النسخة الكاملة

تحالفات الجيش السوداني مع المليشيات: استراتيجية الحرب المتجددة

الخميس-2025-05-08 05:24 pm
جفرا نيوز -
ظلال المليشيات فوق السودان

منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، برزت المليشيات المسلحة كقوة محورية في تشكيل ديناميكيات النزاع، خاصة تلك المتحالفة مع الجيش، هذه الجماعات، التي تتراوح بين كتائب قبلية وتنظيمات إسلامية متطرفة، لم تكتفِ بتوسيع نطاق نفوذها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، بل أسهمت في تصعيد العنف من خلال عمليات برية وحشية وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين

تقرير صادر عن الأمم المتحدة في قبل أيام كشف عن استراتيجية الجيش السوداني التي تعتمد بشكل رئيسي على هذه المليشيات لتنفيذ العمليات البرية، بينما يركز الجيش على الغارات الجوية العشوائية، التي صنّفها المجتمع الدولي كـ"جرائم حرب".
وفي هذا السياق، يبرز تحالف الجيش مع تنظيمات متطرفة كـ"زواج مصلحة" هش، يهدد بإعادة الإسلاميين إلى السلطة وتعميق الأزمة الإنسانية، و قال ياسر عرمان، القيادي بتحالف "صمود"، في تصريح لموقع سودان تربيون : "الجيش عقد زواج مصلحة مع الإسلاميين المتطرفين، لكن هذا التحالف هش وقابل للانهيار، مما ينذر بمزيد من الفوضى."

استراتيجية الجيش: المليشيات في صدارة القتال

كشف تقرير الأمم المتحدة المقدم إلى مجلس الأمن الشهر المنصرم عن تفاصيل استراتيجية الجيش السوداني في إدارة الحرب ضد قوات الدعم السريع، حيث اعتمد بشكل كبير على المليشيات المسلحة والقوات المتحالفة لتنفيذ العمليات البرية. زار فريق الأمم المتحدة المعني بالسودان مناطق النزاع، ووثّق الدور المحوري لهذه الجماعات في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، خاصة في إقليم دارفور، وفي المناطق التي يسعى الجيش لاستعادتها.

وفقاً للتقرير، يعتمد الجيش على الغارات الجوية العشوائية واسعة النطاق باستخدام الطائرات الحربية والبراميل المتفجرة لاستهداف المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، بينما يُفوّض المليشيات المتحالفة بتنفيذ الاشتباكات البرية المباشرة، هذه الغارات، التي استهدفت مناطق مدنية بما في ذلك أسواق ومستشفيات، تنتهك القانون الدولي الإنساني بموجب الفقرة 6 من قرار مجلس الأمن رقم 1591 لعام 2005، وتصنّف كـ"جرائم حرب"، كما جاء في التقرير: "الغارات الجوية العشوائية التي ينفذها الجيش السوداني تنتهك القانون الدولي وتتسبب في خسائر مدنية جسيمة."

تحالفات جديدة: المليشيات وتوسع النفوذ

أشار تقرير الأمم المتحدة إلى انضمام حركات مسلحة في دارفور إلى الجيش السوداني، حيث أعلن قادة هذه الجماعات ولاءهم للقوات المسلحة، مما زاد من حدة التصعيد العسكري. هذه التحالفات عززت قدرة الجيش على السيطرة على طرق الإمداد الاستراتيجية وحماية المناطق تحت سيطرته، مع عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
ووثّق التقرير أن الجيش كثّف عمليات تجنيد المقاتلين في مايو 2024، مستعيناً بالمليشيات لضم مقاتلين جدد عبر مرحلتين: الأولى تشمل تجنيدهم ضمن المليشيات، والثانية دمجهم في العمليات القتالية المباشرة إلى جانب القوات المتحالفة. هذا النهج مكّن الجيش من تعزيز قوته العسكرية في مواجهة قوات الدعم السريع، لكنه أدى إلى تفاقم الفوضى وانتشار العنف ضد المدنيين.

"زواج مصلحة" مع الإسلاميين المتطرفين

سلط التقرير الضوء على تحالف الجيش مع تنظيمات إسلامية متطرفة، وصفه ياسر عرمان، القيادي بتحالف "صمود"، بـ"زواج المصلحة". في تصريحات قال عرمان: "الجيش السوداني يتعاون مع الإسلاميين المتطرفين وتنظيم الإخوان لتعزيز سيطرته، بينما يسعى هؤلاء للعودة إلى السلطة عبر القوات المسلحة." وأضاف أن هذا التحالف يعكس معاداة الجيش لثورة ديسمبر 2018 التي أطاحت بنظام الإخوان، مما يهدد بإعادة السودان إلى حكم استبدادي.

يُعتقد أن هذا التحالف يفسر رفض قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، للمشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار، كما حدث في محادثات سويسرا في أغسطس العام الماضي. ويرى عرمان أن العلاقة بين الجيش والإسلاميين هشة، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه الخاصة، مما يجعل التحالف عرضة للانهيار. وأكد تحالف "صمود" في بيان بتاريخ 20 أبريل الماضي : "عودة الإخوان والإسلاميين المتطرفين إلى الحكم ستكون خيانة لتضحيات الشعب السوداني، وستؤدي إلى إهدار كفاحه ضد الديكتاتورية."

تداعيات على المجتمع المدني

يرفض المجتمع المدني السوداني بشدة عودة التنظيمات الإسلامية المتطرفة إلى السلطة، معتبراً أن تحالف الجيش معها يهدد بتقويض مكتسبات ثورة ديسمبر، وأعرب تحالف "صمود" عن قلقه من أن استمرار هذا التحالف سيؤدي إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية وزيادة العنف، مما يعرقل أي فرصة لتحقيق سلام دائم أو انتقال ديمقراطي.

السودان على مفترق طرق

يُظهر اعتماد الجيش السوداني على المليشيات المسلحة والتنظيمات المتطرفة في حربه ضد قوات الدعم السريع مدى تعقيد النزاع وخطورته على مستقبل السودان. هذا التحالف، الذي يعزز القدرات العسكرية للجيش في المدى القصير، يهدد بإطالة أمد الحرب وتعميق الأزمة الإنسانية، مع مخاطر إعادة تنظيمات متطرفة إلى السلطة، وفي ظل انتهاكات القانون الدولي وتصاعد العنف، يواجه السودان مفترق طرق: إما تحرك دولي وعربي جاد للضغط على الأطراف المتحاربة ودعم عملية سياسية شاملة، أو استمرار الفوضى التي تُغذيها المليشيات وتحالفات المصالح
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير