثنائية من أي دور رقابي وتقتصر فقط على الدور التشريعي.
قبل الدخول في جدلية عقد استثنائية أو عدم عقدها فإنه يتوجب التأشير إلى أن عدم دعوة مجلس لدورة استثنائية لا يخالف الدستور، فالمجلس النيابي عمره 4 دورات عادية، ومدة الدورة 6 أشهر يمكن للمجلس من خلالها ممارسة دوره الرقابي والتشريعي كما يشاء، ويمكنه عقد جلسات رقابية كيفما يريد.
هناك من يعتقد أن ترك مجلس النواب لمدة تقترب من 6 أشهر (أي عدم دعوته لدورة استثنائية) قد تمكنه من ترتيب أوراقه من جديد، وتمتين كتله النيابية، وإعادة التموضع لتقديم دور رقابي وتشريعي أكثر قوة وفعالية، عن الدورة الحالية، سيما وأن المشهد السياسي يحتاج لسلطة تشريعية تأخذ دورها بالشكل الصحيح، وأولئك يرون ان تلك الفترة قد تكون مفيدة للمجلس الحالي والذي جاء وفق رؤية إصلاحية تحديثية يتوجب الحفاظ عليها، مفيدة في قراءة المشهد، والدفع بتقديم رؤية تشريعية اقوى واعمق، تتوافق مع حاجة الدولة لتفعيل دور مجلس النواب في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الحالية.
ويرون أن عدم انعقاد المجلس في فترة ما بعد الدورة العادية يعطي الحكومة فسحة للعمل، ويجعلها تعيد ترتيب أولوياتها السياسية، والإعداد لتحولات قادمة على مستوى الإدارة العامة أو حتى إجراء تعديل حكومي قد يكون موسعا، وهو ما يجعل غياب المجلس أداة لتقليل التوتر السياسي.
بالمقابل فإن هناك من يرى أهمية بالغة لعقد دورة استثنائية سيما وان المنطقة تعيش حالة ترقب سياسي إقليمي، ومعادلات مختلفة، تتطلب ان يكون المجلس حاضرا في حالة انعقاد، وأولئك يدفعون أيضا بأهمية وجود المجلس لتنفيذ مخرجات التحديث السياسي، ومواصلة النقاش حول قوانين الاصلاح مثل قانون الأحزاب، والإدارة المحلية، والانتخاب، والجرائم الإلكترونية، وان غياب مجلس النواب عن المشهد السياسي والتشريعي لأشهر يضعف ثقة الشارع بالدور النيابي، ويعزز الشعور بضعف المشاركة السياسية، سيما وأن الرقابة النيابية على أداء الحكومة، يؤسس لفكرة عدم تغول سلطة على أخرى، ويعزز مبدأ التوازن بين السلطات، ويعزز ثقة الناس بالمؤسسة التشريعية.
ما بين من يرى ترك المجلس دون انعقاد حتى موعد الدورة العادية، ومن يدفع بأهمية عقد دورة استثنائية نيابية، ويستحضر أولئك ان المجالس السابقة على مدار سنوات لم تغب الدورات الاستثنائية عن جدول اعمالها، تبرز رؤية تقول إنه يمكن دعوة مجلس الأمة للانعقاد في أي وقت بعد تاريخ الثامن عشر من الشهر الحالي وحتى الثلاثين من أيلول المقبل، وبالتالي فان عقد الدورة يمكن أن يكون في أي وقت، وخاصة إذا استكملت الحكومة رؤيتها لقانون الإدارة المحلية وانتهت منه ورأت أنه يتوجب إقراره في دورة استثنائية، حتى تتمكن من اجراء انتخابات المجالس البلدية.