النسخة الكاملة

لماذا يزيد معدل الأطفال الذين لديهم إصابة بالتوحد في أمريكا؟

الخميس-2025-04-17 11:53 am
جفرا نيوز -
أظهرت دراسة جديدة صادرة عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، أنّ معدل تشخيص التوحّد بين الأطفال الأمريكيين يتزايد.

تمّ تشخيص طفل واحد تقريبًا بالتوحّد من كل 31 طفلًا عند بلوغ سن الثمانية أعوام في عام 2022، مقارنة بطفل واحد من كل 36 طفلًا في عام 2020. وتباينت معدلات التشخيص بشكل كبير بحسب الجنس، والعرق، والموقع الجغرافي.

أطلقت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية الأسبوع الماضي ما وصفته بـ"جهد ضخم للاختبار والبحث" بهدف تحديد "ما الذي تسبب في وباء التوحّد" بحلول شهر سبتمبر/ أيلول. لكنّ التقرير الجديد الصادر عن الوكالة أشار إلى أنّ التحسّن في ممارسات التشخيص قد يفسّر العديد من النتائج الحديثة.

كتب مؤلفو تقرير الوكالة أنّ التحسينات في الكشف المبكر عن التوحّد "باتت واضحة"، وأضافوا أن "الاختلافات في معدلات انتشار تشخيص اضطراب طيف التوحّد بين المجتمعات، قد تعود إلى تفاوت توفّر خدمات الكشف المبكر، والتقييم، وممارسات التشخيص".

لا يزال الذكور يُشخَّصون بالتوحّد بمعدلات أعلى من الإناث، إذ أنه في عام 2022، كانت معدلات التشخيص بين الأطفال في سن الثامنة أعلى بـ3.4 مرات لدى الصبيان مقارنة بالبنات، وفق التقرير الجديد.

كما أظهر التقرير أنّ تشخيص التوحّد كان أكثر شيوعًا بين الأطفال الآسيويين، وذوي البشرة الداكنة، واللاتينيين مقارنة بالأطفال من البشرة البيضاء، وهو تغيّر لوحظ لأول مرة في التقرير السابق الذي رصد اتجاهات عام 2020. في السنوات الأخيرة، بدأت تشخيصات التوحّد تظهر بمعدلات أدنى في الأحياء الغنية، فيما ارتفعت في الأحياء ذات الوضع الاجتماعي الأقل حظًا.

أفاد باحثون في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها في التقرير الجديد أنّ هذا التغيّر في الأنماط يتماشى مع "تحسّن الوصول إلى خدمات التشخيص وتوفيرها بين الفئات التي كانت تعاني سابقًا من نقص في هذه الخدمات".

لكن لا تزال الفجوات قائمة في آلية تشخيص التوحّد لدى الأطفال الذين يعانون أيضًا من إعاقة ذهنية. ووجد التقرير أنّ أكثر من نصف عدد الأطفال من البشرة الداكنة الذين تم تشخيصهم بالتوحّد عند بلوغهم الثامنة من عمرهم يعانون من إعاقة ذهنية أيضًا، مقارنةً بأقل من ثلث الأطفال من البشرة البيضاء.

واعتبر وزير الصحة والخدمات الإنسانية، روبرت ف. كينيدي الابن، أن التوحّد يمثّل جزءًا من "وباء الأمراض المزمنة" الذي يصيب الأطفال في الولايات المتحدة.

طلبت وكالة كينيدي من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها دراسة العلاقة بين اللقاحات والتوحّد، رغم وجود أدلة علمية قوية وراسخة تُفنّد عدم وجود أي علاقة سببية بين اللقاحات والتوحّد.

في بيان صحفي صدر الثلاثاء، أفاد كينيدي أنّ التوحّد "يمكن الوقاية منه"، مضيفًا أنّ "مخاطر هذه الأزمة وتكاليفها تهدد بلدنا ألف مرة أكثر من كوفيد-19".

رأت الدكتورة أليس كو، أستاذة الطب ورئيسة قسم طب الأطفال في جامعة كاليفورنيا، بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية، أن هناك بالفعل أزمة متعلقة بالتوحّد، لا تتمثل في اكتشاف المزيد من الحالات.

وقالت كو، التي ستتولى قريبًا رئاسة اللجنة الفرعية للتوحد في الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: "الأزمة الحقيقية تتمثّل بأن الأشخاص المصابين بالتوحد في بلدنا يموتون أسرع"، مضيفة أن "هذه القضية تستدعي التحرّك".

وقد أظهرت أبحاث حديثة أن خطر الوفاة المبكرة، سواء لأسباب طبيعية أو غير طبيعية، يفوق الضعفين لدى المصابين بالتوحد مقارنة بغيرهم من السكان.

وجد الخبراء أن الارتفاع في معدلات تشخيص التوحد بين الأطفال يعكس في واقع الأمر مؤشرات إيجابية.

وأفاد الدكتور آندي شيه، المدير العلمي لمؤسسة "Autism Speak"، وهي منظمة غير ربحية تُعنى بالتوعية، والأبحاث، والدفاع عن حقوق المصابين بالتوحّد، في بيان له: "لقد تغيّر الكثير على مر السنين، ويعكس هذا الارتفاع المستمر في معدل الانتشار، جزئيًا، تقدّمًا حقيقيًا، مثل زيادة الوعي، وتوسيع معايير التشخيص، وتوفّر أدوات فحص أكثر دقة وتوحيدًا، الأمر الذي ساهم في اكتشاف حالات التوحد لدى الأطفال بشكل أسرع وأكثر دقة، وهو ما يؤكد أهمية الاستمرار في دعم مجتمع التوحد والاستثمار فيه".

رفضت جمعية التوحد الأمريكية بشكل مباشر الفكرة القائلة بأن ارتفاع معدل انتشار التوحد يشير إلى وجود "وباء". وعلّق كريستوفر بانكس، رئيس الجمعية ومديرها التنفيذي، في بيان: "يجب أن تكون بيانات الانتشار دافعًا لتحقيق العدالة، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات، لا مدعاة للخوف، أو نشر المعلومات المضللة، أو الخطاب السياسي".

وأضاف بانكس: "من المرجّح أنك تعرف شخصًا مصابًا بالتوحد. نحن بحاجة إلى أبحاث موثوقة، مبنية على العلم، لفهم التوحد بشكل أفضل، ضمنًا العوامل التي تساهم في ظهوره، وتنوّع الاحتياجات عبر الطيف".

وتابع: "استكشاف بيانات مثل هذه يتطلّب تمويلًا كبيرًا، ومنهجية بحثية عالية الجودة يقودها خبراء، تتسم بالشفافية، وتتبع عمليات مراجعة علمية محكمة".

من جهتها، وصفت الدكتورة كريستين سول، رئيسة اللجنة الفرعية للتوحد التابعة لمجلس الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة في الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، نتائج التقرير الجديد بـ"المشجعة".

وأشارت في بيان إلى أنه "عندما يتم اكتشاف التوحد في وقت مبكر، يمكن تصميم الدعم والخدمات المناسبة لمساعدة الأطفال وأسرهم على الازدهار".
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير