جلسة مجلس النواب التي عُقدت مؤخرًا كانت، بكل أسف، أقل بكثير من مستوى التحديات التي يمر بها الوطن. الشعب الأردني تابع الجلسة وهو ينتظر مواقف وطنية تُعبّر عن الهمّ الحقيقي، فإذا به يصطدم بمشهد أقرب إلى استعراضات شعبوية وخطابات مكررة، وكأن الهدف ليس الوطن، بل الكاميرا.
المثير للقلق أن القضية الأهم – وهي الخلية الإرهابية التي تم الإعلان عنها – لم تأخذ حجمها الطبيعي في النقاش. خلية بدأ نشاطها عام 2021، أي قبل سنوات من حرب غزة الأخيرة، وهو ما يُكذّب تمامًا ادعاءات بعض المأجورين بأنها كانت تهدف لـ”نصرة المقاومة”. هذه الخلية لم تكن إلا محاولة للنيل من الأردن وأمنه واستقراره، ومع ذلك مرّ الحدث مرور الكرام تحت القبة.
الأردنيون تساءلوا بمرارة: كيف يمكن لجماعة غير مرخصة قانونيًا مثل جماعة الإخوان أن تبقى نشطة وتمارس تأثيرًا سياسيًا؟ وأين كان صوت النواب حين وُجهت الاتهامات بوضوح؟ وهل هناك من يتغاضى عن القانون ويُمارس الانتقائية في تطبيقه؟
وفي خضم هذا كله، يغيب النقاش الاقتصادي الحقيقي عن الجلسة. الأردن يمر بظروف اقتصادية صعبة، والمساعدات الخارجية تراجعت، والبطالة تنهش في الشباب، وكان الأولى أن نسمع خطابًا وطنيًا صادقًا يطرح حلولًا ويمنح الأمل، لا خطابات حماسية خاوية. بل إن أحد النواب، حين حاول أن يلفت النظر إلى أهمية توجيه طاقات الشباب نحو الإنتاج والعمل بدل جرّهم للشعارات، قوبل بالمقاطعة من رئاسة المجلس، وكأن فتح ملفات الوجع الشعبي أصبح ممنوعًا!
ما نحتاجه ليس المزيد من الكلام، بل رجال دولة حقيقيين. المواطن الأردني لا يبحث عن خطيب، بل عن ممثل يعبّر عنه بحق، ويقاتل من أجله داخل البرلمان كما تقاتل الأجهزة الأمنية على الأرض.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن شكر النواب لجهاز المخابرات العامة والأجهزة الأمنية على جهودهم في كشف المخططات الإرهابية، رغم أهميته، لم يكن كافيًا. كنا ننتظر من النواب أن يطالبوا بتحسين رواتب هؤلاء الأبطال الذين يُقدّمون أرواحهم فداءً للوطن. من الأولى أن يحظوا بالدعم الحقيقي لا بكلمات تُقال وتنتهي مع انتهاء الجلسة.
ومن موقعي كمواطن أردني، أقولها برأيي الشخصي: جلالة الملك، الذي نعرف عنه دقة المتابعة ورفضه للشعبوية والخطابات الفارغة، يُقيّم الناس من أفعالهم لا من أصواتهم. هو يقدّر العمل والإنجاز، لا الاستعراض، ولو تابع الجلسة، كما نعلم أنه دائم الاطلاع، فربما شعر، مثلنا، أن هذه المؤسسة تمضي في طريقٍ يُفقد الناس الثقة بها يومًا بعد يوم.
الناس في الشارع يسألون: من يُمثلنا؟ ومن يدافع عنا؟ والمشهد تحت القبة لم يجب.